تمهيدًا لتوطين فلسطيني.. هل دارت عجلة التهجير من لبنان؟

تمهيدًا لتوطين فلسطيني.. هل دارت عجلة التهجير من لبنان؟

عادت قضية اللاجئ الفلسطيني في لبنان إلى الواجهة، إثر تطبيق وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان، خطة عمل يفرض أبرز بنودها على العمال غير اللبنانيين الحصول على تصريح بالعمل، وهي خطوة اعتبر منتقدون أنها تُضر بالقضية الفلسطينية، وتدخل ضمن إجراءات تنفيذ “صفقة القرن”.

وفي تصريح للأناضول، يعتبر ممثل حركة “حماس” في لبنان، أن إجراءات وزارة العمل (بدأت في 6 يونيو/ حزيران الماضي) تستهدف الضغط على الفلسطينيين اقتصاديًا لتهجير العدد الأكبر منهم، تمهيدًا لتوطين البقية.

فيما يرى محلل سياسي أن عملية التهجير بدأت قبل أشهر، مقابل وعود غربية بمساعدات اقتصادية، وأنه لا يمكن فصل هذا الملف عن “صفقة القرن” ولا ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.

ويعيش 174 ألفًا و422 لاجئًا فلسطينيًا، في 12 مخيمًا و156 تجمعًا بمحافظات لبنان الخمسة، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبناني.

** ضغط اقتصادي

ممثل حركة “حماس” في لبنان، أحمد عبد الهادي، يقول إن خطة وزارة العمل اللبنانية لتطبيق قانون العمل “تعتبر اللاجئ الفلسطيني أجنبيًا، وهذه هي المشكلة”.

وأضاف عبد الهادي، في تصريح للأناضول: “هذا خطأ في مقاربة الوجود الفلسطيني بلبنان، فاللاجئ لا يمكن اعتباره أجنبيًا ولا وافدًا، وهو أيضًا ليس مواطنًا”.

ويعتبر أن مطالبة اللاجئ الفلسطيني بالحصول على إجازة عمل “تضرب القضية الفلسطينية، وتزيد من معاناة الفلسطيني الإنسانية بصفته لاجئ”.

ويتابع: “الأشقاء في لبنان وقفوا مع الشعب الفلسطيني، وضغطوا على الوزير، وطلبوا منه أن يوقف الإجراءات، ويحيل الأمر إلى الحكومة، لكنه لم يعلن ذلك بوضوح، وستستمر الاحتجاجات في مختلف المخيمات”.

ويستطرد: “الحل هو أن يعلن الوزير رسميًا وقف كل الإجراءات، وإحالة الأمر إلى الحكومة أو إلى لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني (حكومية) لحلها، حتى لا تتفاقم الأمور”.

ويرى عبد الهادي أن ما يحدث “طبيعي في ظل الضغوط الأمريكية على لبنان بمسألة التوطين، ضمن صفقة القرن، بالتزامن مع مؤتمر المنامة (الاقتصادي في يونيو/ حزيران الماضي)، وما نتج عنه من توزيع مبالغ على دول مضيفة للاجئين فلسطينيين من أجل التوطين”.

وعرض مؤتمر المنامة الشق الاقتصادي من “صفقة القرن”، وكشف عن خطة لضخ 50 مليار دولار في الاقتصاد الفلسطيني واقتصادات كل من مصر والأردن ولبنان (دول تستضيف لاجئين فلسطينيين)، لحلحلة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

وبينما شاركت مصر والأردن برفقة دول عربية أخرى في المؤتمر، قاطعه لبنان ودول عربية أخرى.

ويعتبر عبد الهادي أن “الهدف من ذلك (الإجراءات اللبنانية) هو تدهور الأوضاع الاقتصادية للاجئ الفلسطيني، بحيث لا يستطيع العيش في لبنان، وحينها إذا عُرض عليه أي شيء يقبل به أو يُخيّر بالهجرة”.

ويتابع: “هناك معلومات أن جهات في لبنان، من شخصيات ومؤسسات، سعت لترتيب تأشيرات إلى دول أجنبية بالعشرات والمئات أحيانًا، خلال الأشهر الماضية”.

ويوضح أن “موضوع تسهيل الهجرة للاجئ الفلسطيني عاد خلال الفترة الماضية، لكن بمبالغ (مالية) أقل من السابق”.

