عراقيون يعزون حريق معمل كبريت المشراق إلى الفشل الحكومي

عراقيون يعزون حريق معمل كبريت المشراق إلى الفشل الحكومي

تواصل فرق الدفاع المدني جهودها للسيطرة على حريق معمل كبريت المشراق جنوب الموصل، فيما لم تنجح محاولات السلطات المحلية تهدئة القلق والمخاوف من خطورة تداعيات الحرائق والغازات السامة المنبعثة عنها. وحذر النائب العراقي أحمد الجبوري من خطر الحرائق التي وصلت إلى محافظات أخرى مطالبا الحكومة بـ”الاستعانة بالمجتمع الدولي”، وهو التصريح الذي وجد صدى لدى أوساط عراقية تعتبر أن السبب في الحريق هو الفشل الحكومي في احتواء الأزمات وفي حماية الشعب وثرواته إلى جانب عدم اتخاذ أبسط إجراءات السلامة في مؤسسات تعمل بمواد خطرة.

بغداد – حاولت السلطات المحلية في محافظة نينوى العراقية تهدئة مخاوف سكان المناطق القريبة بإعلان قرب سيطرتها الكاملة على حريق معمل كبريت المشراق جنوب الموصل، لكن تلك التصريحات لم تنجح في إنهاء الحديث عن قرب وقوع كارثة بيئية في المنطقة تأثرت بتداعيات احتراق كميات هائلة من الكبريت ما تسبب في انبعاث غازات سامة، بحسب شهود عيان وسياسيين ومصادر من الدفاع المدني.

وأعلن الدفاع المدني العراقي الخميس قرب سيطرته التامة على حرائق معمل كبريت المشراق جنوب الموصل، التي تبعد عن بغداد 400 كلم شمالا.

وقال مدير عام الدفاع المدني اللواء كاظم سلمان بوهان إنه “تمت السيطرة على حرائق المشراق بنسبة 80 بالمئة”.

وحذر النائب العراقي أحمد الجبوري الخميس من أن “الحرائق الكبريتية مازالت مستمرة رغم إطفاء ألسنة اللهب”، قرب معمل كبريت المشراق جنوب الموصل التي تبعد عن بغداد 400 كلم شمالا.

وحذر الجبوري، في مؤتمر صحافي في مبنى البرلمان، من أن “الخطر مازال قائما في معمل كبريت المشراق لأن الدخان وصل إلى محافظات أخرى”، مطالبا الحكومة “بالاستعانة بالمجتمع الدولي”.

وألقى عراقيون بمسؤولية اندلاع الحريق في معمل الكبريت على عاتق الحكومة واتهموها بـ”الفشل الواضح في حماية مقدرات وثروات الشعب العراقي”، لاسيما مع عدم اتخاذ إجراءات السلامة الضرورية في المصانع التي تعتمد في نشاطها على مواد خطرة وقابلة للاشتعال وعدم توفير تجهيزات الوقاية والسلامة اللازمة لهذه المؤسسات، بالإضافة إلى ضعف موارد وإمكانيات السلطات المحلية خاصة الدفاع الوطني.

واعتبر هؤلاء أن خروج حرائق الكبريت عن السيطرة سيتسبب في كارثة بيئية في الموصل.

فيما ربط آخرون بين حرائق معمل الكبريت بالمشراق وحرائق أخرى شهدتها مناطق مختلفة من البلاد وأتت على جزء هام من المحاصيل والأراضي الزراعية، ما جعل الكثير من العراقيين يشككون في الأسباب الحقيقية التي اندلعت بموجبها هذه الحرائق بالنظر إلى حجمها وكثرتها حيث اعتبروا أنها ليست مصادفة بل بفعل فاعل.

وبحسب آخر إحصائية رسمية صادرة عن مديرية الدفاع المدني العراقي، “حصيلة المحاصيل الزراعية التي احترقت من 8 مايو حتى 24 يونيو الجاري، بلغت 328 حادثا”.

ومنذ بدء موسم حصاد القمح في أبريل انتشرت الحرائق في محافظات ديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين العراقية، في حين لا تملك الحكومة التي تعاني من آثار سنوات الحرب والفساد موارد تذكر للتصدي لحملة الكر والفر الجديدة التي يشنها المتشددون.

