قصف يستهدف الجهاديين تزامنا مع بدء الهدنة في إدلب

قصف يستهدف الجهاديين تزامنا مع بدء الهدنة في إدلب

دمشق – استهدف ضربات صاروخية أميركية السبت اجتماعا لقياديين من مجموعات جهادية متشددة قرب مدينة إدلب بشمال غرب سوريا ما أسفر عن مقتل أربعين منهم على الأقل، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك تزامنا مع بدء سريان وقف لإطلاق النار في إدلب ومحيطها، كانت قد أعلنته موسكو ووافقت عليه دمشق.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، إن “ضربات صاروخية استهدفت اجتماعا يعقده قياديون في صفوف فصيلي حراس الدين وأنصار التوحيد ومجموعات متحالفة معهما داخل معسكر تدريب تابع لهم” قرب مدينة إدلب، ما تسبّب بمقتل “أربعين منهم على الأقل”.

وينشط فصيلا حراس الدين، المرتبط بتنظيم القاعدة، وأنصار التوحيد في منطقة إدلب ومحيطها حيث ينضويان في غرفة عمليات مشتركة مع فصائل أخرى متشددة.

وتقاتل هذه الفصائل المتشددة إلى جانب هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).

وشاهد مراسل وكالة فرانس برس أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من المزارع الواقعة شمال مدينة إدلب، بعد دوي انفجارات متتالية تردد صداها في المنطقة. وقال إنّ سيارات إسعاف هرعت إلى الموقع المستهدف، الذي لم يتمكن الصحافيون من الاقتراب منه.

وتأسس فصيل حراس الدين في فبراير 2018، ويضم نحو 1800 مقاتل بينهم جنسيات غير سورية، وفق المرصد.

واستهدفت القوات الأميركية التي تقود التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية مرارا قياديين جهاديين في منطقة إدلب. إلا أن وتيرة ذلك تراجعت بشكل كبير منذ عام 2017، لتتركز ضرباتها على مناطق سيطرة التنظيم الجهادي.

وصباح السبت، توقفت الغارات على محافظة إدلب مع دخول وقف لإطلاق النار حيز التنفيذ بعد أشهر من التصعيد.

وهذه الهدنة هي الثانية هذا الشهر، بعدما أعلنت دمشق موافقتها مطلع الشهر الحالي على وقف لإطلاق النار استمر أياما قبل أن تستأنف بدعم روسي عملياتها العسكرية في المنطقة، حيث تسبب التصعيد منذ نهاية أبريل بمقتل أكثر من 950 مدنيا وفرار أكثر من 400 ألف شخص.

وقال عبدالرحمن إن “الطائرات الحربية غابت عن الأجواء منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قرابة السادسة صباحا (بالتوقيت المحلي) والغارات الجوية قد توقفت”.

وبينما توقفت المواجهات بين قوات النظام والفصائل الجهادية والمعارضة عند أطراف إدلب منذ بدء الهدنة، يستمر القصف الصاروخي والمدفعي، وفق المرصد.

بينما توقفت المواجهات بين القوات السورية والجهاديين عند أطراف إدلب يستمر القصف الصاروخي والمدفعي

وأعلن الجيش الروسي الجمعة وقفا لإطلاق النار من جانب واحد في إدلب. ودعا المركز الروسي للمصالحة “قيادات المجموعات المسلحة إلى وقف الاستفزازات والانضمام إلى عملية التسوية في المناطق الخاضعة لسيطرتها”.

وسارعت دمشق إلى إعلان موافقتها على وقف إطلاق النار، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” عن مصدر عسكري “مع الاحتفاظ بحق الرد على أي خرق من الإرهابيين”.

وبسبب التصعيد، باتت بلدات وقرى بأكملها في جنوب إدلب وشمال حماة خالية من سكانها، وفق الأمم المتحدة. ويعيش قرابة نصف عدد النازحين في مخيمات ومراكز إيواء أو في العراء.

ويقول منسّق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية، بانوس مومتزيس، إنّ “معدل نزوح العائلة الواحدة في إدلب هو خمس مرات” وهو من بين الأعلى الذي سجلته الأمم المتحدة خلال سنوات النزاع في سوريا.

وتظاهر المئات من السوريين الجمعة قرب الحدود مع تركيا، وحاول بعضهم اختراق معبر باب الهوى، تعبيرا عن استنكارهم لهجوم قوات النظام على إدلب، قبل ساعات من إعلان الهدنة. وأطلق حرس الحدود التركي الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين لتفريقهم. وقال المتظاهر محمد العموري (53 عاما) إنه إذا استمر القصف على حاله “فسنتوجه إلى تركيا ونحو أوروبا لأن المدنيين لن يستطيعوا التحمل أكثر”.

وتخشى تركيا تدفق موجات جديدة من اللاجئين نحو أراضيها في حال استمر التصعيد في إدلب.

وتأوي إدلب ومحيطها نحو ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم تقريبا من النازحين من مناطق شكلت معاقل للفصائل المعارضة قبل أن تسيطر قوات النظام عليها إثر هجمات عسكرية واتفاقات إجلاء.

ويشمل اتفاق أبرمته روسيا وتركيا في سوتشي في سبتمبر 2018 المحافظة ومحيطها وقد نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل، على أن تنسحب منها المجموعات الجهادية. إلا انه لم يُستكمل تنفيذ الاتفاق، وتتهم دمشق أنقرة بالتلكؤ في تطبيقه.

ولا يستبعد الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر أنّ “تكون روسيا والحكومة السورية على استعداد لمنح تركيا فرصة جديدة من أجل تنفيذ بنود اتفاق” سوتشي. ولكن في الوقت ذاته، “قد يكون هدف دمشق وموسكو من توقف العمليات لفترة، تعزيز مكاسبهما الميدانية والاستعداد للمرحلة المقبلة”.

العرب