ويمضى قائلًا: “نحن في حماس نضع هذا الأمر بخانة أنه يُسهم في التهجير، ضمن صفقة القرن، التي تسعى إلى شطب القضية الفلسطينية واللاجئين”.

ويزيد بأن “صفقة القرن تعمل حاليًا على توطين اللاجئين الفلسطينيين، لكن ليس كل العدد الموجود وإنما عدد قليل، ولكي يبقى هذا العدد القليل لا بد من تهجير البقية، عبر وكلاء ووسطاء وغيرهم”.

ويستطرد: “يتم الضغط اقتصاديًا على الفلسطينيين حتى لا يعد باستطاعتهم العيش في لبنان، إضافة إلى افتعال أحداث أمنية بالمخيمات لتشتعل ويهرب الناس خارجها”.

ويشير إلى أن كل تلك الوسائل والأدوات ستدفع باللاجئين الفلسطينين إلى الخروج من لبنان، فيما لم يستبعد “على الأمريكي والصهيوني وعملاؤهما وحلفاؤهما في المنطقة العمل على فرض التوطين أو التهجير”.

ويقول السياسي الفلسطيني أن “لبنان الرسمي ضد التوطين، ولكن جزء من اللبنانيين يريدون أن يتخذ الفلسطينيون خيار الهجرة”.

ويكشف عن وجود نقاشات وحوارات جدية ومنهجية بين اللبنانيين والفلسطينيين، يجري محاولة تحويلها إلى برامج عملية في مواجهة تلك المشاريع.

ويبيّن أن الحوار اللبناني الفلسطيني انطلق لحل جزء كبير من تلك المشاكل، حتى لا تُستغل للضغط على الفلسطيني وتهجيره.

** وعود غربية

فيما يرى الكاتب والمحلل السياسي منير الربيع، أنه “لا يمكن تحميل ما يجري فقط لوزارة العمل اللبنانية، فهي تعمل على تطبيق القانون”.

وتقول الوزارة إن الخطة تهدف إلى مكافحة اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية؛ للحد من ارتفاع نسبة البطالة بين اللبنانيين.

ويضيف “الربيع” للأناضول، أن لبنان شهد في الفترة الأخيرة زيارات عديدة لمسؤولين غربيين جاؤوا بطلب أساسي يتماشى مع “صفقة القرن”، وهو أنه لا بد من توطين عدد ضئيل من اللاجئين الفلسطينيين، وتهجير البقية تحت وطأة ضغوط متعددة.

ويتابع: “بالمقابل توجد وعود غربية بزيادة المساعدات المالية للبنان، وعقد مزيد من مؤتمرات الدعم الاقتصادي، وإعفائه من بعض الديون (الدين العام يبلغ حاليًا نحو 82 مليار دولار)”.

ويتحدث “الربيع” عن وجود معلومات تتردد حول مسعى لتوطين 70 ألف لاجئ فلسطيني، مقابل تهجير مئة ألف آخرين.

ويقول إن عملية التهجير بدأت منذ أشهر، وهي عملية منظمة دخلت فيها أطراف رسمية وأجهزة أمنية لبنانية، عبر تسهيل إجراءات السفر للفلسطينيين، سواء عبر الموانئ (هجرة غير شرعية) أو المطار (تسهيل سفر).

ويزيد بأن ذلك ترافق مع ضغط مكثف على اللاجئ الفلسطيني، لدفعه إلى الخروج من لبنان، لتقليل أكبر عدد ممكن من اللاجئين، طالما أن التوطين سيحصل في فترة مقبلة.

وبالمقابل يعتبر الربيع أن “قرارات وزارة العمل هي بالفعل تهدف إلى تسهيل العمل للفلسطيني، وإدخاله بالضمان الصحي (مؤسسة حكومية تعنى بالتأمين الصحي وتعويضات العمل)، مع حصوله على إجازة عمل”.

ويؤكد المحلل السياسي أن “إجراءات هذا القرار هي مقدمة لتوطين لاجئين فلسطينيين في لبنان، وإدخالهم في الضمان الصحي”.

ويشدد على أنه “لا يمكن فصل ذلك الملف عن صفقة القرن، ولا عن ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، فكل الملفات ترتبط ببعضها البعض”.

تجدر الإشارة أن الولايات المتحدة الأمريكية تتوسط بين لبنان وإسرائيل، لحل خلافات بشأن ترسيم الحدود البرية والبحرية بينهما.

الأناضول