على أوباما أن ينسحب من اتفاق مريع مع إيران

على أوباما أن ينسحب من اتفاق مريع مع إيران

تصميم-خاص-إرم-661x365

عندما يشارك مستشارون سابقون للرئيس أوباما في خطاب مفتوح مقدم من الحزبين يحدد مخاوفهم الجماعية من ألا يرقى الاتفاق النووي، الذي تتفاوض الإدارة مع إيران بشأنه، إلى معيار الإدارة نفسها للاتفاق «الجيد»، فهناك خلل ما. إن هؤلاء ليسوا الوحيدين الذين يداخلهم شعور بالقلق والتوتر؛ فالآن وقد انقضى الموعد المحدد لإنهاء المفاوضات، ينبغي على أوباما أن يتجاهل الخطاب القائل بأن إرثه يعتمد على اتفاق من هذا النوع، وأن يكون مستعداً لرفض صفقة سيئة.
قبل عقود من الآن، كان رونالد ريغان يواجه معضلة مشابهة في المحادثات مع الاتحاد السوفياتي في ريكيافيك، بآيسلندا. ورغم معرفته بأن أي اتفاق مع الروس سوف يجعله محل إشادة واسعة، انسحب ريغان، فقط ليعود إلى الطاولة ويتوصل إلى اتفاق أفضل. لقد أدرك ريغان أنه لا معنى لسلام من دون حرية، وأن معرفة الوقت المناسب للانسحاب من طاولة التفاوض لا تقل أهمية عن معرفة وقت الجلوس عليها.
إن التقارير الأخيرة عن وضع المفاوضات النووية، إلى جانب التصريحات الواردة عن مسؤولين كبار بإدارة أوباما، تعطي سبباً وجيهاً لثلاثة مباعث رئيسية للقلق تشمل استعداد الإدارة الواضح للسماح لإيران بالاحتفاظ بسرية عملها النووي السابق الذي كان لأغراض عسكرية، وإمكانية رفع العقوبات غير المرتبطة ببرنامج إيران النووي، وكذلك عدم حرص المفاوضين الأميركيين على إدراج التفتيش الدقيق كجزء من اتفاق نهائي. وتوضح هذه النقاط الثلاث سعياً جامحاً للوصول إلى اتفاق؛ ولكن هذه العوامل تعني التوصل إلى اتفاق فاشل.
وقبل شهرين فقط صرح جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، لشبكة «بي بي إس» بأن النظام الإيراني ستتم مساءلته عن أنشطة التسلح النووي المحتملة السابقة إذا تم التوصل إلى اتفاق. ويقوض عمل إيران السابق المشتبه في أنه يهدف لحيازة أسلحة نووية المزاعم بأنها تسعى إلى برنامج نووي مدني للأغراض السلمية.
وليس من سبيل إلى قياس المستوى الذي وصلت إليه قدرة إيران النووية من دون معرفة ما أخفته طيلة كل تلك السنوات. وبالنظر إلى أن تاريخ البرنامج النووي الإيراني يتسم بالتعتيم والخداع، فإن على إيران إثبات أنه ليس لديها ما تخفيه. هذا لم يحدث، ولكن لا بد أن نصرّ عليه.
بيد أن المفاوضين الأميركيين لا يتمتعون بهذا القدر من الإصرار. وقال كيري مؤخرا: «لسنا متمسكين بمساءلة إيران تحديداً عما فعلته سابقاً في أي من الفترات». ولا تؤدي المواقف المتأرجحة بشدة كهذه لشيء إلا إلى إثارة المزيد من المخاوف في الكونغرس بشأن مسار المفاوضات.
وفيما يتصل بمبعث القلق الثاني، فقد صرح أوباما في أبريل (نيسان) بأن تطبيق العقوبات الأميركية على إيران بسبب دعمها للإرهاب، وانتهاكات حقوق الإنسان، وبرنامجها للصواريخ الباليستية، سوف يستمر بالكامل في ظل اتفاق نهائي. والآن، ووفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، يحاول البيت الأبيض أن يعيد تعريف كافة العقوبات بحيث تصبح جميعها مرتبطة بالنشاط النووي، ومن ثم يمكن رفعها بعد إبرام اتفاق نهائي. فما الذي تغير سوى استماتة الإدارة المتزايدة في التوصل إلى اتفاق؟
إن هذا يبعث على القلق بشدة بالنسبة إلى أمثالنا من أعضاء الكونغرس الذين يعرفون هذه العقوبات بأنها تتصدى لنطاق واسع من تصرفات إيران العدوانية.
وينبغي رفع هذه العقوبات فقط في حال عالج الإيرانيون كافة هذه الأنشطة. كذلك من شأن إعفاء إيران الموعود من العقوبات غير المتعلقة ببرنامجها النووي أن يلغي أي وسيلة ضغط تجبر إيران على الامتثال، ويعاقب النظام على الانتهاكات المقيتة لحقوق الإنسان، والأفعال الإرهابية حول العالم. إن العقوبات هي ما جاء بإيران إلى الطاولة في المقام الأول؛ حيث تراجعت صادرات إيران من النفط الخام بمقدار النصف تقريباً في غضون ثلاث سنوات، وتم حظر البنوك الإيرانية من النظام المالي الدولي، فيما عرقلت العقوبات المكثفة المتعلقة بالانتشار النووي، والصواريخ، والأسلحة النووية، مسعى إيران لتحقيق الهيمنة الإقليمية.
ويعد أي اتفاق يخفف عن الإيرانيين العقوبات، صراحة أو ضمناً، من دون التزام البلاد بتعهداتها القابلة للفحص والتحقق على المدى الطويل اتفاقاً فاشلاً. كذلك أي اتفاق يعتمد على وعد من النظام الإيراني بعدم مراوغته في تنفيذ التزاماته النووية سيكون اتفاقاً فاشلاً. لا بد أن يكون لدى المفتشين الدوليين إمكانية دخول المواقع النووية التي يحتاجون لزيارتها، في «أي مكان وفي أي وقت»، ويشمل ذلك المنشآت العسكرية وغيرها من المواقع الحساسة.
وعلى الولايات المتحدة ألا تمنح لإيران أي سلطة للرفض بشأن المفتشين الدوليين. فمن شأن رفض النظام الإيراني الامتثال لعمليات التفتيش ذات الصلاحيات الكبيرة أن يكون مؤشراً يدل على أنها تنوي مواصلة خداعها.
ولم يكن لكلمات المرشد الإيراني علي خامنئي أي تأثير يذكر يبدد هذه الفكرة؛ فقد تعهد خامنئي برفض السماح للمفتشين الدوليين بزيارة المواقع العسكرية الإيرانية، أو مقابلة العلماء النوويين. وأقر برلمان إيران ذلك، إذ أقر تشريعاً يحظر أعمال التفتيش من هذا النوع ضمن أي اتفاق نهائي.
وبينما تتواصل المفاوضات، يقف الكونغرس على أهبة الاستعداد للدفاع عن مصالح الأمن القومي الأميركي الأساسية، في مواجهة أي اتفاق فاشل مع إيران. والأمل أن يدرك الرئيس أوباما الحكمة في النموذج الذي قدمه الرئيس ريغان.

كيفن مكارثي

صحيفة الشرق الأوسط