قيادات حوثية تحدثت عن حقيقة الاتصالات والتفاهمات مع الإمارات؟

قيادات حوثية تحدثت عن حقيقة الاتصالات والتفاهمات مع الإمارات؟

كثرت الأحاديث خلال الأيام الماضية في أوساط اليمنيين عن فتح الإمارات قنوات اتصال وتفاهمات مع جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع زيارة وفد إماراتي لطهران ولقاء مسؤولين إيرانيين للتباحث حول التعاون الأمني في الحدود وحماية الملاحة في المياه الخليجية.
وسبقت تلك الأحاديث تصريحات لنعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، كشف فيها عن وجود اتصالات وتنسيقات غير مباشرة بين الحوثيين والإمارات خصوصا فيما يتعلق بالانسحاب من الحديدة، وقال إن هناك تعاونا استخباراتيا ولقاءات دورية مع الجانب الإيراني أيضا”.

وفي تصريح آخر أفاد مدير مكتب الرئيس الإيراني محمود الواعظي الأربعاء الماضي بأن أبو ظبي في طور إعادة النظر في سياساتها المتشددة بحرب اليمن وتغير تموضعها العسكري، وقال إنها تحاول التمايز عن السعودية لاتخاذ موقف مختلف فيما يخص اليمن.

حقيقة التفاهمات
وبحثا عن طبيعة تقارب العلاقة بين الحوثيين والإمارات التي يجري الحديث بشأنها تواصلت الجزيرة نت مع ثلاثة قادة بارزين في المكتب السياسي الأعلى لجماعة الحوثي وسألتهم عن موقفهم من هذا الأمر ومدى دقة هذه المعلومات التي يجري تداولها.

وقال القيادي البارز في جماعة الحوثي محمد علي البخيتي وهو عضو في المكتب السياسي الأعلى إنهم منفتحون على كل الدول بما فيها السعودية، وفيما يتعلق بوجود اتصالات بينهم وبين الإمارات رد البخيتي قائلا “هذا الأمر لا أنفيه ولا أؤكده”.

ولفت البخيتي في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إلى أنه ليس هنالك من أحد ينتظر أن تقابل حكومة صنعاء -تابعة للحوثيين- أي خطوة إيجابية من قبل الإمارات بموقف سلبي سواء فيما يتعلق بتغيير موقفها تجاه اليمن أو حتى تجاه إيران، ولكن ذلك لا يعني الرهان على صحوة ضمير الإمارات بحسب البخيتي.

كما قال القيادي البخيتي للجزيرة إنهم قرروا تجميد الهجمات ضد الإمارات بعد تغيير وصفه بالملموس في موقف أبو ظبي السياسي والعسكري.

وجاء هذا التصريح عقب أيام من انعقاد اجتماع أمني رفيع بين طهران وأبو ظبي، حيث علق قرقاش اليوم الجمعة بالقول “اتفقنا مع السعودية الشقيقة على إستراتيجية المرحلة القادمة في اليمن، وفي الملف الإيراني موقفنا المشترك تفادي المواجهة وتغليب العمل السياسي”.

وأضاف قرقاش في تغريدة على تويتر أن الموقف الإماراتي ثابت، وأن التنسيق مع السعودية في أفضل حالاته، متهما قطر بما وصفه بالصيد في الماء العكر عبر تضخيم اجتماع روتيني، بحسب تعبيره.

وفي الاتجاه ذاته، أوضح القيادي في الجماعة علي القحوم، وهو أيضا عضو المكتب السياسي الأعلى للحوثيين، أن دول العدوان -يقصد السعودية والإمارات- وصلت إلى مرحلة الفشل والتخبط والعجز وباتت حربها على اليمن بلا أفق وطال أمدها وتكبدت خسائر كبيرة، وقد خابت آمالها وأصبح معسكرها في حالة من التفكك والتشرذم.

ويؤكد القحوم أن هناك مراجعة للحسابات والإدراك بضرورة الحوار والعودة إلى الطاولة كخيار أجدى وأفضل، بعد أن أدركت تلك الدول أن الحل في اليمن يكمن في الحوار والتفاهم والجلوس على طاولة مشتركة.

