الحوثيون يقابلون جهود غريفيث بالتصعيد في الحديدة

الحوثيون يقابلون جهود غريفيث بالتصعيد في الحديدة

بينما يواصل المتمرّدون الحوثيون تعديل تحرّكاتهم السياسية والعسكرية في اليمن وفق الأجندة الإيرانية وتطوّرات الصراع الذي تخوضه طهران ضدّ خصومها الدوليين والإقليميين، تلوح مؤشرات على انطلاق معركة جديدة في اليمن ضدّ إيران وأذرعها تتوّلى المهمّات الرئيسية فيها القوات اليمنية، ويكتفي التحالف العربي خلالها بدور الإسناد والتوجيه.

الحديدة (اليمن) – أعاد المتمرّدون الحوثيون رفع درجة التوتّر في محافظة الحديدة وذلك بتنفيذهم تحرّكات عسكرية قطعت حالة الهدوء النسبي السائد في المحافظة ودفعت الهدنة الهشّة القائمة بموجب اتفاق ستوكهولم نحو الانهيار الكامل، في ظلّ بروز تحوّلات هامّة في المشهد العسكري بالساحل الغربي اليمني حملت ملامح انطلاقة جديدة لمعركة تحرير ذلك الشريط الساحلي ذي الأهمية الاستراتيجية لأمن الملاحة الدولية.

وأعقبَ الكشفَ عن تنفيذ دولة الإمارات العضو الرئيسي في تحالف دعم الشرعية اليمنية بقيادة السعودية، إعادة انتشار لقوّاتها بما في ذلك المتمركزة في الحديدة، الإعلانُ عن عملية إعادة تنظيم وهيكلة للقوات اليمنية المتعدّدة العاملة في مناطق الساحل الغربي تقوم أساسا على توحيد قيادتها.

وأعلن قائد قوات حراس الجمهورية بالساحل الغربي العميد طارق محمد صالح أنّ كل القوات التي تقاتل في الساحل الغربي تم دمجها ضمن هيكل موحّد، مبيّنا في تغريدة على تويتر أنّ هذه القوات أصبحت لها قيادة عسكرية واحدة، فيما كشف المتحدث الرسمي باسم قوات تحرير الساحل الغربي، وضاح الدبيش، أن القيادة المشتركة لتلك القوات مشكّلة من جميع أطياف القوات الموجودة على تلك الجبهة، في إشارة إلى قوات العمالقة والمقاومة التهامية والمقاومة الوطنية.

وبحسب مصادر يمنية، فإن خطوة توحيد القوات جزء من ترتيبات تقوم على إعادة توزيع الأدوار في عملية تحرير المناطق اليمنية من سيطرة الحوثيين بما في ذلك مناطق الساحل الغربي، وذلك بإسناد المهام الرئيسية على الأرض للقوات اليمنية على أن يقتصر دور التحالف العربي على التأطير والتوجيه والإسناد الجوّي.

وقال صادق دويد المتحدث باسم قوات المقاومة اليمنية إنّ القيادة المشتركة لجبهة الساحل الغربي ستكون تحت إمرة قيادة التحالف العربي.

وأضاف في تغريدة على تويتر أنّ تلك القيادة “حددت هدفها المتمثل بكسر سطوة الكهنوت الحوثي الجاثم على الأرض اليمنية، وليست معنية بالخلافات الحزبية والتباينات والمصالح الضيقة”.

وأعلن الجيش اليمني، الخميس، أن جماعة الحوثي دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة الحديدة ونشرت مئات من عناصرها.

وسبق الدفعَ بتلك التعزيزات قصفٌ عشوائي بقذائف الهاون نفّذه الحوثيون ليل الأربعاء- الخميس على مطاحن البحر الأحمر بالحديدة حيث توجد صوامع لتخزين الحبوب تحوي كميات هامّة من القمح تابعة لبرنامج الأغذية العالمي ومعدّة للتوزيع على المناطق اليمنية حيث يواجه مئات الآلاف من السكان نقصا في الأغذية. كذلك استهدف الحوثيون بالقصف عدّة مواقع للقوات اليمنية في مديرية التحيتا جنوب الحديدة.

وإقليميا تزامنت الخطوات التصعيدية للحوثيين مع ارتفاع حدّة التوتّر في المنطقة على خلفية التراشق بين الولايات المتحدة وعدد من حلفائها من جهة، وإيران من جهة مقابلة.

وكثيرا ما ربط المتابعون للوضع في المنطقة تحرّكات الحوثيين في اليمن وتكتيكاتهم العسكرية، بالأجندة الإيرانية.

ويبدو اليمن أكثر من أي وقت مضى في قلب الصراع بين إيران وخصومها الإقليميين والدوليين. ومؤخّرا قالت الولايات المتحدة إنّها بصدد إنشاء تحالف عسكري لتأمين ممرات الملاحة الدولية في المنطقة بما في ذلك الممرات الواقعة قبالة السواحل اليمنية وعلى رأسها مضيق باب المندب.

ولم تستبعد مصادر يمنية أن تكون تحرّكات الحوثيين في الحديدة جزءا من إجراءات استباقية إيرانية استعدادا لتصعيد صراع الممرات البحرية والمضائق.

وقالت ألوية العمالقة التابعة للجيش اليمني والمنتشرة في الساحل الغربي إن تعزيزات عسكرية ضخمة للحوثيين وصلت فجر الخميس إلى مدينة الحديدة.

وأضافت في خبر على موقعها الرسمي أن التعزيزات تتضمن آليات عسكرية وعربات ومدرعات. وذكرت أنّ المئات من المسلحين الحوثيين، يرتدون لباس الأمن المركزي (قوات أمنية رسمية) انتشروا في شوارع المدينة، وقاموا بنصب نقاط تفتيش.

ويدّعي الحوثيون أنّهم استكملوا في مايو الماضي المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في الموانئ الثلاثة الحديدة والصليف، ورأس عيسى تنفيذا لاتفاق ستوكهولم لكن الحكومة اليمنية تنفي ذلك وتقول إنّهم سلموا الموانئ لعناصر تابعة لهم، بما يخالف الاتفاق. وفي ديسمبر الماضي توصلت الحكومة والحوثيون برعاية الأمم المتحدة، إلى اتفاق في السويد بشأن الوضع في الحديدة، ينصّ على سحب قوات الحوثيين من المحافظة وموانئها تمهيدا لمفاوضات تنهي الحرب في اليمن، لكن خلافات بين الطرفين بشأن تفسير بنود الاتفاق أدت إلى تأجيل تنفيذه.

وتزيد التحرّكات العسكرية الحوثية الجديدة من تعقيد مهمّة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في محاولته تنفيذ الاتفاق، وزار في هذا الإطار كلاّ من موسكو والرياض وأبوظبي ومسقط، كما قادته جولته الموسّعة إلى واشنطن، حيث التقى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وبحث معه “آخر تطورات المساعي الأممية من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة اليمنية”.

وورد في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية بشأن اللقاء الذي جرى بمقر الوزارة في واشنطن أن بومبيو أعرب للمبعوث الأممي عن قلقه حيال الهجمات التي يشنها الحوثيون على السعودية.

العرب