الجهود المغربية تسهم في تراجع معدلات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا

الجهود المغربية تسهم في تراجع معدلات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا

الرباط – انخفض عدد المهاجرين غير النظاميين الذين تدفقوا إلى إسبانيا عبر مضيق جبل طارق، إلى حدود 13 أغسطس الجاري، بـ39 بالمئة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، ليصبح مجموع الوافدين 18 ألف مهاجر غير نظامي، ما يعني حسب بيانات رسمية، أن حكومة مدريد تقترب من هدفها المتمثل في الحد من الهجرة غير الشرعية بمقدار النصف خلال العام 2019.

وأكدت وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس”، عبر موقعها الإلكتروني، أن معدلات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، انخفضت في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بنسبة 30 بالمئة مقارنة بعام 2018.

وذكرت “فرونتكس” أن عدد المهاجرين غير الشرعيين بلغ 54300 مهاجر، وارتفع عدد المهاجرين غير الشرعيين عبر طرق الهجرة الرئيسية في أوروبا، في شهر يوليو 2019، بنسبة 4 بالمئة، مقارنة بشهر يونيو الماضي ليبلغ عددهم نحو 10500 مهاجر.

وأكدت مصادر مطلعة أنه بدعم مالي ولوجستي من الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، نشر المغرب قواته الأمنية لاحتواء ضغوط الهجرة على أوروبا، كما اعتبرت حكومة مدريد المغرب شريكا استراتيجيا في مكافحة الهجرة غير الشرعية، إقرارا بدوره الحيوي في الحد من هذه الظاهرة.

وتعهدت المفوضية الأوروبية بتقديم مبلغ 140 مليون أورو للمغرب من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية، وقد شرعت الحكومة الإسبانية بمباشرة عمليات شراء المعدات والوسائل اللوجستيكية اللاّزمة من أجل التحكم في تدفق المهاجرين غير الشرعيين نحو إسبانيا وتحويلها إلى المغرب، لمساعدته في الحد من تدفق المهاجرين.

ويكثف الاتحاد الأوروبي مساعداته للمغرب، باعتباره أحد الشركاء الرئيسيين له، وأشارت اللجنة الأوروبية أنه على “المغرب والاتحاد الأوروبي العمل معا على رفع التحديات المطروحة عليهما في الوقت الراهن، وأنه باستطاعتهما محاربة شبكات الهجرة، وإنقاذ الأرواح ومساعدة الأشخاص المحتاجين”.

ويلفت المغرب إلى أن مقاومته لهذه الظاهرة لا يعني أنه شرطي مرور لأوروبا على الحدود الجنوبية، بل يؤكد أن احتواء الهجرة الغير شرعية لا تنجح إلا بجهود دولية مشتركة. وشدد مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية المغربية خالد الزروالي،على أن حماية الحدود يجب أن تتم وفق منطق الربح المتبادل، وأن المسؤولية مشتركة، مبرزا الجهود التي تبذلها المملكة من أجل تعزيز الرقابة على حدودها ومحاربة الهجرة السرية، وكذلك مقاومتها بشكل فعال لشبكات تهريب البشر وتفكيك المنظمات الإجرامية ورفع مستوى المراقبة البحرية.

وتعود النجاعة المغربية في التعاطي مع ملف المهاجرين غير النظاميين، إلى وجاهة سياسة الهجرة التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس عام 2013، والتي مكنت من حماية المهاجرين من شبكات الاتجار بالبشر. وذكّر الزروالي أيضا بالاستراتيجية ذات البعد الإنساني التي اعتمدها المغرب لمقاربة هذا الملف، والتي تتسم في نفس الوقت بالشمولية.

بدوره لفت صبري الحو، الخبير في القانون الدولي والهجرة، إلى أن سياسة المغرب تستهدف المواطن الأفريقي أيضا وتحترم حقه وحريته سواء في العيش في المغرب أو في اختيار الهجرة بطرق قانونية.

وأحبطت السلطات المغربية خلال العام الجاري حوالي 25 ألف محاولة للوصول إلى إسبانيا عبر مضيق جبل طارق، كما تم تفكيك 50 شبكة لتهريب البشر أي بزيادة بحوالي 73 بالمئة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حسب مصادر الداخلية المغربية.

ويطالب المغرب بدعم مالي ولوجستي من الاتحاد الأوروبي ليتمكن من مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي باتت مصدر قلق لبلدان ضفتي البحر المتوسط. ويؤكد المغرب أن قيمة الدعم الذي يحصل عليه حاليا ليست كافية في مواجهة تنامي أعداد الأفارقة الراغبين في الوصول إلى أوروبا.

وخصّص الاتحاد الأوروبي منذ 2014 مبلغ 232 مليون أورو عبر مختلف الصناديق لدعم المبادرات والأعمال التي ترُوم حلّ ملف الهجرة بالمغرب، ما يَجعله ضمن البلدان الأكثر استفادة من المساعدات الأوروبية، وحددت “إسبانيا حوالي 26 مليون أورو لتزويد وزارة الداخلية المغربية بأسطول من المركبات لاحتواء أزمة الهجرة غير الشرعية”، وذلك بعد أن وافق مجلس الوزراء الإسباني على هذا الإجراء، الجمعة الماضي.

وتحظى الرباط بمساندة إسبانيا نظرا لأهمية الدعم المالي واللوجستي للتصدي للهجرة غير النظامية، وقد وأوردت وكالة “أوروبا بريس” الإسبانية أن المغرب سيتسلّم قريباً 750 مركبة وطائرات دون طيار لمراقبة الحدود، حُدّد عددها في حدود 15 طائرة، إضافة إلى سيارات للإسعاف وموارد أخرى.

ويتوجه المهاجرون إلى الضفة الشمالية للبحر المتوسط، عبر مضيق جبل طارق من المغرب إلى إسبانيا بعد أن تم تضييق الخناق عليهم في الجهة الشرقية من البحر الأبيض المتوسط، على الرغم من حوادث الغرق.

وأوضحت منظمة الهجرة الدولية أنه خلال العام الجاري، غرق 208 مهاجر انطلقوا من المغرب نحو إسبانيا، في حين غرق 150 مهاجرا انطلقوا من تونس قاصدين جزيرة صقلية.

وأكدت معطيات جديدة لمنظمة الهجرة الدولية، تراجع عدد المهاجرين غير النظاميين الذين لقوا حتفهم في البحر المتوسط، إلى 844 مهاجرا إلى حدود شهر أغسطس من عام 2019 الجاري، في حين بلغ عدد المهاجرين الذين هلكوا خلال 2018 بينما كانوا يحاولون عبور المتوسط نحو الضفة الأوربية 1541 مهاجرا.

وأرجعت منظمة الهجرة الدولية، أسباب عبور غالبية المهاجرين الذين لقوا حتفهم، والذين ينحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء، إلى المعدلات العالية من الفقر الذي يشمل وضعية المعيشة والتعليم ومستوى الرعاية الصحية وغيره من ضروريات العيش اليومية، كما تنتشر هناك النزاعات التي تقودها ميليشيات وفصائل مسلحة تسعى للسيطرة على الثروات هناك.

العرب