ميليشيات طرابلس تصعّد على الجبهة للتغطية على الخلافات مع السراج

ميليشيات طرابلس تصعّد على الجبهة للتغطية على الخلافات مع السراج

طرابلس – بدأت حكومة الوفاق الليبية خوض معارك ضارية لرفع معنويات قواتها، وإخفاء ما رشح من معلومات حول خلافات كبيرة بين رئيسها فايز السراج وقيادات التيار الإسلامي التي تريد السيطرة على مقاليد الأمور في ليبيا، بالاعتماد على ميليشيات مسلحة وعناصر ضالعة في الإرهاب بالمنطقة، وضمان الحضور في المعادلة السياسية المستقبلية.

ويستشعر السراج ورفاقه القلق من الحديث المتصاعد حول عملية سياسية يمكن أن تنطلق في ليبيا، والتي من المرجح أن يكونوا خارج حلبتها، خاصة أن غسان سلامة المبعوث الأممي إلى ليبيا جدد دعوته للسلام قبل أيام، وناشد قوى إقليمية ودولية لدعمه في عقد ملتقى سياسي يوقف زحف المعارك العسكرية الراهنة.

وتجددت الاشتباكات المسلحة، السبت، بين الجيش الوطني الليبي وقوات حكومة الوفاق، في عدد من محاور القتال في طرابلس، بعد فترة من الهدوء.

وزعم المتحدث باسم عملية “بركان الغضب” التي أطلقتها حكومة الوفاق أن القوات التابعة لها أحرزت تقدما في محيط العاصمة.

وأعلن اللواء 73 مشاة عن صدّ هجوم كبير لمسلحي الوفاق على منطقة السبيعة، وكبدت قوات الجيش الكتائب المسلحة المتحالفة مع حكومة الوفاق خسائر فادحة في الآليات والأرواح.

وأكد المنذر الخرطوش المسؤول الإعلامي في اللواء 73 مشاة، في تصريح خاص لـ”العرب”، “أنه تم تدعيم قوات اللواء 73 مؤخرا بتعزيزات عالية الكفاءة في جميع الوحدات القتالية، وشمل الدعم المحاور الرئيسية والمتقدمة، ما أدى إلى ارتباك قادة الميليشيات والدفع بعناصر للهجوم العشوائي على تمركزات تابعة الجيش الوطني في طرابلس”.

وشدد المنذر على أن هذه المحاولة “يائسة ومتكررة بغرض إفشال تكتيكات غرفة العمليات في المنطقة الغربية التي أصبحت جاهزة تماما لساعة الصفر، بعد قياس قدرات العصابات المسلحة في الحشد والتسليح”، لافتا إلى أن القائد العام المشير خليفة حفتر هو من يحدد الموعد الذي سيتم فيه الانطلاق ودخول العاصمة.

وتحدثت دوائر كثيرة تابعة للجيش الليبي خلال الأيام عن ساعة الصفر، واقتراب حسم عملية تحرير طرابلس التي رأت بعض الجهات أنها استغرقت وقتا أكبر مما هو متوقع، ما يشير إلى الحذر الشديد وصعوبة المعارك على جبهات العاصمة.

وأوضح العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الليبية وآمر المركز الإعلامي لغرفة “عمليات الكرامة”، الأربعاء، أن الإعلان أكثر من مرة عن ساعة الصفر، “يدخل في إطار عمليات الاستنزاف للعدو، واختبار بعض القدرات وإرباكه”.

وأفادت الكتيبة 128 مشاة عن صدها محاولة من مسلحي الوفاق للهجوم على منطقة سوق الخميس مسيحل، أملا في التقدم نحو منطقة فم ملغة.

وعلق محمد العباني عضو مجلس النواب على الغارات الجوية التي استهدفت مدينة ترهونة على صفحته على “فيسبوك” الجمعة، “الجيش يعمل ولا يلعب.. الحرب على الإرهاب لن تتوقف طالما هناك إرهابي واحد يتخذ من ليبيا وكرا له”.