وتهون الحكومة في بغداد من شأن الأزمة، وتقول إن الحرائق التي تم إشعالها عمدا قليلة جدا، وإن المساحة التي شبت فيها الحرائق من الأراضي الزراعية ضئيلة للغاية.

وإلى جانب اتهام تنظيم الدولة الإسلامية بالوقوف وراء اندلاع هذه الحرائق، قال العديد من المزارعين الذين أتت النيران على أجزاء هامة من محاصيلهم أو على معظمها إن السبب الحقيقي “هو إهمال السلطات”.

وقالت وسائل إعلام محلية إنه تم الخميس الإعلان عن حالة الاستنفار القصوى بمحافظة نينوى “بسبب اشتعال الكبريت من جديد”.

وتحدثت نفس المصادر عن وجود “العشرات من الإصابات بالاختناق بسبب الاحتراق غير التام لمركبات ومخلفات كبريتية في أطراف حقول المشراق بناحية الشورة”، كما تضررت المحاصيل الزراعية من الخضروات في قضاء الحويجة بحسب شهادات سكان المنطقة وما أظهرته صور تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية.

ومساء الأربعاء، خرج عن السيطرة حريق في أراض زراعية قريبة من الشركة العامة للكبريت، بمنطقة المشراق، ووصل إلى موقع مخلفات الكبريت، ما تسبب بانبعاث أدخنة سامة بشكل كثيف.

وقال الجبوري إن الأهالي “استطاعوا إبعاد النيران عن المخلفات الكبيرة، لكنها وصلت إلى الآبار الكبريتية التي مازالت تحترق وتسببت بحالات اختناق كثيرة” نظرا للغازات السامة المنبعثة من الحرائق.

لكن اللواء كاظم سلمان بوهان قال الخميس “لا توجد أي خطورة على المناطق المجاورة، ونمتلك كافة المستلزمات الخاصة بالدفاع المدني من أقنعة واقية وآليات حفر”.

وكانت السلطات المحلية قد طالبت مساء الأربعاء سكان المناطق المجاورة والقريبة من معمل الكبريت الذي يشهد الحرائق بإخلاء تلك المناطق تفاديا للاختناق.

ومن جانبه، بدأ الدفاع المدني الخميس المرحلة الثالثة والأخيرة من عمليات إطفاء الحرائق في معمل كبريت المشراق. وأعلن مدير الدفاع المدني في محافظة نينوى العقيد حسام الدين خليل أن “المرحلة الثالثة والأخيرة من عمليات الإخماد انطلقت والتي تحاول إخماد مخلفات الكبريت ومنع وصول النيران إلى جبال خزين الكبريت النقي”.

وأكد العقيد حسام الدين خليل، في تصريح لموقع إخباري محلي، أن ”محاولات إطفاء النيران مستمرة“. وأوضح أن ”المشكلة التي تواجه عمليات الإخماد هي أن مادة الكبريت بعد الحرق تنصهر وتغلي من تحت الأرض ولا تخمد بالماء فحسب إلا من خلال دفنها بالطين بواسطة الآلات والحفارات، ما يتطلب المزيد من الوقت لإنهاء المهمة بشكل كامل“.

وقال الجبوري “بحال لم تستطع الحكومة فعل شيء، فعليها الاستعانة بالمجتمع الدولي، وأن تكون واضحة”.

وحمّل النائب البرلماني رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي المسؤولية الكاملة بحال حصول كارثة إنسانية “وهي تسبب خطورة بيئية على البشر والمحاصيل”.

وأعلنت وزارة الدفاع الأربعاء السيطرة على حريق قرب الشركة العامة لكبريت المشراق بنينوى ومصرع أحد عناصر الدفاع المدني وإصابة 8 آخرين.

وكان مصدر أمني قد أعلن في وقت سابق من الأربعاء اندلاع حريق ضمن محيط معمل كبريت المشراق وأن 11 عجلة إطفاء تعمل على إخماد الحريق ومكافحته من أجل عدم انتشاره داخل المعمل.

وتتبع الشركة العامة للكبريت وزارة الصناعة والمعادن وتم إنشاؤها في 1969 وتستخرج الكبريت من حقل المشراق في عملية تنتج الكثير من المخلفات السامة والسريعة الاشتعال.

العرب