الحرب العالمية الحقيقية هي من يتحكم بأسعار النفط ويدمر الشعوب لكم التفاصيل.

الحرب العالمية الحقيقية هي من يتحكم بأسعار النفط ويدمر الشعوب لكم التفاصيل.

الباحثة شذى خليل *

في التحليل الاقتصادي لارتفاع وانخفاض أسعار النفط، هناك جواب واضح وبسيط: انها الولايات المتحدة فقط لأغير، فحتى عام 1970 كانت الولايات المتحدة مصدرة للنفط ، وأصبح انتاجها يساوي استهلاكها فقط ذلك العام .
كانت تحافظ على فائض في مقدرة انتاجها بحدود ثلاثة ملايين برميل يومياً، وتزيد الانتاج متى ما ارادت تخفيض السعر، وتخفض الانتاج عندما كانت تريد رفع السعر، وفقدت هذه الميزة عندما أصبحت مستوردة للنفط من عام 1970 إلى يومنا هذا، وتم إعطاء هذا الدور المرجح كما يسمى إلى االعربية السعودية والتنسيق مع  الولايات المتحدة  للسيطرة على أسعار النفط .
الجواب واضح كما جاء في دراسة في كلية الدراسات العليا للإدارة لجامعة هارفارد التي تقول: “السيطرة على سعر النفط وكمية انتاجه هما من ركائز الامن القومي الامريكي”.
إذاً كمية الانتاج والسعر من ركائز الأمن القومي الأمريكي، ومن البديهي أن الولايات المتحدة لا تجيره إلى أحد، وأن قرارا السعر وكمية الانتاج هما امريكيان 100%.
للدلالة على أن الولايات المتحدة تخطط سراً لخفض الأسعار لتحفيز اقتصادها نورد المثال التالي:
للباحث والمستشار الاقتصادي عبد الحي زلوم، إذ ذكر في مقالة له ان “دراسة سرية جداً” لوزارة الطاقة الامريكية وجهته الى وزارة الخارجية في 24/10/1984 جاء فيها “سياستنا يجب أن تنحوا نحو هبوط أسعار النفط 30-40 بالمئة، وذلك لمعافاة الاقتصاد الأمريكي، ”وفي برقية عاجلة من وزارة الخارجية الى سفارتها في لندن مشفّرَة سري جداً جاء فيها: “إن وزير الخارجية مهتم جداً بدراسة  عن تأثير هبوط كبير في اسعار البترول”.
كان ذلك في البرقية رقم 081715 المرسلة في شهر مارس 1985.
هبطت الاسعار من معدل 26 دولارا للبرميل في شتاء 1985 ، الى اقل من (10) دولار للبرميل 1986، تماماً كاليوم كان هذا التخفيض لتحفيز الاقتصاد الأمريكي، والي إنهاك الاتحاد السوفيتي الذي كان يحارب في أفغانستان.
ولكن لماذا تقوم هذه الدولة أو تلك بفعل يتنافى مع مصالحها؟ سأل أحد طلبة كلية البترول السعودية في الظهران، وزير بترول المملكة العربية السعودية أحمد زكي اليماني في يناير 1981، هذا السؤال: “المواطن السعودي الذي ينظر إلى السياسة النفطية الحالية سيجد بأن المملكة تنتج أكثر مما يحتاجه اقتصادها، وتبيع نفطها بأسعار أقل من المعدلات الجارية، بل أقل من الأسعار التي تبيع بها دول الخليج الأخرى، ومع ذلك فإن هذه التضحية تقابل بهجمات معادية من قبل الصحافة ووسائل الإعلام، بل وحتى من مسؤولين حكوميين كبار في الدول الغربية، ألا تعتقد بأن الوقت قد حان لأن نتوقف عن التضحية بأنفسنا في سبيل إرضاء مستهلكي النفط؟”.
الجواب الذي لم يسمعه السائل هو: لأن الأنظمة تريد الحفاظ على بقائها، فالولايات المتحدة تجلس فوق حقول النفط! طبعاً فالقرار ليس قرار السعودية، لأنه لو خفضت الانتاج اليوم إلى ثلاثة ملايين برميل فقط بدل عشرة، لارتفع السعر إلى 120 دولارا، ولكان الدخل يعادل ما تحصل عليه اليوم بإنتاج 10 ملايين برميل.

