علاوي وتنظيمه الجديد: سياسي لا يكلّ ولا يملّ.. ولا ينجح

علاوي وتنظيمه الجديد: سياسي لا يكلّ ولا يملّ.. ولا ينجح

بغداد – يبدو السياسي العراقي المخضرم إياد علاوي منفصلا عن الواقع الذي يفترض أن يكون جزءا منه، فيما يصرّ على العمل من أجل العودة إلى منصب رئيس الوزراء، الذي شغله أشهرا عدة عندما شكلت أول حكومة مؤقتة على يد الأميركيين بعد إسقاط نظام صدام حسين.

وأعلن علاوي عن إطلاق تجمّع جديد باسم المنبر العراقي من مدينة أربيل في كردستان العراق.

وتقلب علاوي في مسعاه للعودة إلى رئاسة الوزراء، بين مشاريع سياسية مختلفة خلط في بعضها بين الديني والعلماني، وكاد يحقق مبتغاه عندما خرجت القائمة “العراقية” التي كان يترأسها في 2010، فائزة في الانتخابات العامة ما وضعه على بعد خطوة من بدء تشكيل الحكومة، لكنّ رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي قطع الطريق عليه عندما استصدر تفسيرا قضائيا لمفهوم “الكتلة الأكبر”، ليكون دالا على التجمع الذي يتشكل داخل البرلمان بعد تصديق النتائج، وليس الفائز بالمركز الأول في الانتخابات نفسها.

ومنذ ذلك الحين يصدّر علاوي نفسه بصفة “المظلوم” الذي استلب حقه في تشكيل الحكومة، بالرغم من أن قائمته لم تكن لتحقق الفوز لولا اعتمادها على بعض أبرز الساسة السنة المتهمين بالإرهاب آنذاك، وفي مقدمتهم طارق الهاشمي، الذي تحوّل من نائب لرئيس الجمهورية إلى مطلوب دولي للقضاء العراقي بتهمة دعم جماعات متشددة تورطت في أعمال عنف ضد عراقيين.

وخلال انتخابات 2014 عاد الوزن السياسي لعلاوي إلى حالته الطبيعية عندما اختار أن تكون قائمته المنافسة مكونة من ساسة علمانيين، إذ حقق أقل من 20 مقعدا في البرلمان ما وضعه في خانة “القوائم الصغيرة”، ما يعني أن عليه انتظار معجزة ليصبح رئيسا للوزراء وهو ما لم يتحقق.

مع ذلك، عاد علاوي إلى المنافسة في انتخابات 2018 متحالفا مع ساسة سنة تراجعت حظوظهم بشدة، مثل صالح المطلك وسليم الجبوري، إذ فشل الأول في تحقيق أي مقعد عبر ممثليه في قائمة رئيس الوزراء السابق، وفشل الثاني في الحصول على مقعد لنفسه في البرلمان الجديد بالرغم من أنه كان يشغل لحظة إجراء الاقتراع منصب رئيس مجلس النواب.

وحتى الآن، لا توفر قائمة علاوي عددا دقيقا لنوابها في البرلمان، إذ يشاع أنهم 15، بينما يقول سليم الجبوري إنه يتحكم بقرار سبعة منهم، بالرغم من عدم فوزه شخصيا في الانتخابات.

ويقول آخرون إن علاوي لا يملك قرارا في قائمته إلا على نائب واحد، وهو ما دفعه بشدة بعيدا عن الواجهة السياسية في البلاد.

لكن علاوي مصر على الحضور حتى إذا تسبب بحرج بالغ لتاريخه السياسي الذي يفخر به، وعلاقاته الوثيقة مع بعض الرؤساء والزعماء في المنطقة والعالم، حيث اختار أن يشكل تجمعا سياسيا تحت عنوان “المنبر العراقي”، بعدما لاح له أن قائمته البرلمانية لم تعد قائمته.

ويقول مراقبون إن أهداف علاوي من وراء تشكيل هذا التجمع الجديد في اسمه والمستهلك في أسماء أعضائه، تبدو غامضة، إذ بدأ الحديث عنه في بغداد وأطلق بعضا من البيانات الغاضبة ضد حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، قبل أن يجري الإعلان عن أن مقر “المنبر العراقي” سيكون في أربيل وليس في العاصمة العراقية.

ويرتبط علاوي بعلاقة وثيقة مع الزعيم الكردي المخضرم مسعود البارزاني، الذي يهيمن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامته على الوضع السياسي في أربيل، ما يشير إلى أن رئيس الوزراء الأسبق يفتش عن مكان يسمح لأعضاء “المنبر العراقي” بتوجيه النقد للحكومة من دون الخضوع للملاحقة.

وعادة ما يتخذ الساسة المعارضون للحكومات العراقية بعد 2003 من أربيل مقرا للظهور في وسائل الإعلام، لكن أحدا منهم لم يوفق في تحويل معارضته إلى مشروع سياسي ناجز، وهذا ما يبدو عليه حال علاوي ومنبره الجديد، وفقا لمراقبين.

وبحسب بيان إعلان تشكيل المنبر الجديد، فقد “جرى انتخاب النائب السابق علاء مكي ليكون مسؤولا للمجلس المركزي للمنبر في إقليم كردستان العراق، بالإضافة إلى 16 عضوا آخرين كأعضاء للمجلس، مع مراعاة التمثيل النسوي”.

وقال مكي، بحسب البيان، إن “المنبر العراقي كيان وطني طوعي مستقل وسيتبنى مسارات الاعتدال وإعلاء سيادة القانون واستقلالية القضاء”.

وتابع أن “قيادة المنبر بزعامة إياد علاوي وضعت أهدافا استراتيجية وأخرى مرحلية”، مشيرا إلى أن “إصلاح النظام السياسي بعيدا عن الإقصاء والتهميش والطائفية” يأتي في مقدمة أهداف المنبر الجديد.

ويهدف المنبر إلى “بناء مؤسسات الدولة المتكاملة وفق معايير الكفاءة والنزاهة بالإضافة إلى مكافحة الفساد المالي والإداري وتغيير مفوضية الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات”.

وبالنسبة للكثيرين، فإن الحديث عن إصلاح النظام السياسي في العراق من قبل الساسة الذين أسهموا في تخريبه، لم يعد يثير الاهتمام في ظل تبني جميع الأحزاب السياسية لهذا المصطلح.

وفي ما يتعلق بهدف “بناء دولة المؤسسات”، الذي تحدث عنه بيان تجمع علاوي الجديد، فهو شعار يغلف معظم أنماط الخطاب السياسي في البلاد منذ 2003، من دون أن يتجسد عبر أي مشروع سياسي، ما أفقده قيمته الحقيقية.

العرب