المرشد والأسد

المرشد والأسد

خامنئي-الاسد
زفّ لنا علي أكبر ولايتي “بشرى” جديدة أن “بشار الأسد باق والنظام السوري باق بجانبه”، وقال، في تصريحات صحافية: “قلنا قبل عامين إن الأسد لن يسقط، وفشلت كافة الدول التي أرادت، من خلال إسقاط بشار الأسد والنظام السوري، أن توجه ضربة موجعة للثورة الإيرانية”.

المرشد هو علي خامنئي، وولايتي يقوم اليوم بوظيفة مستشاره للشؤون الدولية، ولا تنبع أهمية كلام ولايتي من هذا المنصب فقط، بل من كونه أحد أقرب المقربين للمرشد، وواحداً من بين قلة من الفريق الإيراني، الذي أرسى أسس التحالف الإيراني السوري، قبل اندلاع الحرب الإيرانية العراقية، كما أنه شغل منصب وزير خارجية إيران 16 عاما، منها فترة رئاسة خامنئي للدولة الإيرانية (1981-1989) خلال فترة الحرب مع العراق. وقد ساهمت هذه الحرب في تقوية الصلة بين الرجلين، فالمرشد الحالي كان يقودها على الجبهة العسكرية من موقع الخبرة، مشرفاً على حرس الثورة منذ تأسيسه عام 1979، وولايتي كان المكلف بالسياسة الخارجية، وبسبب هذه الصلة الوطيدة تعتبر الأوساط الدبلوماسية الغربية أن ولايتي هو وزير خارجية الظل، وأقرب شخص للمرشد ضمن المؤسسة الإيرانية.
قد يقول قائل إنه لا جديد في كلام ولايتي عن تمسك إيران بالأسد، ولا حتى التصريح أنّ إسقاط الأسد يعني توجيه ضربة موجعة لإيران، ولكن توقيت هذا التصريح يكتسب أهمية خاصة، في ظل ما يحصل في سورية من تطورات سياسية وعسكرية. وأراد ولايتي أن يوجه رسالة لكل المعنيين بأن الأسد حصة إيران، التي لا يمكن أن تتنازل عنها، وهذه الحصة لا بد أن تظل محفوظة، بقي الأسد في دمشق متمسكا بموقعه الحالي، أو أجبرته التطورات على الذهاب إلى منطقة الساحل، في إطار الخطة “ب” التي تعني إقامة حكم جديد للأسد على جزء من سورية، تكون قاعدته في الساحل.
الأمر المهم في حديث ولايتي أن مصير الأسد تم بحثه، أخيراً، خلال لقاء في طهران، أسفر عن توقيع ثلاثي بين إيران والعراق وسورية لمكافحة الإرهاب، وأوضح أن الاتفاق قام على إدراك أن “الاهداف المحددة والمشتركة بين محور طهران-بغداد-دمشق، والمصالح الاستراتيجية بعيدة المدى المشتركة، جعلت هذا التحالف يسير على خطى واضحة، وموحدة لمواجهة الإرهاب الذي يضرب المنطقة، ويعاني منه العالم، وستدرك القوى العظمى هذا المنعطف التاريخي الكبير، والمشكل من هذه الدول بقيادة إيران لمحاربة الإرهاب”.
الرسالة التي يحملها حديث ولايتي مركبة وذات شقين، الأول أن الأسد لا يزال يحتفظ بالتغطية الإيرانية، وهذا التبني مفتوح لأن الأسد جزء من الحلف الثلاثي الذي سيتولى محاربة الإرهاب. وبالتالي، لا مستقبل لأي مشروع يضع الأسد خارج الحكم، فالأولوية لمحاربة الإرهاب، وهذا يتقاطع مع المنطق الأميركي منذ بداية الثورة السورية، وزاد معتنقوه منذ أن اجتاح “داعش” الموصل قبل أكثر من عام، وتمدد بعد ذلك ليبسط سيطرته على مساحات شاسعة في سورية والعراق، مع فتح جبهات جديدة في سيناء وليبيا وتنفيذ عمليات إرهابية في اليمن وتونس. ومن يتابع آراء الخبراء الأمنيين في الولايات المتحدة وأوروبا يجد أن الأغلبية تصب في ضرورة إعطاء الأولوية لمحاربة “داعش” على بقية القضايا.
على الطرف الآخر من المعادلة في سورية، يزداد الوضع مأساوية في ظل استمرار آلة الأسد بحصد أرواح الأبرياء، وتخبط المعارضة المسلحة، التي يفترض فيها أن تشكل بديلا للأسد، وتقدم نفسها للمجتمع الدولي على نحو يفسح المجال للتعامل معها، فهي تسيطر على مساحاتٍ لا يستهان بها، وصارت تمتلك قوى عسكرية كبيرة قادرة على الفعل، لكن غياب البوصلة يضع هذه القوى خارج الحسابات الدولية.
بشير البكر
صحيفة العربي الجديد