من الرابح والخاسر (المنتجين ام المستهلكين) ، تظهر الدراسات ان الخاسرين هم المنتجون للنفط ؟
الرابح الأكبر هي الولايات المتحدة ، والخاسر الأكبر هي الدول المنتجة للنفط، خصوصاً الدول العربية في الخليج ، ودع الأرقام تتكلم: تمثل ايرادات النفط 90% من صادرات السعودية ، و80% من دخل ميزانيتها ، وهي الأكثر تأثراً من الدول الاخرى ، اعتماد نيجيريا من دخلها على النفط 75%، روسيا 50% ، إيران 47% ، فنزويلا 40%.
هبوط السعر من 120 إلى 30 دولارا يعني هبوط 90 دولار/البرميل.
تستورد الولايات المتحدة حوالي 7 ملايين برميل يومياً ، أي توفر 630 مليون دولار/اليوم ، أو حوالي 230 مليار دولار بالسنة ، أضف إلى ذلك تحفيز الاقتصاد الأمريكي بفرق السعر للإنتاج المحلي حوالي 360 مليار دولار/السنة.
وهذا التوفير يذهب إلى جيب الشعب الأمريكي ، فقد هبطت أسعار البنزين والوقود والكهرباء ، في نفس الوقت الذي ارتفعت هذه الأسعار في الدول النفطية المنتجة.
لو كان إنتاج دول مجلس التعاون 17 مليون برميل/ اليوم ، فالخسارة اليومية هي حوالي 1.53 مليار دولار يومياً .

لنتائج السياسية والاقتصادية لهبوط وارتفاع أسعار النفط:
إن الهبوط المفاجئ وبالطريقة التي حصلت ، هي زلزال اقتصادي وسياسي من العيار الثقيل ، والذي سيكون له عواقب عالمية خصوصاً في البلدان المنتجة للنفط ، فحتى يونيو 2014 كان النفط يباع بــ 115$ / البرميل .
كان الافتراض السائد أن السعر سيبقى أعلى من 100 دولار ويزداد ببطء في المستقبل ، بناء على هذا الافتراض ، صرفت شركات الطاقة مئات ملايين الدولارات في عمليات الاستكشاف والحفر في اعالي البحار ، واستخراج الزيت الرملي في كندا ، والزيت الصخري في الولايات المتحدة ، والزيت الثقيل في فنزويلا ، علماً ان اكثر نوع من الانتاج كلفته لا تقل عن 50$/ البرميل ، واليوم هبط السعر عن 30$/ البرميل ، أي اليوم السعر قد هبط حوالي 75% عن سعر يونيو 2014 ، مما يجعل ما يسمى بالإنتاج غير التقليدي المذكور أعلاه بدون جدوى اقتصادية ، كما سيتم توقيف الانتاج بواسطة البرامج المساعدة للإنتاج ، مما يسمى الطرق الثانوية والثلاثية ، الاسباب التي دعت الولايات المتحدة للجوء الى زلزال اقتصادي هي في الاساس تعود لسببين:
السبب الأول ، هبوط الاسعار بهذا الشكل الزلزالي يهدف الى ”زلزلة” اقتصاد منافسي ومعارضي الولايات المتحدة ، وهم روسيا وفنزويلا وايران – لكن البلد المستهدف أساساً – هو الاقتصاد الروسي ، وبالتالي ما ينتج عنه من زلزال سياسي .
أما السبب الثاني ، فيتمثل في الاقتصاد العالمي والامريكي الذي لم يشفى لتاريخه من الازمة المالية لسنة 2008 ونتائجها ، وهناك تباطؤ اقتصادي في اوروبا وحتى في الصين – هبوط الاسعار يساعد على تحفيز تلك الاقتصادات والخاسر الاكبر هنا هي الدول المنتجة.

