الضغوط الأميركية تعجّل بنهاية الاتفاق النووي الإيراني

الضغوط الأميركية تعجّل بنهاية الاتفاق النووي الإيراني

فيينا – يشكل إعلان طهران عزمها على وقف الالتزام ببندين آخرين من الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي المبرم عام 2015، دليلا جديدا على مدى هشاشة هذا الاتفاق الهادف إلى كبح برنامجها النووي.

ويأتي ذلك على وقع ارتفاع حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق النووي العام الماضي وصعّدت من ضغوطها على النظام في طهران بفرض عقوبات جديدة في محاولة لوضع حد لتجاوزاته حيال برنامج الصواريخ الباليستية والسياسة العدائية لإيران عبر أذرعها المسلحة وما يشكله ذلك من تهديد لأمن واستقرار دول المنطقة.

وعلى الرغم من أن الإعلان الإيراني لا يطلق رصاصة الرحمة على الاتفاق، إلا أن من شأنه أن يدق إسفينا إضافيا في نعش “موته البطيء” الذي بدأ مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب منه العام الماضي.

وتسعى الإدارة الأميركية من خلال الضغوط المسلطة إجبار إيران على الجلوس على طاولة المفاوضات من جديد والقبول بمحادثات مشروطة.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أمس الثلاثاء إنه يتوقع أن الضغوط التي تمارسها واشنطن على إيران ستدفعها إلى الجلوس إلى مائدة التفاوض.

وإيران اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما إما الرضوخ والدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة وإبرام اتفاق جديد أو فرض المزيد من العقوبات.

ويرى مراقبون أن إيران في نهاية المطاف سترضخ للضغوط الأميركية وتقبل في الدخول في محادثات مع الجانب الأميركي، مؤكدين أن التصريحات العدائية تجاه واشنطن مجرد حرب كلامية للاستهلاك المحلي للظهور في صورة الضحية أمام شعبه.

وأُنجز الاتفاق النووي الحالي المبرم مع طهران في فيينا في 14 يوليو 2015 بعد سنوات من المفاوضات الشاقة بين إيران والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين.

ويهدف الاتفاق في جوهره إلى ضمان اقتصار البرنامج النووي الإيراني على الإطار السلمي، في المقابل تستفيد إيران من رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية الخانقة المفروضة عليها.

لكن الاتفاق تعرّض منذ بدء تطبيقه لانتقادات في الولايات المتحدة، ولا سيما من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي كان حينها مرشّحا رئاسيا، وسرعان ما أعلن انسحابه من الاتفاق بمجرد دخوله البيت الأبيض.

كما باتت السياسة العدائية التي تنتهجها إيران في المنطقة عبر أذرعها المسلحة تهدد بشكل كبير مصالح واشنطن وحلفائها إلى جانب دعمها للتنظيمات الإرهابية.

ودفع ذلك بالولايات المتحدة إلى تحرك من أجل وضع حد لهذه السياسات الإيرانية بفرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني وإدراجه في القائمة السوداء وحظر صادرات النفط الإيراني.

وتقود الإدارة الأميركية مساع حثيثة من أجل إقناع الدول الاتحاد الأوروبي بالخروج من الاتفاق النووي.

وتعليقا على قرار طهران بوقف التزامها ببعض بنود الاتفاق، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن “تقييمنا حول احترام إيران لالتزاماتها لن يكون قائماً أبداً على تصريحات، بل على حقائق، وعلى التقييم الذي تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وتقول الوكالة إن تقاريرها تقتصر على ما تجمعه من حقائق تقنية خلال عمليات التفتيش التي تجريها، وإن مدى التزام إيران بالاتفاق تقرّره الأطراف الموقّعة عليه.

واعتبر تييري كولفيل الباحث في “معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية” ومقرّه باريس أن الاتفاق يواجه خطر “الموت البطيء” وليس الانهيار المفاجئ.

لكنه يؤكد أنه لا يمكن استبعاد خطر الانهيار السريع إن توقّفت إيران عن التعاون مع مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو رفعت بشكل كبير نسبة تخصيب اليورانيوم.

وحذرت كيلسي دافنبورت الباحثة في “رابطة الحد من التسلّح” أنه “إذا تخلّت بقية الدول الموقّعة على الاتفاق عن هذا المسعى بسبب الانتهاكات الإيرانية، فإن ذلك سينسف الاتفاق”.

العرب