قطر تعرقل المفاوضات الأفغانية لتبقى في دائرة الوسيط المرضي عنه أميركيا

قطر تعرقل المفاوضات الأفغانية لتبقى في دائرة الوسيط المرضي عنه أميركيا

الدوحة – بات الأفغان يشعرون بأن طالبان تتعمد إطالة أمد المفاوضات وتعطيل الاتفاق بإثارة تفاصيل جزئية تختلقها في كل مرة، وأن الأمر مرتبط بشكل وثيق بأجندة قطرية تقوم على فكرة أن تبقى الدوحة لفترة أطول في دائرة الوسيط المرضي عنه من الولايات المتحدة التي تضغط لإنهاء النزاع الأفغاني والتوصل إلى اتفاق نهائي بين الفرقاء.

وفيما تتمسك طالبان بالدوحة كمكان لعقد المفاوضات، فإن الأفغان لا يلمسون أي تقدم رغم كثرة اللقاءات والوعود بقرب حسم الخلافات، وهو ما يؤشر إلى وجود سرّ وراء هذا الفشل المتكرر في مفاوضات توحي في كل مرة بأن هذه الجولة ستكون الأخيرة وأن الجميع سيتوصل إلى اتفاق دائم.

وقال مسؤولون كبار على دراية بالمحادثات إن جولة ثامنة من محادثات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية بدأت في العاصمة القطرية الدوحة، السبت، واصفين الجولة بأنها ستكون المرحلة “الأكثر حسما” في المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب المستمرة بأفغانستان منذ 18 عاما.

وأضاف المسؤولون أنه من الممكن توقّع التوصل إلى اتفاق للسلام في نهاية الجولة الثامنة للمحادثات، ربما قبل الـ13 من أغسطس الجاري، مشيرين إلى أنه سيؤدي إلى سحب القوات الأجنبية من البلد الذي تطحنه الحرب.

ويعزو متابعون للشأن الأفغاني التأخير في إنجاز الاتفاق إلى أن قيادات طالبان لا تبدو متحمّسة لإنهاء معاناة الشعب الأفغاني، خاصة أن الحرب حولت قياداتها إلى نجوم إعلامية كما جلبت إليهم الكثير من الحظوة والأموال خاصة في قطر التي بادرت منذ 2013 إلى فتح مقر خاص للمكتب السياسي للحركة في الدوحة وتمكين أعضائه من مزايا كبيرة وخدمات نوعية.

ويميل هؤلاء إلى القول إن القطريين يمتلكون نفوذا قويا على قيادات طالبان، ولا يستبعد أن يكونوا هم من يحرك أجندة التفاوض لغاية خاصة بهم، وأن إدامة الأزمة وتواتر اللقاءات يوحيان وكأنها مفاوضات باريس في السبعينات بين الفيتناميين والأميركيين التي أنهت الحرب الفيتنامية وأفضت إلى انسحاب الأميركيين من فيتنام وجنوب شرق آسيا.

وتثير الحظوة التي يلقاها زعماء طالبان تساؤلات عن حقيقة العلاقة المتقدمة بين مجموعة متطرفة تقاتل الأميركيين من 2001 ودولة حليفة للولايات المتحدة وتقدم عروضا بالمليارات لإرضائها.

ويمكن فهم هذا التناقض من خلال استعادة المواقف القطرية الداعمة لـ”الربيع العربي”، وهي مواقف قامت على ضخ أموال كثيرة لشراء ولاء تيارات إسلامية متشددة وتقديمها كدليل إلى الولايات المتحدة على الدور الذي يمكن أن تلعبه الدوحة في خدمة واشنطن والحصول على اعتراف بدورها الإقليمي.

وتقول مصادر دبلوماسية في قطر إن قيادات طالبان يعيشون في منازل مريحة يتولى القطريون دفع تكاليفها، وأغلبها في مجمعات سكنية خارج الدوحة. وشوهد هؤلاء في مراكز تجارية وأسواق كما شوهدوا يلعبون من أولادهم في صالات رياضية مكيفة.

ووصل زلماي خليل زاد، المبعوث الأميركي للسلام في أفغانستان، الذي يعقد اجتماعات مع قادة من طالبان منذ العام الماضي، إلى الدوحة مساء الجمعة.

وقال خليل زاد على تويتر “وصلت إلى الدوحة لاستئناف المحادثات مع طالبان. نسعى إلى اتفاق للسلام وليس اتفاقا للانسحاب”، مضيفا أن طالبان أشارت إلى أنها قد تبرم اتفاقا. وتابع “نحن مستعدون لاتفاق جيد”.

إنه من المتوقع إبرام اتفاق على انسحاب القوات الأجنبية مقابل ضمانات أمنية تقدمها طالبان قبل 13 أغسطس.

وينتشر بأفغانستان حاليا نحو 20 ألف جندي أجنبي، معظمهم أميركيون، في إطار مهمة لحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة لتدريب ومساعدة القوات الأفغانية وإمدادها بالمشورة.

وتسيطر حركة طالبان الإسلامية المتشددة حاليا على مساحات أكبر من أي وقت مضى منذ أطاحت بها الولايات المتحدة من الحكم في عام 2001.

وذكر المتحدثان باسم طالبان، سهيل شاهين وذبيح الله مجاهد، أن فريق تفاوض مؤلفا من 19 عضوا يمثل الحركة في محادثات السلام بالدوحة.

وقال قيادي كبير بطالبان في أفغانستان مشترطا عدم نشر اسمه إن “مسألة انسحاب القوات أطالت أمد محادثات السلام وأخرت الاتفاق”.

وأضاف قائلا “لن نسمح بأي حال بوجود دائم للقوات الأميركية في أفغانستان بعد توقيع اتفاق سلام”.

كما أوضح أن الحركة ستقدم ضمانا كاملا بعدم السماح لأي جماعة أجنبية مسلحة باستخدام أفغانستان لشن هجمات على الولايات المتحدة وحلفائها.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد قال، الشهر الماضي، إن الرئيس دونالد ترامب يرغب في تقليص عدد القوات الأميركية المقاتلة بأفغانستان بحلول موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر 2020.

ولم يتراجع القتال في أفغانستان. وقالت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، في بيان السبت، إن القتال أدى إلى سقوط أكثر من 1500 مدني بين قتيل وجريح في يوليو، وهو عدد شهري قياسي هذا العام وأكبر عدد موثق في شهر واحد منذ مايو أيار 2017.

العرب