كانت نتيجة تدهور الاسعار أن خسر حزب شافيز الانتخابات في 6/12/2015 ، ووصل الى السلطة معارضوه ، والذين صرحوا بنيتهم شطب اصلاحاته ، وكان التقدير أن يحدث زلزال السعر الشيء نفسه في روسيا ، تم اختيار سعر 50$ في البداية باعتبار أن أكثر انواع الانتاج غير التقليدي (زيت صخري ، زيت رملي ، زيت ثقيل ، اعالي البحار) ، يمكن له البقاء والاستمرار على ذلك السعر ، المفاجئة كانت بصمود وتكييف الاقتصاد الروسي على ذلك الزلزال ، بعد انهيار الروبل ، ومما زاد الطين بله ، العقوبات المفروضة على روسيا بعد أزمة اوكرانيا ، والتي اوقفت امكانية اللجوء المؤقت للشبكة المالية العالمية ، تم اختيار توقيت ضربة عملة الروبل الروسية في ديسمبر 2014 ، حيث كان على روسيا دين خارجي ذلك الشهر بلغ 70 مليار$ ، وحوالي 40 مليار$ في الشهر الذي يليه.
تصرف البنك المركزي الروسي بشكل استوعب الضربة التي كان يؤمل أن تكون الضربة القاضية ، وتكيف الى حد كبير وبأقل الخسائر الممكنة.
المحافظون الجدد الذين يديرون العالم عبر اذرع الولايات المتحدة العسكرية والمخابراتية أصيبوا بصدمة صمود روسيا ، وكان عليهم استئناف حربهم تلك.
قامت المؤسسات الامريكية الحكومية والخاصة بدراسة الخطوة اللازمة لتركيع روسيا ، في دراسة اجرتها (مؤسسة Bloomberg) كانت النتيجة ان 15 من اصل 27 ، تم سؤالهم عن سعر النفط الذي سيزلزل الاقتصاد الروسي ، فكانت اجابتهم أن سعر ”الزلزال” هو 30$ للبرميل ، وأن روسيا غير مستعدة ولا مؤهلة لاحتمال هذه الصدمة الثانية ، اعتقد هؤلاء أن هذا السعر سوف يهز النظام المالي والبنكي ، وسوف يعرض الروبل الى هبوط حاد آخر ، وهكذا قررت امريكا هبوط الاسعار الى 30 دولاراً.
صرح وزير المالية الروسي في 25/11/2015 أن روسيا تأقلمت مع هبوط الاسعار ، وأن هبوط حتى 40$ لن يؤثر كثيراً على روسيا ، البنك المركزي الروسي قام بدراسة نتائج سعر أقل من 40$ (30$ مثلاً) ، فخرج بنتيجة ان الاقتصاد الروسي سوف يتقلص بمقدار 3% ، وان اسعار السلع ستزيد حوالي 7% ، كما تم تدمير الاتحاد السوفيتي بهبوط اسعار النفط الى اقل من 10 دولارات ، وحرب ثقيلة في افغانستان ، يأمل القابضون على السلطة في العالم الرأسمالي إعادة التاريخ مرّة ثانية لسقوط نظام بوتين عن طريق ضرب الاقتصاد الروسي وحروب استنزاف أينما أمكن .
قبل ان ابدي وجهة نظري ، انقل ما تنبأته وكالة الطاقة الدولية (IEA) ، حيث تنبأت أن سعر النفط سيصل ما بين 50-60 $ ، من الآن وحتى سنة 2020 ، ويصل الى 85$ بحلول عام 2040 ، اعتقد أن هذه النبوءة مُسيَسَة .
من الناحية الفنية ، فقط سأورد قراءتي لموضوع الأسعار ، علماً أنّ الموضوع تتداخله السياسة بقوة ، فلو تمّ تغيير سياسة الولايات المتحدة والدول العربية المنتجة للنفط لخفض الإنتاج ، فسترتفع الاسعار بأسرع من ما أذكر من الناحية الفنية فقط .
