بعد تجربة 2014.. هل يستطيع التونسيون مراقبة الوعود الانتخابية الجديدة؟

بعد تجربة 2014.. هل يستطيع التونسيون مراقبة الوعود الانتخابية الجديدة؟

أعلنت شبكة “دستورنا” التونسية عن إطلاق ميثاق لمراقبة الوعود الانتخابية، يحتوي على الشروط والمعايير الدولية لصياغة الوعود الانتخابية، بحيث تكون قابلة للمراقبة من حيث مصادر التمويل وتكاليف الإنجاز والمضمون.

واقترحت الشبكة على الأحزاب السياسية -خلال مؤتمر صحفي انعقد في 30 مايو/أيار- ميثاق صياغة الوعود الانتخابية، فيما يستعدّ التونسيون لاستحقاق انتخابي جديد على وقع تقييمات متباينة للنتائج المحقّقة منذ 2014.

ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والانتخابات الرئاسية في 10 نوفمبر/تشرين الثاني.

وتعتبر “دستورنا” -التي يرأسها أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك- من مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في المجال السياسي، والتي تتخذ مواقف ناقدة ترمي إلى بناء حياة سياسية تفاعلية في تونس ما بعد ثورة 2011، وقدّمت منذ إنشائها تصورات عديدة للحياة السياسية التونسية.

الوعود الفضفاضة
يقول بن مبارك للجزيرة نت إنهم اكتشفوا العديد من الإشكالات من ناحية الصياغة والتصور عند مراقبة البرامج المعلنة للأحزاب سنة 2014، إلى جانب الوعود الفضفاضة والعامّة غير القابلة للمتابعة، وبالتالي انعدام إمكانية محاسبة الأحزاب التي صرّحت بها لجماهير الناخبين.

وأضاف أن أطرافا سياسية حزبية استقطبت المواطنين في حملاتها الانتخابية بناء على وعود تتعلّق بإنجازات تحققت في 1976 و1982، مما يدفع بمؤسسات المجتمع المدني إلى لعب دور محوري في مراقبة هذا السيل من الوعود لضمان الجدّية والشفافية في التعامل مع الناخب.

من الإشكاليات المهمة التي وقفت عليها تجربة “نطالبك ونحاسبك” التي أطلقتها شبكة دستورنا، هي عجز الأحزاب السياسية برمّتها عن تحديد التكاليف المالية لبرامجها السياسية والانتخابية، وبالتالي مصادر التمويل التي تقف وراءها.

الأخلاق قبل الميثاق
وثمّنت القيادية البارزة في حركة النهضة محرزية العبيدي جهد شبكة دستورنا المتواصل منذ أربع سنوات، ولفتت الأنظار إلى أهمية الانتباه إلى الوعود الانتخابية وانعكاساتها على العمل السياسي والحزبي.

وقالت للجزيرة نت إن عدم إيفاء حزبي السلطة -في إشارة إلى حركة النهضة ونداء تونس- بالوعود الانتخابية يعتبر أمرا “شبه عادي” في فترة انتقالية، نظرا لأنها اتسمت بتوليفات حزبية لم تلتق فعليا على البرامج، وإن التقييم كان سيأخذ بعدا آخر لو كان هناك حزب سياسي واحد في السلطة يقوم بتطبيق برنامجه الخاص.

وأوضحت محرزية أنه على ضوء نتائج الانتخابات، فإن تحالفات حركة النهضة في المرحلة القادمة يجب أن تبنى على شفافية البرامج وقابليّتها للإنجاز، ليتمكّن الناخبون من تقييم أداء الأحزاب بطريقة موضوعية وسليمة، وهو ما تنكبّ عليه الحركة حاليا.

الميثاق ليس حلاّ
من ناحية أخرى، عبّر المرشح المستقل للرئاسيات قيس سعيّد للجزيرة نت عن عدم قناعته بجدوى هذا الميثاق، مبرّرا ذلك بأن العلاقة بين الناخب والمنتخب هي علاقة تفويض ووكالة، بمعنى أن الناخب يوكل للمنتخب مهمّة تطبيق البرامج التي انتخبه من أجلها، وما لم يكن هناك تنصيص على إمكانية سحب الوكالة فإن العلاقة لن تتغير.

وأضاف أن النصوص كثيرة لكنّها بعيدة عن الواقع، وأن غياب آليات الجزاء في حالة تقصير السياسي المنتخب وحتى رئيس الجمهورية إن استوجب الأمر، يجعله ميثاقا منقوصا.

يذكر أن سعيّد أستاذ في القانون الدستوري، وكان قد أعلن عن ترشّحه كمستقل للانتخابات الرئاسية المقبلة، ورفضه أي دعم سياسي من أي حزب كان.

وعي الناخب
ويرجع عبد الرؤوف العيادي رئيس حركة “وفاء” التي أعلنت دعمها لترشح المنصف المرزوقي للرئاسيات المقبلة، الحالة الراهنة إلى عدم مراجعة وغربلة التجربة التي تلت الثورة التونسية، إذ عملت الآلات الانتخابية على تسويق وعود تتسم بالعمومية وتفتقر لبرامج واضحة المعالم.

وأضاف للجزيرة نت أن المسؤولية تقع في المرحلة المقبلة على عاتق الناخب الذي سيكون له دور حاسم في تقييم أداء مختلف الأطياف السياسية، لذلك يجب أن يكون على درجة كبيرة من الوعي بدقّة المرحلة.

يذكر أن الأحزاب الموقّعة على ميثاق مراقبة الوعود الانتخابية التي دعت إليها “دستورنا” استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، هي: حركة النهضة والجبهة الشعبية والتيّار الديمقراطي والمسار والحزب الجمهوري.

الجزيرة