استبعاد العمل العسكري لا يخفف الاحتقان في كشمير

استبعاد العمل العسكري لا يخفف الاحتقان في كشمير

اختارت باكستان إتباع المسالك الدبلوماسية في مواجهة التصعيد الهندي في إقليم كشمير، في خطوة غير معتادة، حيث دأبت إسلام أباد على التلويح بالحل العسكري كل ما زاد منسوب التوتر في الإقليم المتنازع عليه. ويخشى مراقبون من تفجر نزاع مسلح بين الجارتين النوويتين في أي لحظة لا يمكن التكهن بعواقبه على الأمن العالمي، ما دفع العديد من الدول إلى الدعوة إلى التعقل وضبط النفس.

إسلام أباد – أكد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي الخميس أن باكستان لن تلجأ إلى الخيار العسكري في خلافها مع خصمها الهند بشأن كشمير، فيما قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إنّ بلاده ألغت الحكم الذاتي للشطر الذي تسيطر عليه من كشمير لتحرير الإقليم من “الإرهاب”.

ويؤدي القرار الذي أصدرته الهند الاثنين بإلغاء الحكم الذاتي في كشمير إلى وضع الجزء الذي تسيطر عليه من الإقليم تحت حكمها المباشر.

وبعد أن كانت كشمير تتمتع بحكم ذاتي ويقتصر حق شراء العقارات وتولي الوظائف الحكومية فيها على أبناء الإقليم، أصبحت المنطقة خاضعة مباشرة لسلطة نيودلهي.

وقال مودي في خطاب إلى الأمّة بثّه التلفزيون، وهو أول تعليق له على قرار حكومته الهندوسية القومية تجريد هذه المنطقة من وضعها الخاص، “أيها الأصدقاء، لدي قناعة تامّة بأنّنا سنتمكّن من خلال هذا النظام من تحرير جامو وكشمير من الإرهاب والنزعة الانفصالية”. ويأتي قرار نيودلهي في ظل مناوشات على الحدود الفاصلة بين شطري الإقليم، عقب حشد عسكري لنيودلهي في الجزء الخاضع لها، وتعليمات بإخلاء السياح و”الحجيج الهندوس” من المنطقة بدعوى “التهديد الأمني”. ويطلق اسم “جامو كشمير”، على الجزء الخاضع لسيطرة الهند، ويضم جماعات مقاومة تكافح منذ 1989، ضد ما تعتبره “احتلالا هنديا” لمناطقها.

ويطالب سكانه بالاستقلال عن الهند، والانضمام إلى باكستان، منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، واقتسامهما الإقليم ذي الغالبية المسلمة.

وزاد القرار من العداوة مع باكستان التي خاضت حربين من أصل ثلاث مع الهند بسبب كشمير، وأدى إلى أيام من النقاش داخل البلاد حول الرد الذي يجب أن تتخذه إسلام أباد.

وصرح قريشي خلال مؤتمر صحافي في إسلام أباد “باكستان لا تدرس الخيار العسكري. بل إنها تدرس الخيارات السياسية والدبلوماسية والقانونية للتعامل مع الوضع”. وأضاف “قررنا اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي للطعن في هذه الخطوة الهندية غير الصحيحة أخلاقيا”.

وطالبت باكستان الأمم المتحدة بتعيين ممثل خاص للأمين العام أنطونيو غوتيريش، معني بإقليم جامو وكشمير، وإنشاء بعثة لتقصي الحقائق لتقييم الحالة في الإقليم، وإنشاء لجنة أخرى للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان هناك. وتصاعدت اللهجة بين الهند وباكستان بعد إلغاء الحكومة الهندية الحكم الذاتي في إقليم كشمير المتنازع عليه وردت نيودلهي الخميس بأن هذا الإجراء “شأن داخلي” غداة طرد السفير الهندي في باكستان.

وأكدت وزارة الخارجية الهندية في بيان أن “الأحداث الأخيرة المرتبطة بالمادة 370 (من الدستور) هي شأن داخلي هندي بالكامل” منددة بـ”تحركات أحادية” اتخذتها باكستان.

وأعلنت إسلام أباد الأربعاء طرد السفير الهندي واستدعاء ممثلها في نيودلهي، كما علقت إسلام أباد التجارة الثنائية، ما يشكل إجراء رمزيا إذ تبقى المبادلات محدودة بين البلدين اللذين دارت بينهما ثلاث حروب، اثنتان منها بشأن كشمير.

وقالت الحكومة الهندية “النية خلف هذه الإجراءات هي بوضوح أن يقدموا للعالم صورة مقلقة لعلاقاتنا الثنائية”.

كشمير

وتحادثت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني هاتفيا مع نظيريها الهندي والباكستاني بشأن الملف.

وذكرت أجهزتها في بيان “يدعم الاتحاد الأوروبي حلا سياسيا ثنائيا بين الهند وباكستان حول كشمير الذي يبقى السبيل الوحيد لتسوية نزاع قديم يسبب زعزعة لاستقرار المنطقة وانعدام أمنها”.

وشهدت كشمير الهندية الخميس اليوم الرابع من الإغلاق التام وتبقى وسائل الاتصال مقطوعة فيها منذ مساء الأحد، فيما حظر على السكان التنقل والتجمع، وسط انتشار كثيف لقوات عسكرية وشبه عسكرية في الشوارع.

وأوقف أكثر من 500 شخص وأودعوا السجن في الأيام الأخيرة في كشمير الهندية كما ذكرت الصحف الهندية الخميس. وذكرت وكالة “برس تراست أوف إنديا” وصحيفة “إنديان إكسبرس” أن بين الـ560 شخصا الذين وضعوا في مراكز اعتقال بعد توقيفهم أساتذة جامعيين ورجال أعمال وناشطين ومسؤولين سياسيين.

ورفعت دعوى أمام المحكمة العليا الهندية للمطالبة برفع القيود المفروضة في كشمير والإفراج عن الموقوفين.

ونشرت الهند تعزيزات تقدر بعشرات الآلاف من العناصر الأمنية منذ مطلع الشهر في كشمير المقسمة بين الهند وباكستان منذ استقلالهما في عام 1947.

العرب