كان إنتاج الولايات المتحدة من النفط في شهر يناير عام 2010 ، هو 5.5 مليون برميل باليوم ، وأصبح 9.6 مليون برميل باليوم في يوليو 2015 – وكل هذه الزيادة جاءت من الزيت الصخري الذي لا يمكن انتاجه على اسعار 30$ – اذا خرج من السوق حوالي 4 ملايين برميل امريكي باليوم ، ومليون برميل من الآبار المنتجة بالمساعدة الثانوية والثلاثية ، سيرجع الانتاج الامريكي الى أقل ما كان عليه عام 2010 ، وهذا سيرفع الاسعار رغم أنف الولايات المتحدة ، خصوصاً لو اضفنا الى ذلك هبوط انتاج نفط الزيت الرملي من كندا ، اضف الى ذلك هبوط الآبار المنتجة بما يسمى (depletion rate) بحدود 3% ، أي هبوط إنتاج بــ3 ملايين برميل .
الاحتمال الأكبر ، أن مجموع هذه الانخفاضات سيمسح الفائض في المخزون العالمي خلال سنة ، لترتفع الأسعار إلى 50-60 دولارا ، قطاع إنتاج.
ما يجري الآن ، هو حرب عالمية بكل معنى الكلمة بين الولايات المتحدة ووكلائها وأتباعها ، وبين روسيا ودول البركس عموماً ، والرأسمالية المتوحشة لم تجد حرجاً لشن حرب عالمية ثانية كان حصادها مقتل 50 مليون انسان ، وتدمير بلدان بأكملها ، وهي اليوم تدير حرب عالمية أخرى –حرب طحن عظام– ليخرج منها العالم بشكل مختلف عن الشكل الذي بدا عليه.
الشعب العربي يدفع فواتير هذه الحروب من بترودولارات ، ومن بشر ، ومن حجر ، ونحن مسرح رئيس من مسارح هذه الحرب .
فهل سنشهد في المستقبل القريب عودة إلى مثل هذه الأسعار؟ لا أحد يعرف بالتحديد إلى متى ستواصل أسعار النفط انخفاضها.
هناك عدداً من العوامل التي أثرت بشكل جذري على أسواق النفط العالمية ، ومن بينها:
1. صعود الولايات المتحدة كمصدّر للبترول.
بين عامي 2012 و 2015 ، زادت الولايات المتحدة إنتاجها النفطي من 10 ملايين إلى 14 مليون برميل يومياً ، متخطية بذلك كلاً من روسيا والسعودية على رأس قائمة الدول الأكثر إنتاجاً للبترول ، هذه الكمية الإضافية الكبيرة من النفط المتاحة في السوق العالمية ، تعادل إنتاج نيجيريا وأنغولا وليبيا مجتمعة من النفط ، والتي تعتبر من أكثر الدول الأفريقية إنتاجاً للبترول.
ان هذه الزيادة في إنتاج الولايات المتحدة ، تعزى إلى التطورات التقنية في طريقة الحفر بالتكسير الهيدروليكي (فراكينغ) ، والتي تعتمد على ضخ الماء ومحاليل كيميائية في طبقات الصخور ، بهدف توسيع الشقوق في تلك الطبقة ، والوصول إلى ما يسمى بالنفط والغاز الصخريين ، واللذين لا يمكن استخراجهما بالطرق التقليدية ، وبالرغم من أن استخراج النفط بهذه الطريقة مكلف نسبياً ، إلا أن أسعار النفط المرتفعة في السنوات الأخيرة جعلت من هذا الاستثمار مجدياً.
تقنية التكسير الهيدروليكي (فراكينغ) مجدية ولكن الاستثمار فيها مكلف جدا Fracking in Patagonien, Argentinien.
وان وصول ناقلة نفط أمريكية محملة بالنفط إلى ميناء فوس البحري في فرنسا ، وهي أول شحنة نفط تجارية تصدرها الولايات المتحدة منذ سبعينيات القرن الماضي ، وهي علامة فارقة في تاريخ أسواق النفط.
2. زيادة الإنتاج في العراق.
لم ينتبه العالم إلى أن العراق كان في العام الماضي البلد الثاني على مستوى العالم الذي شهد ازدياداً في إنتاج البترول ، بالرغم من الصراعات التي يشهدها ، إلا أنه تمكن من زيادة إنتاجه من النفط الخام من 3.3 إلى 4.3 ملايين برميل يومياً ، وهذه الزيادة المقدرة بمليون برميل تعادل إنتاج الجزائر بأكمله ، وهو ثالث أكبر منتج للبترول في أفريقيا.
