المحاصصة الحزبية تمنع إصلاح الخلل في الحكومة العراقية

المحاصصة الحزبية تمنع إصلاح الخلل في الحكومة العراقية

بغداد – يسعى رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي منذ أسابيع إلى إقناع كتل سياسية في البرلمان باستبدال وزرائها في الحكومة، بسبب ضعف أداء بعضهم واتهامات الفساد وشبهات الإرهاب التي تلاحق البعض الآخر.

وحتى الآن هناك نحو ستة وزراء على لائحة الاستبدال لم ينجح عبدالمهدي في إقناع كتلهم بضرورة تقديم بدلاء عنهم.

وفي عرف المحاصصة المتبع في العملية السياسية العراقية لا تؤخذ كفاءة مرشح ما لمنصب وزاري أو خبرته أو تخصصه بنظر الاعتبار كثيرا عند تكليفه، فالأهم هو وجود كتلة سياسية قوية خلفه أو قدرته على شراء المنصب من هذه الكتلة، وهو ما يسمح بوصول وزراء عديمي الخبرة والكفاءة، وربما متهمين بالفساد، إلى مواقع المسؤولية.

وعندما كلّف الرئيس العراقي برهم صالح، في أكتوبر الماضي، عادل عبدالمهدي بتشكيل الحكومة تعهد الأخير بتقديم مرشحين للحقائب الوزارية يعكسون خيارته، للتمكّن من تنفيذ البرنامج الوزاري الذي وعد به. لكن الأسابيع التالية التي شهدت مفاوضات بين الأحزاب الفائزة بمقاعد في البرلمان بشأن تقاسم الحقائب الوزارية أثبتت أن رئيس الوزراء ليس قادرا على فرض أي مرشح لحقيبة ما، إذا لم توافق الكتل السياسية.

وحتى بعض المرشحين لحقائب مهمة، كالنفط والكهرباء الذين ترك أمر اختيارهم لعبدالمهدي، عرضوا على الكتل السياسية للموافقة عليهم قبل عرضهم على التصويت في البرلمان.

وبعد نحو عشرة شهور من عمر الحكومة يبدو أن رئيس الوزراء اقتنع باستحالة تنفيذ برنامجه في ظل الكابينة الحالية التي وصل إليها متهمون بالإرهاب والفساد، فضلا عن عديمي الخبرة والكفاءة.

وتقول مصادر سياسية مطلعة في بغداد لـ”العرب” إن عبدالمهدي يحاول منذ أسابيع، إقناع رئيس البرلمان بضرورة استبدال وزير التجارة محمد العاني، بسبب تزايد الحديث في أروقة الوزارة عن ضلوعه في قضايا فساد مالي.

وترشح العاني لمنصب وزير التجارة عن القائمة التي قادها محمد الحلبوسي في الانتخابات. وتقول المصادر إن الحلبوسي لا يمانع من حيث المبدأ استبدال العاني، لكنه يخشى غياب التوافق لتمرير البديل.

ويحتاج أي مرشح لمنصب وزير إلى تحقيق توافق بين قوى متعارضة في البرلمان العراقي كي يحصل على التصويت اللازم. ومع غياب ما يمكن أن يقدمه الحلبوسي للأطراف البرلمانية الأخرى لقاء التصويت على البديل، ليس هناك ضمانة أن يبقى منصب وزير التجارة من حصته.

ويعود هذا الوضع إلى أن الاتفاقات الكبرى التي تقود إلى المصادقة على الوزراء ينتهي مفعولها بمجرد إتمام الصفقة ما يستلزم العمل من أجل صياغة توافقات جديدة لإجراء أي تعديل في المناصب.

ومن ضمن قائمة الوزراء الذين يفكر عبدالمهدي في استبدالهم وزير الشباب والرياضة أحمد الكربولي الذي تدور حوله شبهات التورط في أعمال إرهابية منذ ترشحه.

وتقول المصادر إن عبدالمهدي أبلغ جمال الكربولي زعيم حزب الحل الذي رشح وزير الشباب بضرورة استبداله سريعا. لكن صلة القرابة التي تربط بين الوزير وزعيم حزب الحل تحول دون ذلك.

والوزير الوحيد الذي تبدو حظوظه في البقاء بمنصبه ضعيفة هو وزير الاتصالات نعيم الربيعي الذي تضغط حركة عصائب أهل الحق المقربة من إيران، بشدة لإزاحته من منصبه بسبب ورود اسمه ضمن قوائم المشمولين بإجراءات اجتثاث حزب البعث المحظور طبقا للدستور العراقي.

وتورد المصادر أن الممانعة التي تبديها كتلة الربيعي في سبيل حمايته ليست صلبة، لاسيما وأنها ترتبط بعلاقة وثيقة مع عصائب أهل الحق ولا تريد التفريط بالعلاقة، لكنها تشترط أن تجري عملية استبدال وزيرها ضمن صفقة تعديل وزاري واسع وليس بمفرده.

وحتى الآن، لا تزال حكومة عادل عبدالمهدي منقوصة من حقيبة التربية التي يديرها بالوكالة وزير التعليم العالي قصي السهيل، حيث فشلت جهود خميس الخنجر زعيم “المشروع العربي” الذي تقع وزارة التربية ضمن حصته، بإقناع القوى السياسية بأي من مرشحيه.

وفي حال إقالة وزراء جدد دون أن يكون هناك بدلاء متوافق عليهم ليحلّوا محلّهم، فإنّ قائمة وزارات الوكالة مرشّحة لأن تتسع وهو ما لا يمكن لعبدالمهدي أن يغامر به في ظل وجود قوى سياسية لم تستبعد بعد خيار إسقاط الحكومة أملا في الحصول على مناصب في الحكومة التي ستخلفها، كما هو الشأن بالنسبة لتيار الحكمة الذي يقوده رجل الدين الشيعي عمار الحكيم، ولتحالف النصر الذي يقوده رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي الذي يبدو أنّه لم ييأس بعد من العودة إلى رئاسة الحكومة.

العرب