رسائل حازمة من حكومة جونسون لإيران: اخرجوا من الظلام

رسائل حازمة من حكومة جونسون لإيران: اخرجوا من الظلام

لندن – رفعت الحكومة البريطانية برئاسة بوريس جونسون من حدّة رسائلها إلى السلطات الإيرانية حيال أزمة احتجاز الناقلة، في تحوّل دراماتيكي في الموقف عدّهُ مراقبون انقلابا مقارنة بالموقف الذي كانت اتخذته حكومة رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي.

ورأى مراقبون أن تصريحات وزير الخارجية البريطاني الجديد، دومينيك راب، تحسم الجدل حول مفاوضات زعمت طهران أن لندن تسعى من خلالها إلى حل أزمة ناقلة النفط السويدية التي تحمل علم بريطانيا والتي احتجزتها إيران في موانئها.

وأنذرت بريطانيا إيران، الاثنين، بأن عليها اتباع القواعد الدولية والإفراج عن السفينة إذا كانت تريد “الخروج من الظلام”.

وقال دومينيك راب لقناة سكاي نيوز “إذا كان الإيرانيون يريدون الخروج من الظلام وأن يتم تقبّلهم كعضو مسؤول بالمجتمع الدولي فإن عليهم الالتزام بنظام المجتمع الدولي المبني على القواعد”.

وأضاف “لا يمكنكم المضي في احتجاز سفن أجنبية بشكل غير قانوني”.

واستبعدت بريطانيا، الاثنين، أي مقايضة مع إيران في أزمة ناقلتي النفط المحتجزتين وذلك تزامنا مع وصول سفينة حربية بريطانية جديدة إلى الخليج لمواكبة حركة العبور في مضيق هرمز.

وأثارت بريطانيا غضب إيران باحتجازها الناقلة النفطية “غريس 1” في مضيق جبل طارق للاشتباه بنقلها النفط إلى سوريا وانتهاكها عقوبات أوروبية.

ونفّذت إيران تهديدها بالردّ بعد أن احتجز الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز سفينة الشحن “ستينا إمبيرو” التي ترفع العلم البريطاني وعلى متنها 23 بحارا.

ورفض دومينيك راب بشكل قاطع الدخول في أي عملية تبادل مع إيران في أزمة السفينتين المحتجزتين أو حتى الإفراج عنهما بشكل متزامن لاحتواء التوتر.

وقال لمحطة بي.بي.سي الإذاعية “لا تبادل”، متابعا “ليس الأمر نوعا من أنواع المقايضة. الأمر يتعلق بفرض احترام القانون الدولي القائم وقواعده”. وأضاف راب “هذا ما سنصرّ عليه”.

ولفتت مصادر دبلوماسية إلى أن الموقف البريطاني يُعد تحولا في حزمه ووضوحه في الردّ على سلوك إيران المهدد للملاحة الدولية.

وأضافت المصادر أن الموقف السياسي البريطاني يستند أيضا إلى تحرك عسكري من خلال إرسال قطع بحرية بريطانية لتنضم إلى القطع البحرية الأميركية في المنطقة قبل وصول أي تعزيزات أوروبية أخرى جرى الحديث عنها مؤخرا.

وتواكب الفرقاطة البريطانية “إتش.أم.أس مونتروز” السفن التي ترفع علم بريطانيا خلال عبورها مياه الخليج.

والأحد، وصلت إلى المنطقة المدمّرة البريطانية “إتش.أم.أس دنكان” الأكثر تطوّرا في البحرية الملكية.

وبذلك، تنضم المدمّرة إلى الفرقاطة إتش.أم.أس مونتروز، التي من المقرر أن تخضع للصيانة في البحرين. وستستبدل بالفرقاطة “إتش.أم.أس كنت” أواخر هذا العام.

وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إن “حرية الملاحة في مضيق هرمز أمر حيوي ليس فقط للمملكة المتحدة بل أيضا لشركائنا وحلفائنا الدوليين”.

ونشرت إيران، الاثنين، تسجيلا للاتصالات بين قواتها وسفينة حربية بريطانية يحذّر فيه الإيرانيون أفراد الطاقم البريطانيين من تعريض “حياتهم للخطر”.

واعتبر المراقبون أن طهران تسعى لإظهار قوتها على نحو متواكب مع تصاعد الحديث الأميركي البريطاني عن تشكيل قوى دولية في المنطقة.

ورصد المراقبون تطور الموقف البريطاني لجهة اقترابه من الموقف الأميركي وابتعاده عن الموقف الأوروبي بما يعكس نهج جونسون الجديد.

وأضاف هؤلاء أن التحوّل البريطاني بدأ في فبراير الماضي حين أعلن ساجد جاويد وزير الداخلية البريطاني آنذاك وضع حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري على لوائح الإرهاب بما يتميز عن الموقف الأوروبي العام في هذا الشأن.

ودعا هؤلاء إلى مراقبة الموقف البريطاني في مسألة تشكيل القوة الأوروبية المقترحة لحماية الملاحة الدولية في الخليج.

فقد أكد راب أن لندن تصرّ على تشكيل قوة أوروبية، رغم أن ذلك قد يؤدي إلى نزاع مع واشنطن.

وقال في المقابلة الإذاعية مع بي.بي.سي، إن “هذا الأمر يجب ألاّ يؤدي إلى صراع جيوسياسي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”.

وشدد على وجوب التركيز على “ما يضعنا في أفضل وضع مع أكبر مجموعة من اللاعبين الدوليين للحفاظ على سيادة القانون”.

كذلك شدد على “أهمية حصول المبادرة الأوروبية على الدعم الأميركي لضمان استمراريتها”. وإلى الآن تتعاطى الدول الأوروبية بحذر مع الاقتراح البريطاني.

والأحد، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، إن الأسطول الأوروبي المقترح يوجّه “رسالة عدائية” ويشكل خطوة “استفزازية ستفاقم التوتر”.

ولا يستبعد المراقبون أن تميل لندن نحو التحالف الذي تسعى واشنطن لإقامته لنفس الغرض.

وجدد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الاثنين، اعتزام بلاده تشكيل تحالف دولي لحماية الملاحة في الخليج.

وقال بومبيو إن واشنطن مستعدة لحماية الملاحة في مضيق هرمز، وإن بلاده تعمل على تشكيل تحالف دولي لحماية الملاحة في الخليج.

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد لمّح في وقت سابق إلى أنه منفتح على عملية تبادل لحل هذه الأزمة. إلا أن ردّ لندن جاء حاسما يضع حدا لآمال طهران في خضوع بريطانيا للابتزاز في هذا الملف.

العرب