وفي الوقت الراهن ، ينتج العراق من النفط أكثر مما كان ينتج قبل الاجتياح الأمريكي عام 2003 ، وغالبية النفط العراقي مصدرها مناطق الحكم الذاتي الكردية في الشمال ، والتي تتمتع بأمان نسبي.
3. عودة إيران إلى تصدير النفط.
4. نفط المحيط في البرازيل.

البرازيل ، أيضاً ، من الدول التي زادت من إنتاجها للنفط خلال السنوات الماضية ، فبين عامي 2013 و 2015 ، ارتفع الإنتاج البرازيلي من 2.6 إلى 3 ملايين برميل يومياً ، وبحسب إحصاءات الأوبك ، فقد تم حفر 72 بئراً جديداً للبترول في البرازيل خلال العام الماضي ، مقارنة بـ87 بئراً في عام 2014.
كما عززت البرازيل من مكانتها في العالم كرائد في تقنيات استخراج البترول من أعماق البحار ، وذلك بعد اكتشاف كميات كبيرة من البترول على أعماق تتراوح بين أربعة وثمانية كيلومترات بين طبقات صخرية وملحية.
لكن التوقعات باستمرار “المعجزة النفطية” البرازيلية ليست مشجعة ، إذ من أجل الوصول إلى هذه الاحتياطيات النفطية في أعماق المحيط ، ينبغي استثمار مبالغ طائلة لا يمكن استرجاعها في ظل أسعار النفط العالمية حالياً ، بالإضافة إلى ذلك ، فإن شركة النفط البرازيلية شبه الحكومية “بتروبراس” تورطت مؤخراً في عدة فضائح فساد ، الأمر الذي اضطرها إلى التراجع عن عدد من استثماراتها.
5. بقاء السعودية على معدلات إنتاج منخفضة ، مع أنها قادرة على رفع إنتاجها بسرعة في وقت قصير نسبياً ، ودون تحمل تكاليف إنتاج كبيرة ، ما يدفع الأسعار إلى الهبوط ، ولكنها أيضاً قادرة على كبح إنتاجها النفطي من أجل رفع الأسعار عالمياً ، خاصة وأنها ثالث أكبر مصدّر للبترول في العالم.
انهيار سعر النفط .. يخلط أوراق اقتصاديات الدول المنتجة.
عارضت المملكة العربية السعودية قبل فترة ، تقليص كميات إنتاج البترول لمواجهة المنافسة الأمريكية والخصم إيران ، لكن ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم يواجه هو الآخر وضعا صعبا ، وصندوق النقد الدولي حذر من عجز كبير في الميزانية ، والآن تريد السلطات السعودية إدراج ضرائب ، وإلغاء دعم بعض المواد الاستهلاكية والكهرباء.
كما تسعى السعودية من خلال الإبقاء على أسعار النفط العالمية منخفضة ، إلى تحقيق هدف سياسي ، ألا وهو تحجيم دور غريمها الأساسي في المنطقة ، إيران ، في السوق العالمية.
6. انتهاء المعجزة الاقتصادية في الصين.
تباطأ معدل النمو الاقتصادي في الصين إلى 6.2% في الربع الثاني من العام 2019 ، وهي أبطأ وتيرة في 27 عاماً ، مع تراجع الطلب في الداخل والخارج في مواجهة الضغوط التجارية الأميركية.
يبدو الأمر غريباً أن يتحدث المستثمرون عن أزمة اقتصادية في الصين ، لكن المراقبين يخشون من أن الأرقام الرسمية تخفي صورة أكثر قتامة للاقتصاد الصيني ، فانهيار سوق المال الصينية في بداية العالم الحالي ، أطلق إشارة تحذير في أنحاء العالم ، من أن المعجزة الاقتصادية الصينية ربما وصلت إلى نهايتها.
في السنوات العشر الماضية ، ارتفع الاستهلاك الصيني للبترول من سبعة ملايين إلى 11 مليون برميل يومياً ، أي ما يعادل استهلاك أمريكا اللاتينية ومنطقة ما دون الصحراء في أفريقيا مجتمعة ، وبالتالي ، فلا عجب في أن مؤشرات أزمة اقتصادية بالصين قد تؤثر على أسعار النفط العالمية.
