هل يعود علي باباجان إلى أضواء السياسة التركية؟

هل يعود علي باباجان إلى أضواء السياسة التركية؟

تكشف الأنباء الواردة من تركيا عن تحركات دؤوبة لعدد من الشخصيات السياسية الوازنة قد تتمخض عن تشكيل أحزاب جديدة أو حزبين تحديدا، في ضوء تراجع حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي تجلى في خسارته إسطنبول وأنقرة في الانتخابات البلدية الأخيرة.

علي باباجان من أبرز الأسماء التي عادت إلى المشهد السياسي، إذ تقول تقارير من مصادر مختلفة إنه يستعد لإعلان حزب جديد بالتعاون مع الرئيس التركي السابق عبد الله غل الذي سيكون راعيا لهذه الحركة السياسية الجديدة.

ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مستشارين سياسيين نهاية الأسبوع الماضي قولهما إن باباجان وغل -وهما من أبرز مؤسسي حزب العدالة والتنمية- يستعدان لإطلاق حزب جديد. وقال أحد المستشارين إن الإعلان سيكون في الخريف على الأرجح، مضيفا أن سياسات الحزب الجديد ستضاهي بدايات حزب العدالة والتنمية الذي تأسس عام 2001.

وذكر المصدر الآخر أن باباجان وغل يفكران في إنشاء الحزب منذ نحو ستة أشهر، وأن الفكرة تعززت بعد خسارة العدالة والتنمية للمدن الرئيسية في الانتخابات البلدية التي جرت يوم 31 مارس/آذار الماضي، والتي تأكدت في الانتخابات المعادة على رئاسة بلدية إسطنبول.

في السياق نفسه، قال الكاتب في صحيفة “خبر ترك” محرم صاري قايا -وفقا لتقرير ترجمه موقع ترك برس- إن باباجان أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقراره إنشاء حزب جديد. لكن هذا النبأ الذي جرى تداوله أيضا في عدد من المنصات الإعلامية، ما زال غير مؤكد.

ويضيف صاري قايا أنه لا بد لباباجان أن يستقيل من حزب العدالة والتنمية الحاكم لأنه عضو في مجلس المؤسسين، وستتبعه لاحقا شخصيات أخرى مثل بشير أطلاي ونهاد أرغون.

خطة باباجان
ويشير الصحفي التركي إلى أن باباجان ورفاقه لا يريدون الظهور بمظهر منشقين عن العدالة والتنمية ويتحركون بشكل متحفظ. وحتى فيما يتعلق باسم الحزب، يسعى المؤسسون لاختيار اسم بعيد عن “العدالة والتنمية”. وأضاف أن الموعد المتوقع لإعلان الحزب هو سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول القادمان، بينما أشارت مصادر أخرى إلى مواعيد أبكر من ذلك.

وفي موازاة هذه الحركة، يُعتقد أن رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو -العضو البارز في الحزب الحاكم الذي اختلف مع أردوغان- يسعى هو أيضا إلى إنشاء حزب جديد. وكانت الأنباء قد تضاربت بادئ الأمر بشأن احتمال تعاون غل وباباجان وداود أوغلو لإنشاء حزب واحد، غير أن أغلب المصادر ترجح في الآونة الأخيرة أن يتخذ داود أوغلو مسارا منفصلا عنهما.

وعن هذه التطورات والأخبار المتضاربة، قال الكاتب في صحيفة “خبر ترك” فاتح ألطايلي -وفقا لترجمة موقع ترك برس- إنه ما من أحد في حزب العدالة والتنمية يأخذ الحزب المزمع لداود أوغلو على محمل الجد، ولا تعتقد أوساط العدالة والتنمية أن لداود أوغلو حاضنة شعبية، ولا ترى أن بإمكانه تحقيق شيء ما.

لكنّ هناك ترقبا وقلقا بخصوص ما سيفعله علي باباجان وعبد الله غل وفقا للكاتب، إذ تقول أوساط العدالة والتنمية إنهما قد يحققان شيئا، “لأنهما سيحصلان على دعم من الداخل والخارج، وأوساط الأعمال ستتحمس لهذا التكتل، والسياسة الغربية والمؤسسات الدولية ستتقبله وتجري اتصالات معه فورًا، وإذا شارك في الانتخابات فقد يحصل على 20% أو ربما أكثر”.

ويضيف الكاتب أن باباجان وغل ليسا في عجلة من أمرهما، ولا يريدان الشروع في العمل مبكرا، لأنه لن تجرى انتخابات طوال أربع سنوات على الأرجح (حتى 2023 موعد الانتخابات العامة المقبلة)، ولأنهما لا يريدان أن يكونا مستهدفين من حزب العدالة والتنمية وزعيمه الرئيس أردوغان على مدار أربع سنوات.

لكنه يستدرك أنهما لا يغفلان أيضا احتمالا ضئيلا للتوجه إلى انتخابات مبكرة. وعن سياسة الحزب الجديد يقول الكاتب إن باباجان يريد تشكيل حزب يضم جميع الأطياف في إطار “محافظ جديد-ليبرالي جديد”.

خلفيات السياسي العائد
اقتحم باباجان عالم السياسة برفقة أردوغان، إذ كان أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية عام 2001، وقد انتخب عضوا في البرلمان عن أنقرة عام 2002، وتم تعيينه وزيرا للاقتصاد ضمن أول حكومة للعدالة والتنمية في العام نفسه، وكان أصغر أعضاء الحكومة، في عمر 35 عاما فقط.

يُنسب إلى باباجان الفضل في إدارة دفة الاقتصاد التركي باقتدار، وتحقيق سلسلة من النجاحات في زيادة معدل النمو الاقتصادي، وقد تولى مواقع أخرى في الحكومة منها وزير الخارجية، ثم نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الشؤون الاقتصادية حتى أغسطس/آب 2015. ومنذ ذلك الحين توارى باباجان عن الأنظار وظل بعيدا عن أي دور سياسي.

يحمل باباجان شهادة جامعية في الهندسة الصناعية، وقد أنجز دراسات عليا في الولايات المتحدة أوائل التسعينيات، قبل أن يعود إلى تركيا ويدير شركة عائلته في قطاع المنسوجات.

وقد تميز باباجان بكونه من الكفاءات التي عززت علاقات حكومة العدالة والتنمية بالعالم الخارجي وسهلت تواصلها مع المؤسسات الدولية، ولم يضطر لخوض غمار المعارك التقليدية في السياسة التركية.

الجزيرة