بعد انضمامها إلى مبادرة طريق الحرير الجديد.. رسائل الجزائر لفرنسا

بعد انضمامها إلى مبادرة طريق الحرير الجديد.. رسائل الجزائر لفرنسا

أثار إعلان الجزائر رسميا انضمامها إلى مبادرة “طريق الحرير الجديد” العديد من التساؤلات، ولا سيما أنه يأتي في ظرف تتأرجح فيه العلاقات التجارية مع فرنسا، وسط دعوات للحراك الشعبي بإعادة النظر فيها.

ووقع الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح الخميس الماضي مرسوما بشأن موافقة الجزائر على الانضمام رسميا إلى مبادرة “طريق الحرير الجديد” التي أطلقتها الصين قبل خمس سنوات، وهو مشروع تبلغ تكلفته تريليون دولار وانضمت إليه حتى الآن 90 دولة.

والصين هي أول مزود للجزائر من حيث السلع، حيث يتجاوز حجم المبادلات التجارية السنوية بين البلدين تسعة مليارات دولار، في حين يبلغ حجم استثمارات الشركات الصينية في الجزائر عشرة مليارات دولار، وفق أرقام جزائرية رسمية.

رسائل
يرى الخبير في شأن الطاقة والاستشراف الاقتصادي مهماه بوزيان في تصريح للجزيرة نت أن خطوة الجزائر تحمل أكثر من رسالة لفرنسا -تحديدا- من خلال التأكيد على انعتاق الجزائر من هالة “المخيال السياسي الفرنسي” الذي يمني نفسه -حسب بوزيان- بالاستفادة من معاملات اقتصادية تفضيلية مع الجزائر، وبأحقيته في السوق الجزائرية وأسبقيته فيها.

وينظر إلى السوق الجزائرية -وفق بوزيان- على الدوام بأنها “سوق للسلع الفرنسية” وليست سوقا عذراء واعدة للاستثمار المنتج للثروة، خاصة بعد انضمام دول أوروبية مناوئة للسياسات الاقتصادية الفرنسية بأفريقيا، مثل إيطاليا التي انضمت مؤخرا إلى المبادرة الصينية.

كما حملت الخطوة الجزائرية -حسب بوزيان- رسالة تثمين لـ”الكمون” الاستثماري الصيني في الجزائر، فعلى سبيل المثال الجزائر وحدها تحتضن 40% من العمال الصينيين بأفريقيا.

كما أن هذه الخطوة -يضيف المتحدث ذاته- رسالة تعزيز لـ”دبلوماسية التنويع الاقتصادي” والتأكيد عليها، بما يكرس التنويع في الشركاء، والتنويع في الاستثمارات، والتنويع في الأسواق، وفي أنماط التمويل المالي للمشاريع، والتنويع في أنماط تركيب الشراكات مع رأس المال الأجنبي.

وحسب الخبير الجزائري، تتضمن الرسالة الأخرى التزام الجزائر بنظرتها المدافعة عن تعدد الأقطاب، وتشجيعها إمكانية بناء محور اقتصادي ناشئ وفاعل قد يشمل الجزائر وأنقرة وطهران وكوالالمبور وبكين وموسكو، دون إغفال قطب مجلس التعاون الخليجي.

ويأتي ذلك في إطار شراكات تتجاوز مناطق الهيمنة التقليدية إلى بناء “الاندماج التشاركي الحيوي” مع الحفاظ على سيادية القرار واستقلاليته، بما يؤهل الجزائر لتكون قطبا اقتصاديا إقليميا وقاريا في المنظور القريب.

محور بكين-موسكو
يرى الخبير الاقتصادي فريد بن يحيى أن انضمام الجزائر إلى هذه المبادرة يمثل تأكيدا للبعد الإستراتيجي ضمن محور بكين-موسكو، وهي أيضا رسالة قوية لفرنسا مؤداها أنها مهتمة بمصالحها، حسب تعبيره.

وأوضح للجزيرة نت أن هذه المبادرة -التي تعتمد طرقا جديدة كإنشاء موانئ في أفريقيا وآسيا وأوروبا وربما في أميركا، والهياكل اللوجستية لتوصيل الإنتاج الصيني، والبنوك الاستثمارية لتمكين شراء بعض المواد التي هي بحاجة إليها على غرار النفط- قد تمكن الجزائر من الاستفادة من مزايا صينية مهمة مثل الميناء المقرر إنشاؤه بمنطقة شرشال (100 كيلومتر غربي الجزائر العاصمة) ومناطق حرة بالصحراء الجزائرية للاستثمار الصيني والروسي بالمنطقة مستقبلا.

وتؤكد خطوة الجزائر حرصها على ضمان مصالحها بعيدا عن الهيمنة الفرنسية، بعد أن ضاقت ذرعا بالوعود الفرنسية منذ عهد الرئيس جاك شيراك، حسب المتحدث ذاته.

وأوضح بن يحيى أن الرئيس الفرنسي كان تعهد بالاستثمار بقوة في الجزائر حين أكد أن كل يورو يستثمر في أوروبا الشرقية سيستثمر مثله في الجزائر، لكن لا شيء من هذه الوعود تحقق، ولم تستفد الجزائر من أي شيء من فرنسا على عكس المغرب أو رومانيا -مثلا- رغم التنازلات الكبيرة التي قدمتها الجزائر ومساهمتها في شراء العديد من الشركات الفرنسية المفلسة.

ورأى بن يحيى أن الوقت قد حان لتعيد الجزائر ترتيب أوراقها مع فرنسا تحديدا.

الجزيرة نت