بريكست وإيران وهواوي… قضايا ساخنة تنتظر بوريس جونسون

بريكست وإيران وهواوي… قضايا ساخنة تنتظر بوريس جونسون

لندن – عرض رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون السبت، في خطاب ألقاه في مانشستر، جدول أعماله الداخلي المتعلق بمجالات الصحة والتعليم والبنى التحتية، إلا أن ملفاته الخارجية تبقى الأكثر حسما في المرحلة المقبلة.

وتنتظر جونسون العديد من القضايا الساخنة على مكتبه، وتتراوح من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى الأزمة الدبلوماسية مع إيران وقضية شبكة الجيل الخامس في المملكة المتحدة المرتبطة بملف شركة هواوي الصينية وأزمتها مع الولايات المتحدة.

خروج من الاتحاد الأوروبي
في كلمتها الأخيرة التي ألقتها كرئيسة لوزراء البلاد في 24 يوليو، أوضحت تيريزا ماي المهمة الرئيسية التي تنتظر خلفها في 10 داونينغ ستريت قائلة إن “الأولوية العاجلة تكمن في تحقيق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.

وفي كلمته الأولى كرئيس للوزراء بدا جونسون واضحا في تمسكه بالخروج سواء باتفاق أو دونه في الموعد المحدد، وهو 31 أكتوبر 2019. ثم بدأ يجسّد أولى خطواته العملية من حلال تشكيل حكومة محافظين أغلبها من المؤيدين لبريكست.

سيتوجب على جونسون العمل على كسر الأزمة، بعد أن رفض البرلمان البريطاني اتفاق تيريزا ماي مع بروكسل ثلاث مرات مما دفعها إلى مطالبة الاتحاد الأوروبي بتأجيل تاريخ خروج بريطانيا من الاتحاد مرتين. وبعد أن كان مقررا في 29 مارس، امتدت المهلة الممنوحة للبلاد إلى 31 أكتوبر.

وقال الباحث البريطاني، تيم دورانت، إن جونسون سيواجه نفس البرلمان الذي تعاملت معه تيريزا ماي، ويشمل أغلبية مجلس العموم والمشرعين الذين رفضوا كل محاولات ماي لترك الاتحاد الأوروبي إما مع صفقة وإما دونها.

وأضاف دورانت أن جونسون يصور نفسه على أنه الشخص الوحيد القادر على إتمام عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد يعمل على تغيير التشكيلة البرلمانية لضمان نجاحه، ويتطلب ذلك إجراء انتخابات.

وتعهد جونسون بتسريع المفاوضات حول اتفاقيات تجارية لمرحلة ما بعد بريكست، وإنشاء مناطق حرة لتحفيز الاقتصاد، كما وعد باستثمارات جديدة في مناطق صوتت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

جاء موقف جونسون خلال خطاب في مانشستر عرض فيه جدول أعماله الداخلي المتعلق بمجالات الصحة والتعليم والبنى التحتية بعدما سعى لدحض تكهنات إزاء احتمال دعوته لانتخابات مبكرة.

وتكهن المعلقون أن يكون جونسون يستعد للدعوة لانتخابات عامة، على أمل استعادة الغالبية المحافظة التي خسرتها ماي في انتخابات 2017. وقال جونسون إن الانتخابات ليست من أولوياته. واستبعد جونسون “تماما” الدعوة لانتخابات مبكرة قبل أن تغادر بريطانيا التكتل الأوروبي.

وقال إن “الشعب البريطاني صوت في 2015 و2016 و2017”. وأضاف “ما يريدوننا أن نفعله هو تحقيق المهمة التي أوكلوها، وهي الخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر”.

وقال “لا يريدون انتخابات أخرى، لا يريدون استفتاء آخر، ولا يريدون انتخابات عامة”. غير أن البريطانيين يمكن أن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع في حال أسقط النواب حكومة جونسون الجديدة في تصويت بسحب الثقة، سعيا لتجنب بريكست من دون اتفاق.