7. شتاء معتدل في نصف الكرة الأرضية الشمالي.
بحسب حسابات هيئة الأرصاد والمحيطات الأمريكية ، فإن عام 2015 شهد شتاءً هو الأكثر دفئاً منذ بدء عملية تسجيل الطقس في القرن التاسع عشر ، وبسبب ظاهرة “إل نينيو” المناخية ، يتوقع أن يشهد العام الحالي درجات حرارة مشابهة للعام الذي سبقه.
فالشتاء المعتدل والدافئ نسبياً في شمال الكرة الأرضية ، أدى إلى تراجع الطلب على وقود التدفئة في أوروبا والولايات المتحدة واليابان ، ما أدى إلى هبوط أسعار النفط عالمياً.
انحسار سيطرة أوبك:
اتفق أعضاء منظمة أوبك الـ14 ، ومن بينهم السعودية والعراق وإيران ونيجيريا وفنزويلا ، على إنتاج مشترك يقدر بـ(32.5) مليون برميل يومياً ، وبهذا تتحكم المنظمة في ثلث الإنتاج العالمي للنفط ، المقدر بـ(97) مليون برميل يومياً.
نظرياً ، يمكن لأوبك بسهولة أن تقلل الإنتاج لدفع الأسعار إلى الارتفاع ، لكن المنظمة لم تنجح حتى اليوم في كبح جماح الإنتاج النفطي تماماً ، ذلك أن أعضاءها ما يزالون يحافظون على معدلات الإنتاج مستقرة ، أو يقومون باستخراج كميات أكبر من البترول ، وعلى ما يبدو ، فإن منظمة أوبك غير قادرة على منع أسعار النفط من الهبوط.
إزاء هذه المعطيات ، ومع فائض في المعروض العالمي ، يربو 2 مليون برميل يوميا ، تزداد الضغوط على الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للبترول (أوبك) على عقد اجتماع استثنائي يتمخض عنه خفض سقف الإنتاج ، الذي يزيد حاليا بحوالي 1.5 مليون برميل يوميا عن سقف الإنتاج المستهدف والبالغ 30 مليون برميل يوميا ، مع الإقرار بأن سياسة أوبك الجديدة ، والتي تخلت بمقتضاها عن لعب ما يعرف في أدبيات الطاقة بالمنتج المرجح ، مقابل سياسة تقوم على الحفاظ على حصتها في السوق ، لاسيما السوق الواعدة في آسيا ، وهي سياسة أخذت تأتي أكلها ، وتجلى ذلك في استمرار انخفاض عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة الأميركية إلى اقل من 700 منصة ، مقابل 1650 منصة في شهر تشرين الأول (اكتوبر) من العام 2014.
بيد أن هناك مؤشرا مهما من أن أوبك عاقدة العزم على تخفيض الإنتاج لإعادة التوازن في السوق النفطي ، لا سيما بعد الاجتماع المثمر للمنظمة الذي انعقد في الجزائر ، على هامش مؤتمر الطاقة العالمي ، إذ تم الاتفاق على تخفيض الإنتاج من 33.2 مليون برميل يوميا إلى 32.5 مليون برميل يوميا.
وختاما .. فإن توقعات أسعار النفط:
المحللين كانوا حذرين بشأن الأسعار في 2019 ، فقد جاءت تقديراتهم أقل من المتوقع على خلفية الشكوك بشأن النمو العالمي ، والضغوط التي يشكلها الإنتاج الأميركي.
وحسب تقرير لصحيفة ليزيكو الفرنسية ، أشار إلى عوامل عدة من أجل تعديل توقعاتهم لأسعار النفط ، من بينها حجم الطلب العالمي ، ومدى تطبيق قرار منظمة أوبك بخفض الإنتاج ، وإمدادات الخام الأميركي ، بالإضافة إلى موقف الإدارة الأميركية من إيران.
وهناك مخاوف بشأن الطلب ، لأن الانخفاض الأخير في الأسعار يرتبط جزئيا بالمخاوف من التباطؤ العالمي الذي غذته الحرب التجارية  الأميركية على الصين   ، وانعكاساتها على الطلب العالمي  للنفط.

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية