في ظل العقوبات الأميركية.. ماذا تعرف عن صناعة السيارات بإيران؟

في ظل العقوبات الأميركية.. ماذا تعرف عن صناعة السيارات بإيران؟

تعتبر صناعة السيارات في إيران ثالث أكبر صناعة بعد النفط والغاز وصناعة البتروكيماويات، حيث تشكل 10% من الناتج القومي الإجمالي، ويعمل في هذا القطاع حوالي 855 ألف موظف.

وتحتل إيران حاليا المرتبة العشرين في قائمة الدول الأكثر إنتاجا للسيارات والثانية في المنطقة بعد تركيا، بعد أن كانت في المرتبة 12 عالميا والأولى في المنطقة لعام 2017 بحسب موقع المنظمة الدولية لمصنعي السيارات (OICA).

تنتج إيران سنويا أكثر من مليون سيارة، وبلغت قدرتها الإنتاجية لعام 2017 مليونا و534 ألف سيارة، بالإضافة للحافلات والشاحنات.

وبسبب العقوبات المفروضة من الجانب الأميركي على إيران، انخفض إنتاج السيارات عام 2018 ليصل إلى 955 ألف سيارة. لكن من المتوقع أن يرتفع الإنتاج العام الجاري ليصل إلى مليون سيارة.

السيارة الأولى
بموجب ترخيص من شركة تالبوت البريطانية، صنعت إيران سيارتها الأولى بيكان (peykan) عام 1967 في شركة “إيران ناسيونال” أو ما تعرف اليوم “إيران خودرو”. كما أنتجت في العام نفسه حافلات ركاب وشاحنات نقل.

وإلى يومنا هذا تعتبر “إيران خودرو” إحدى كبرى الشركات المصنّعة للسيارات إلى جانب “سايبا” (Saipa) حيث تنتجان نحو 90% من مجموع السيارات في البلد، وتمتلك الدولة بين 14 و16% من أسهم الشركتين.

كما توجد في إيران العديد من الشركات المصنعة للسيارات منها بارس خودرو، كرمان موتور، زامياد، بهمن، مديران خودرو.

انسحابات
يعاني قطاع السيارات من مشاكل عدة، مثل ارتفاع أسعار المواد الأولية، وانخفاض الإنتاج، وتراجع الجودة وعدم تطوير الموديلات، خصوصا الآونة الأخيرة بعد تجديد العقوبات الأميركية على هذا القطاع وانسحاب الشركات الأجنبية الكبرى مثل “بيجو، رينو، مازدا، هيونداي” من البلد.

كما أدت العقوبات الأميركية إلى توقف أو انخفاض تصدير السيارات الإيرانية إلى بعض دول المنطقة مثل روسيا وأوكرانيا وتركمانستان وكزاخستان وموريتانيا ولبنان.

بيد أن لإيران مصانع محلية في بعض الدول مثل العراق وسوريا وأذربيجان وفنزويلا وبيلاروسيا والسنغال.

يقول محمد حسن شجاعي فرد عميد كلية هندسة السيارات بجامعة إيران للعلوم والتقنيات إن قطاع السيارات يعاني من عدم وجود إستراتجية خاصة به، وبما أن لدى الدولة أسهما في كبرى شركات السيارات فإن خطة العمل وإستراتيجية هذا القطاع تتغير تلقائيا مع تغيّر الحكومات.

كما أن هنالك شركات كبرى ونافذة في صناعة قطع الغيار لا تسمح بتغيير موديلات السيارات أو تطويرها، لأنه يتوجب عليهم حينها تطوير آلياتهم التي تعمل منذ عقود.

وصرح سعيد ليلاز عالم الاقتصاد والخبير بقطاع السيارات في حديثه للجزيرة نت بالقول “يواجه قطاع السيارات في إيران أربعة تحديات” أولها سياسية ودبلوماسية، فطالما تواجه إيران هذه الأزمات العالمية فإنها بطبيعة الحال ستتعرض لمعوقات بالتصدير أو جذب رأس المال الأجنبي.

التحدي الثاني هو العقوبات الأميركية التي تسببت بعدم التعاون مع الشركات الكبرى وانتقال التكنولوجيا المتقدمة إلى البلد، وكذلك صعوبة استيراد المواد الأولية في صناعة السيارات رغم أن 30 إلى 80% من أجزاء السيارة تُصنّع داخل البلد حسب كل موديل.

أما التحدي الثالث -يقول ليلاز- فهو الملكية، بحيث إن الدولة تمتلك جزءا من هذا القطاع ولا تمتلك المرونة والكفاءة التي يمتلكها القطاع الخاص. وأما التحدي الأخير فهو بيئة العمل والروتين الإداري والنظام المصرفي غير المنعطف في البلد.

انخفاض الجودة
يشتكي الإيرانيون من انخفاض الجودة وأسعار السيارات الباهظة لا سيما بعد عودة العقوبات من جديد وتراجع قيمة العملة المحلية مقابل الصرف الأجنبي، حيث لجأ الكثير من المواطنين إلى شراء سكن أو سيارة أو عملات أجنبية لحفظ القيمة الشرائية لديهم.

لذا تأثر سوق السيارات بعد اندفاع الناس نحو شراء السيارات المحلية مما أدى إلى ارتفاع أسعارها مقارنة بالسنة الماضية بین 70 و135% حسب الموديلات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية لإنتاج السيارة.

فمثلا برايد (PRIDE) وهي أرخص سيارة في إيران يقدّر سعرها حاليا بـ 3750 دولارا بعد أن كانت بـ 1750 دولارا في يونيو/حزيران العام الماضي، مع العلم بأن متوسط راتب موظف حكومي هو 238 دولارا في الشهر.

السيارات المستوردة
أما بالنسبة للسيارات المستوردة، فقد أغلقت الدولة موقع تسجيلها السيارات هذا العام. ولا تسمح حاليا بدخول الأجنبية حفاظا على الأموال داخل البلد وكذلك حماية الوطنية مما أدى إلى ارتفاع سعر السيارات الأجنبية بالسوق.

وتراوحت سابقا جميع الضرائب الجمركية المفروضة على دخول السيارة الأجنبية بين 100 و150% من سعر السيارة بالأسواق العالمية وخارج البلد.

خمسة عقود مرت على صناعة أولى السيارات بإيران، ولا يزال هذا القطاع يتأرجح على أمواج الاضطرابات السياسية والأزمات التي تواجه البلد. فهل يصل هذا القطاع إلى سواحل الأمان أم أنه يقترب يوما بعد يوم من براثن حيتان السياسة؟

المصدر : الجزيرة