ماذا سيفعل «ملك إسرائيل» ترامب بـ«الخونة» اليهود؟

ماذا سيفعل «ملك إسرائيل» ترامب بـ«الخونة» اليهود؟

نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغريدة لإعلامي أمريكي يقول فيها إن ترامب «أعظم رئيس ليس لأمريكا فقط، بل ولليهود وإسرائيل، وتاريخ البشرية»، وأن «اليهود في إسرائيل يحبونه وكأنه ملك إسرائيل. يحبونه كما لو كان المسيح في مجيئه الثاني»، وجاء التصريح كدفاع عن الرئيس الأمريكي بعد الانتقادات التي تعرض لها إثر تصريحه الثلاثاء الماضي الذي اتهم اليهود الأمريكيين الذين سيدلون بأصواتهم في الانتخابات المقبلة لصالح الحزب الديمقراطي بـ«النقص التام في المعرفة وعدم الولاء الكبير للولايات المتحدة».
أثارت تعليقات ترامب حول اليهود الأمريكيين الكثير من الانتقادات بينهم، واعتبرت تعبيرا واضحا عن «اللاسامية» لدى ترامب وحزبه الجمهوري، الذي ازدادت فيه، منذ انتخاب ترامب رئيسا، نزعات العنصرية والتطرّف وكره الأقليات، كما شهد عهده هجمات عنيفة ضد المهاجرين عموما، وضد اليهود خصوصا.
انتقادات اليهود الأمريكيين لترامب سببها أن تصريحه سيقرأ على أن ولاءهم الأول هو لإسرائيل، وهذه تهمة دائمة كانت تلاحقهم فهم ليسوا مزدوجي الولاء فحسب، بل إنهم يفضلون مصلحة بلاد أجنبية على مصلحة بلادهم، أما إذا قرئ التصريح على أن اليهود «خونة» لأنهم لا يصوتون لحزب ترامب فهذا يسقط عنهم مجددا الصفة الأمريكية، فلو كان حزب ترامب هو حزب المصالح الإسرائيلية، وكان ترامب هو «ملك إسرائيل»، فالتصويت له يعني التصويت لإسرائيل وليس لأمريكا نفسها، وهو ما يعيد اليهود إلى الخانة نفسها لتاريخ اضطهادهم في أوروبا باعتبارهم جالية أجنبية لا تنتمي للبلدان التي تعيش فيها.
الواضح من ردود فعل اليهود الأمريكيين أن مفعول البلطجة الترامبية جاء بنتائج معاكسة، لكن ردود الفعل هذه ليست مؤهلة لأن تصل إلى الاستنتاجات المنطقية، فاليهود الأمريكيون، كما يقول الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي، في كلا الحزبين، ليس لديهم ولاء لمبادئ العدل والأخلاق وروح الليبرالية التقليدية ليهود أمريكا. إنهم مخلصون للاحتلال الإسرائيلي، وهم لا يرون عناصر التشابه التي تجمعهم بالفلسطينيين، أو على الأقل الفلسطينيين داخل خط النكبة 1948، والذين هم متهمون أيضا بعدم الولاء، ولكنهم لا يملكون، كأقلية، النفوذ الكبير الذي يملكه اليهود في أمريكا.
لقد عمل يهود كثيرون ضد نظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا، كما أن كثيرين منهم ناضلوا لصالح حقوق السود في أمريكا، لكن هؤلاء يصابون بالعمى عندما يصل الأمر إلى الفلسطينيين، فلا يرون الاحتلال وجرائمه، ولا يتماهون مع النضال السلمي العظيم للفلسطينيين على مدار عقود، وبهذا العمى والتجاهل يساهم اليهود الأمريكيون في استمرار الدائرة الخبيثة التي تنتج التطرّف العنصري الإسرائيلي، وتنتج بالتالي العناصر الضرورية لاستمرار اللاسامية وكره اليهود في العالم وليس في فلسطين والعالم العربي فحسب.

القدس العربي