الزراعة في موريتانيا.. مشاكل تحول دون تحقيق اكتفاء ذاتي

الزراعة في موريتانيا.. مشاكل تحول دون تحقيق اكتفاء ذاتي

في مدينة ألاك بولاية لبراكنة شرق العاصمة نواكشوط، حضرت بلقيس محمد -وهي مزارعة بالجنوب الموريتاني- حفل إطلاق الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الموسم الزراعي الجديد نهاية الشهر الماضي الذي أعلن خلاله عن ربط المناطق الزراعية الجنوبية بالكهرباء.

بلقيس واحدة من بين مزارعين كثر يمارسون زراعة الأرز في أرض الضفة جنوب البلاد والتي تتمتع بأرض مطلة على نهر السنغال.

في حديث للجزيرة نت، اعتبرت بلقيس أن زراعة الأرز تعاني مشاكل كثيرة تعد حجر عثرة أمام استفادة المزارعين من نشاطهم، كما تحول دون صنع اكتفاء ذاتي (من الأرز) للمواطنين.

لكنها متفائلة في ظل الخطوات التي تتخذها الحكومة من أجل توفير احتياجاتهم، فـ “لطالما عانينا من عدم القدرة على توصيل الماء لبعض المناطق من مزارعنا. ونواجه المشاكل عند الحصاد”.

حجم الزراعة
يعتبر الأرز في هذا البلد من أكثر المواد الغذائية استهلاكا، فهو عنصر أساسي في الأطباق الرئيسية اليومية، وبلغت وارداته حسب مصادر رسمية عام 2013 أكثر من 240 ألف طن.

لكن حسب وزير الاقتصاد والمالية السابق المختار ولد أجاي فإن الرقم تقلص حتى وصل العام الماضي إلى 62 ألف طن.

وتؤكد وزارة التنمية الريفية أنه خلال الحملة الزراعية لسنة 2018-2019 وصل المحصول من الحبوب التقليدية إلى 106 آلاف طن، وكان ستين ألفا فقط السنة الماضية.

وتقدر الجهات الرسمية الأراضي الصالحة للزارعة والري بأكثر من خمسمئة ألف هكتار، تم استصلاح 46 ألفا منها حتى الآن. وتستهلك البلاد سنويا ثلاثمئة ألف طن من الأرز.

ويصل متوسط أسعار الأرز إلى 36 دولارا لكيس وزنه خمسون كيلوغراما، في حين يصل سعر الكيس المستورد ما يناهز 44 دولارا.

مشاكل متراكمة
يمارس بلعمش ولد المعلوم الزراعة في مدينة روصو الحدودية على نهر السنغال منذ سنوات، وهو أحد المزارعين الذين يتحدون الصعاب من أجل المواصلة في قطاع الزراعة.

ويعتبر -في تصريح للجزيرة نت- أن البلاد قادرة على صنع اكتفاء ذاتي من مادة الأرز، لكنها ما تزال عاجزة عن ذلك.

ويقول إن التسويق الداخلي يضر بالمزارع ويحد من استفادته من محصوله، ويعطي الفرصة للمضاربين لكي يكسبوا أكثر، كما أن آليات الحصاد من الصعب الحصول عليها، وأسعارها مرتفعة، إضافة إلى مشاكل عدم توفير مضخات أو حاصدات بسعر مناسب للمزارعين.

غياب الخضراوات
قبل أشهر انتشر الكثير من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي من تصريح لوزيرة الزراعة السابقة لمينة منت القطب ولد أمم التي قالت في مؤتمر صحفي إن البلاد صدرت دفعة أولى من الخضراوات إلى بريطانيا.

وتساءل الناشطون على مواقع التواصل عن تلك الخضراوات ولماذا لا تقدم للمواطن؟

وكانت نواكشوط قبل ذلك شهدت ارتفاعا بأسعار بعض الخضراوات لعدم تمكن شاحنات قادمة من المغرب محملة بالخضراوات من الوصول في الوقت المناسب.

وترى المزارعة بلقيس زراعة الخضراوات ممكنة، إذا تم استصلاح بعض الأراضي التي ما تزال مهملة. وتضيف أن بعض التجارب الشخصية أعطت نتيجة مهمة تشجع على القيام بزراعة الخضراوات.

وأكد بلعمش المعلوم هذا الرأي، وقال إن زراعة الخضراوات أثبتت أنها أفضل من الأرز من حيث النتيجة، لكنها تحتاج إلى مصانع وتتطلب الكثير من اليد العاملة.

فرص العاطلين
قبل سنوات من الآن قامت الدولة بدعم حملة الشهادات العاطلين عن العمل من أجل دخول مجال الزراعة، ومنحتهم قروضا يتم تسديدها بعد انتهاء المواسم الزراعية.

وكان الهدف من ذلك توفير فرص عمل للشباب من جهة، والمساعدة على تطوير قطاع الزراعة من جهة ثانية.

الوزير السابق ولد أجاي قال في مؤتمر صحفي أسبوعي سابق للحكومة إن قطاع الزراعة انتقل من 27 ألف هكتار عام 2018 إلى 31 ألفا هذا العام، مضيفا أنه سيتطور أكثر في باقي السنة.

وقتها رد على سؤال الجزيرة نت -حول عجز الدولة عن توفير الخضراوات وصنع اكتفاء ذاتي من الأرز- بالتأكيد أن الحكومة لا يمكن أن تزرع لكنها توفر الأراضي المستصلحة للمستثمرين ورجال الأعمال، وقال إن كل القطاعات تطورت ومن بينها الزراعة.

المصدر : الجزيرة