التاريخ العنصري لأميركا يلاحق الحملات الانتخابية

التاريخ العنصري لأميركا يلاحق الحملات الانتخابية

كان وصول باراك أوباما للبيت الأبيض في 2008 نقطة تحوّل في تاريخ بلد لم يتعاف تماما من تاريخ العبودية، وبعد أكثر من عقد تتمحور حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 حول العلاقة بين المجموعات العرقية، فهي مسألة مركزية لحملة الرئيس دونالد ترامب وخصومه الديمقراطيين.

وتعتبر أستاذة العلوم السياسية في جامعة إيموري أندريا جيليسبي أن المراحل الأولى من الحملات الانتخابية تبين أن انتخاب رئيس أسود لم يكن “الحل السحري لمشاكل الولايات المتحدة حول المسألة العنصرية؛ فالمشكلة تتعلق ببنية النظام نفسه”.

ومع اقتراب حملته لولاية ثانية، يضاعف ترامب هجماته ضد شخصيات سوداء ونواب من الأقليات، فهاجم أربع نائبات ديمقراطيات بقوله إن عليهن “العودة” إلى “الدول التي أتين منها”، ثم هاجم النائب الأسود إيليا كومينغز، وكذلك الناشط الحقوقي آل شاربتون.

وأثارت هذه المواقف وغيرها حفيظة الديمقراطيين، ومنهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، متهمين الرئيس بالعنصرية، في حين يدافع هو عن نفسه بإنكار وجود “ذرة واحدة من العنصرية” في قلبه.

وكان ترامب أثار الجدل قبل الرئاسة عندما شن حربا على أوباما متهما إياه بأنه لم يولد في الولايات المتحدة، مشككاً بذلك في شرعيته الدستورية لترأس البلاد، وبمجرد وصوله للبيت الأبيض أصدر قرارا بمنع دخول المسلمين الولايات المتحدة.

وفي صيف عام 2017 تسببت تعليقات ترامب حول أحداث بلدة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا بمواجهات بين نازيين جدد ومتظاهرين مضادين، فاعتبر الرئيس أن هناك “أشخاصاً جيدين جداً” من الجانبين.

ويرى مدير مركز الأعراق وعدم المساواة والقانون في جامعة نيويورك فنسنت ساذرلاند أن ترامب يشكل أحد “عوارض مرض أكبر هو عدم المساواة العرقية الذي لم نتوقف عن مصارعته”.

أما الأستاذة في جامعة كولورادو سيليستي مونوتويا فتقول إن حراك الحقوق المدنية دفع نحو خلق معايير تمنع استخدام كلمات عنصرية بشكل واضح، لكن “ترامب بطريقة ما خالف هذه المعايير”.

أنصار ترامب يهاجمون مظاهرة ضد العنصرية في نيويورك في مارس/آذار الماضي (الأناضول)
أنصار ترامب يهاجمون مظاهرة ضد العنصرية في نيويورك في مارس/آذار الماضي (الأناضول)
استقطاب السود
في المقابل، يحاول المرشحون الديمقراطيون استقطاب أصوات السود، حيث أثارت السيناتورة كامالا هاريس ضجة كبيرة خلال أول مناظرة بين المرشحين الديمقراطيين بمهاجمتها المرشح الأوفر حظاً جو بايدن حول قرارات سابقة له تتعلق بالمساواة العرقية، كما يسعى رئيس بلدية ساوث بند بِت بوتيدجاج إلى تثبيت مصداقيته في مجال المساواة العرقية.

كما قال العديد من المرشحين الديمقراطيين إنهم ينظرون في مبدأ دفع تعويضات مالية للمنحدرين من العبيد السود.

ويرى مراقبون أن المشاركة الضعيفة للأميركيين السود كانت من أسباب هزيمة هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016، وتقول الأكاديمية جيليسبي إنه “يجب إثارة حماسة الملونين ودفعهم إلى الاقتراع، وعلى الناخبين أن يثبتوا لهم أنهم مهتمون بعدم المساواة وبالظروف التي يعيشون فيها”.

ويشكك الأستاذ بجامعة بوفالو جايك نيهيزل في فكرة الانتقال إلى مجتمع ما بعد العنصرية، لا سيما بعد تولي ترامب السلطة وبث خطابه الشعبوي والانقسامي. إلا أنه لم يستبعد حدوث موجة مضادة كما حدث تاريخيا، حيث أدت الحرب الأهلية الأميركية بين 1861 و1865 إلى تحرير العبيد، ثم تلتها مرحلة الفصل العنصري التي لم تنته إلا في ستينيات القرن العشرين.

الجزيرة