وبحسب القحوم فإن ذلك يعود إلى صمود الشعب اليمني، مضيفا أن استمرار الإمارات ومعها السعودية في العدوان هو حالة من المكابرة والغطرسة وعدم الاعتراف بالحقيقة المرة التي تجلت بعد خمسة أعوام من الحرب، وهي أن اليمن عصي على الاحتلال أو الخضوع.

ولكن عضو المكتب السياسي الأعلى لجماعة الحوثي حزام الأسد يرى أن الإمارات ما زال دورها عدوانيا وما زالت ضمن منظومة التحالف، وتتصدر مشهد الاحتلال المباشر وغير المباشر في المناطق الجنوبية والشرقية لليمن، وتحاول مؤخرا التواري خلف أدواتها التي جندتها خدمة لأجنداتها التخريبية والتفكيكية.

وفي إجابة منه حول سؤال للجزيرة نت عن طبيعة التفاهمات مع الإمارات التي يجري الحديث عنها، قال الأسد للجزيرة نت “الإمارات هي من شنت العدوان على اليمن وأعلنت ذلك من واشنطن، وفي حال قررت وقف العدوان وفك الحصار والدخول في المسار التفاوضي بجدية فسيكون موقفنا إيجابيا بكل تأكيد والحال كذلك بالنسبة للسعودية”.

وبشأن هجمات الحوثيين الأخيرة على معسكر تدعمه الإمارات في عدن، أفاد الأسد بأن في ذلك رسالة للإمارات أيضا مفادها أنه إذا فكرت بالتصعيد مستقبلا في الساحل الغربي أو في أي منطقة أخرى فسيكون الرد موجعا وفي العمق القاتل.

إغراق السعودية
وعن العلاقة الملتبسة بين السعودية والإمارات والاتهامات التي تلاحق الأخيرة بإدارة ظهرها لشريكتها في التحالف (السعودية)، تحدثت الجزيرة نت مع الباحث اليمني عادل المسني الذي أفاد بأن “الوقائع على الأرض تؤكد أن مهمة الإمارات كانت إنقاذ الانقلاب، وأن ذلك ليس مستغربا، ويتسق مع أهدافها الواضحة والداعمة للانقلابات في المنطقة”.

ويضيف المسني للجزيرة نت أن الإمارات حولت عاصفة الحزم إلى مجرد زوبعة صاخبة جلبت كثيرا من الانتقادات والمتاعب للسعودية، التي ارتبط ذكرها بالانتهاكات والأخطاء والأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمنيون، والحال ذاته أيضا باتت تتجرعه الحكومة اليمنية الشرعية.

بالمقابل ارتبط الدور الإماراتي في اليمن بشيئين اثنين -وفق ما يقول المسني- الأول استنزاف المملكة وإغراقها في أتون حرب بلا أفق وتقوية نفوذ الانقلاب عبر إضعاف الحكومة الشرعية، والأمر الثاني من خلال فتح معابر آمنة لتهريب السلاح للحوثيين وقد جرى ضبط ذلك وفق محاضر رسمية من قبل السلطات الشرعية، وفق قوله.

وطبقا للمتحدث نفسه، فإن الدوافع الإستراتيجية العدائية لكل هذه الممارسات من قبل الإمارات تتعلق بالتنافس مع المملكة على الريادة والنفوذ في المنطقة، حيث ترى الإمارات أن أبرز منافس لتطلعاتها يكمن في الدور السعودي فلجأت إلى إغراقه في مستنقع اليمن.

وينهي المسني حديثه للجزيرة نت بالتأكيد أن المستفيد الأول من الحرب كان الحوثيين وهو ما أرادته الإمارات، التي استطاعت أن تحولهم بفعل تقديمها الخدمات الجاهزة لهم إلى كابوس مرعب للمملكة ورقم صعب في معادلة التوازنات باليمن.

المصدر : الجزيرة