ووصف الاتحاد الأوروبي، الذي قال إنه لن يغيّر الاتفاق، موقف جونسون بأنه عدائي ولن يسهّل حل الأزمة. كما قال نائب رئيس الوزراء الأيرلندي، سيمون كوفيني، إن جونسون يتخذ منهجا للتصادم مع الكتلة.

من جهته، قال رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فاردكار إن قضية توحيد أيرلندا وأيرلندا الشمالية التي تخضع للحكم البريطاني ستثار حتما إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وحذر فاردكار من أن ما يعرف بالخروج الصعب لبريطانيا من التكتل قد يقوّض وضع اسكتلندا في المملكة المتحدة، مشيرا إلى أن الناخبين في اسكتلندا، حيث صوّت 62 بالمئة لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، قد يقومون بمسعى جديد للاستقلال.

الأزمة مع إيران
يأتي وصول بوريس جونسون إلى 10 داونينغ ستريت في وقت تواجه فيه المملكة المتحدة أزمة دبلوماسية مع إيران. في 19 يوليو، احتجزت القوات التابعة لطهران ناقلة نفط سويدية ترفع العلم البريطاني في مضيق هرمز، في وقت تصاعدت فيه التوترات بين إيران والولايات المتحدة.

وجاء هذا بعد أسبوعين من احتجاز السلطات البريطانية لناقلة إيرانية قبالة مضيق جبل طارق بعد أن اتهمتها بانتهاك الحظر الأوروبي المفروض على نقل النفط إلى سوريا.

في هذه القضية الملتهبة، تبدو المملكة المتحدة ممزقة بين موقف الولايات المتحدة الذي يسعى لإضعاف النظام الإيراني كما برز في خروجها من الاتفاقية النووية الإيرانية المبرمة سنة 2015 وإعادة فرض عقوبات على البلاد، وموقف الدول الأوروبية التي تريد تجنب تصاعد التوترات والحفاظ على ما بقي من الاتفاق النووي.

قبل انتخابه، بدا جونسون أقرب إلى الرؤية الأوروبية في قناعاته، حيث أعلن في منتصف يوليو أنه لن يدعم التدخل العسكري ضد إيران إذا قررت الولايات المتحدة التصعيد.

وستمثل هذه الأزمة الدبلوماسية اختبارا لجونسون، الذي تعرض لانتقادات شديدة سنة 2017 بسبب طريقة تعامله مع قضية نازنين زغاري-راتكليف البريطانية من أصول إيرانية المسجونة في طهران عندما كان يشغل منصب وزير الخارجية. فقد أعلن الوزير أمام لجنة برلمانية حينها أنها كانت في العاصمة الإيرانية لتدريب صحافيين مما أكد التهم الموجهة إليها، إذ لم تكن تصريحاته سليمة وقال أقرباؤها إنها كانت هناك في إجازة.

تطوير شبكة الجيل الخامس
إلى جانب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تركت تيريزا ماي قرارا مهما لخلفها في 10 داونينغ ستريت. وسيتعين على جونسون أن يقرر ما إذا كانت شركة هواوي الصينية العملاقة ستشارك في تطوير شبكة اتصالات الجيل الخامس الجديدة في المملكة المتحدة. وكما هو الحال مع الأزمة مع إيران، أصبحت العلاقات بين لندن وواشنطن على المحك مرة أخرى.

بسبب الاشتباه في تجسس شركة هواوي لصالح بكين، استبعدت الإدارة الأميركية الشركة الصينية من تطوير شبكات الجيل الخامس في الولايات المتحدة. وفي أوج الحرب التجارية الصينية الأميركية، أدرج ترامب الشركة في القائمة السوداء للمصدرين مما منعها من بيع منتجاتها إلى شركات التكنولوجيا الأميركية.

ورغم تخفيف الرئيس من حدّة موقفه، تواصل الولايات المتحدة جهودها الرامية لإبعاد هواوي من أوروبا، وتسعى إلى دفع بلدان القارة العجوز إلى الوقوف في صفها لمنع هواوي من المشاركة في سوق شبكات الجيل الخامس. وبالتالي، سيمثل قرار بوريس جونسون عنصرا مهما ستأخذه الولايات المتحدة بعين الاعتبار.

 

العرب