وقال مسلحون تابعون لحكومة الوفاق، السبت، إنهم قاموا بشن هجوم كبير على محاور في جنوب طرابلس، لاستعادة المواقع التي تسيطر عليها قوات الجيش الوطني، وإن حكومة الوفاق أعلنت أن ساعة الصفر بدأت لما وصفوه بـ”تحرير مناطق جنوب طرابلس”.

وأشار المكتب الإعلامي لكتيبة “الضمان” التابعة للوفاق إلى أن “الوضع الميداني للمسلحين جيد، ويحققون تقدما في محور عين زارة، وسيطروا على بعض تمركزات الجيش الليبي، وكبدوا عناصره خسائر”.

وكشفت مصادر عسكرية لـ”العرب”، أن ميليشيات مصراتة انسحبت من الخطوط الأمامية في طرابلس وركزت تحشيداتها في منطقتين، الأولى: القرة بوللي، على مسافة 80 كيلومترا من العاصمة وتتوسط المسافة طرابلس ومصراتة لتحمي خط الهروب إلى الأخيرة، والثانية: منطقة الزطارنة، القريبة من ترهونة المؤيدة للجيش الوطني، وتحاول الميليشيات الهجوم عليها واحتلالها لقطع إمدادات الجيش.

وعلمت “العرب” من مصدر ليبي، أن الجيش الوطني يقوم بحشد تعزيزات هي الأكبر من نوعها على كافة المحاور، وتتوافد الإمدادات على القوات المتمركزة حول طرابلس من مدن مختلفة تحررت من سطوة الميليشيات والكتائب المسلحة مؤخرا.

وشدد المصدر على “الجهوزية واستمرار العمليات دون تراجع، ورفض الجيش لأي حوار مع من يمثلون الإرهابيين، ولن يتفاوض مع أي طرف سياسي حول المبدأ الرئيسي وهو إنجاز عملية تطهير العاصمة من الإرهاب”.

وأضاف أن من يحاولون التسويق للتفاوض في الوقت الراهن، هم “شخصيات موجودة داخل المجلس الرئاسي الاستشاري وحكومة الوفاق وقيادات الميليشيات، ومن يدعمونهم ويقفون خلفهم لكسب الوقت، أو محاولة الاندماج في أي مشروع سياسي قادم والمحافظة على بقائهم”.

ويتفق كلام المصدر الليبي السابق مع تقديرات دبلوماسية أن الجلوس على طاولة واحدة مع السراج ورفاقه معناه “اعتراف بفشل عملية تحرير طرابلس، وكأن شيئا لم يتغير بعدها، والشعب دفع ثمنا باهظا بلا مقابل”.

وذهبت التقديرات إلى القول إنه “لا تسوية سياسية جديدة تنطلق من المعادلة التي سادت قبل تحرك الجيش الليبي نحو طرابلس في 4 أبريل الماضي”.

ونجحت القوات المسلحة الليبية في المحافظة على تمركزاتها في طرابلس وحولها خلال الخمسة الأشهر الماضية، لاستنزاف واستدراج الميليشيات خارج مناطق الكثافة السكانية.

وتمكن الجيش الوطني من تطويق عناصر تابعة للكتائب المسلحة في مناطق عدة، مثل وادي الربيع وعين زارة وفي طريق المطار، ولم تستطع الدفاعات الخاصة بالميليشيات والتنظيمات الإرهابية المتحالفة مع السراج اختراق التمركزات التابعة لقوات الجيش، وفي كل محاولة سعت فيها لإحداث ثغرة في صفوف القوات المسلحة كانت تتكبد خسائر عسكرية فادحة.

وألمحت المصادر الدبلوماسية لـ”العرب”، إلى أن الجيش يعاني من عدم وجود الدعم السياسي الدولي اللازم الآن في معركته لتحرير طرابلس من العصابات المسلحة والتنظيمات المتطرفة المتحالفة مع حكومة الوفاق، ولذلك يعمل سريعا لتحقيق نصر عسكري حاسم.

العرب