شخصنة العلاقات الدولية.. هل فعلها ترامب مجددا في حالة إيران؟

شخصنة العلاقات الدولية.. هل فعلها ترامب مجددا في حالة إيران؟

يصف المؤرخ الأميركي تيموثي نفتالي الرئيس دونالد ترامب بأنه من النوع الذي تتحكم به “عواطفه وعصبيته” بدلا من “الخبرة وتقدير أهمية الأحداث”، ويعتقد أن ما يفعله ترامب سلوك خطير، إذ لا يصح أن تكون مصالح واشنطن الإستراتيجية مرهونة بمزاج الرئيس.

وعبر نفتالي -في دراسة عرضتها صحيفة لوس أنجلوس تايمز- عن اقتناعه بأن الرئيس ترامب لا يحسب حسابا إلا لتفضيلاته وكيف يمكن لهذه السياسة أو تلك أن تؤثر عليه، وعلى فرص إعادة انتخابه.

ولا تعد سياسة ترامب ومواقفه تجاه الملف الإيراني استثناء من ذلك السلوك، بل يمكن اعتبارها النموذج الأوضح على شخصنة ترامب لمواقف واشنطن تجاه واحد من أهم التحديات التي تواجهها في الشرق الأوسط.

لا أحد يوقف ترامب
يترك ترامب بصمة واضحة على قضايا عدة بصورة تتناقض كلية مع طريقة عمل العاصمة الأميركية التقليدي. وعلى غرار إجرائه ثلاثة لقاءات حتى الآن مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، يؤمن ترامب أن عليه الاجتماع مع الرئيس الإيراني حسن روحاني.

وقال الباحث بمركز ويلسون للدراسات بواشنطن ديفد أوتواي للجزيرة نت، “ربما نشهد لقاء بين روحاني وترامب. ترامب يهدف لذلك منذ شهور، والإيرانيون في حاجة للقاء من أجل تخفيف الضغوط الاقتصادية الكبيرة عليهم”.

وأضاف “لقد وصل معدل تصديرهم للنفط إلى مئة ألف برميل يوميا فقط، ولا يوجد كذلك أي استثمارات أجنبية جديدة”. ولا يعتقد أوتواي أن اعتراضات المتشددين من الجمهوريين أو التحفظ الإسرائيلي على مثل هذا اللقاء سيثني ترامب عن السعي لعقده.

رئيس غير أيديولوجي
أظهرت تجربة إقالة مستشار الأمن القومي جون بولتون عدم اكتراث الرئيس ترامب بأي مواقف أيديولوجية مسبقة. وترامب الذي جاء مغردا من خارج الإطار الأيديولوجي للحزب الجمهوري لا يحمل معه أي إرث من ماضي الحزب أو مواقفه، من هنا كان ترامب على استعداد لاستضافة قادة حركة طالبان الأفغانية في واشنطن، واللقاء بهم في المنتجع الرئاسي بكامب ديفد.

ولا يعير ترامب أي اهتمام لموقف قيادات الكونغرس من الجمهوريين في تشكيل السياسات الخارجية، ويؤمن أنه أصبح أكثر قوة من مؤسسة الحزب ذاتها. وعلى الرغم من مهاجمة السيناتور ليندسي غراهام والسيناتور توم كوتونز -وهما من الأعضاء الأكثر قربا لترامب في مجلس الشيوخ- لمواقف ترامب تجاه إيران وطالبان، لم يغير ترامب موقفه.

ويرى الكاتب دانيال لارسون أن وصول ترامب لسدة الحكم في واشنطن نقطة محورية في شخصنة العلاقات الدولية للولايات المتحدة، فقد جاء من خارج واشنطن دون أي خبرة بملفات السياسة الخارجية.

حسابات ترامب المختلفة
يكرر ترامب في المؤتمرات الانتخابية واللقاءات الصحفية أنه رجل غير سياسي، وأنه يلتزم بما يتعهد به من وعود. وخلال حملته الانتخابية تعهد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما قام به منتصف العام الماضي. كذلك تعهد ترامب بالتوصل لصفقة أفضل مع الإيرانيين مقارنة بما توصل إليه سلفه باراك أوباما.

ويقول ديفد أوتواي، “لا أتصور أن ترامب يستطيع الوصول لاتفاق مع الإيرانيين أفضل مما توصل إليه الرئيس السابق أوباما. ربما يستطيع فقط أن يطيل من السنوات التي لا يمكن لإيران خلالها تخصيب اليورانيوم”.

ويشكك أوتواي في نية ترامب قائلا، “إذا كان ترامب يتطلع لعقد صفقة أفضل من تلك التي عقدها أوباما، فلماذا انسحب إذن؟ لماذا لم يطالب بتعديلها بدلا من تعقيد إطار المفاوضات؟”.

أما الخبير العسكري الأستاذ المساعد في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية ديفد دي روش، فقال للجزيرة نت “لا أعتقد أننا على مقربة من عقد قمة بين روحاني وترامب، فكلا الطرفين لديه شروط لا يمكن قبولها لعقد مثل هذا الاجتماع”.

وأشار إلى أن “رغبة ترامب في عقد اللقاء أكبر من رغبة روحاني، ويعتقد ترامب أنه رجل الصفقات وأنه أفضل المفاوضين”.

وربما يرى ترامب، على غرار حالة كوريا الشمالية، أن مجرد عقد اللقاء مع الرئيس الإيراني يعد مكسبا سياسيا يمكن استغلاله خلال الحملة الانتخابية والادعاء أن الأمور تتجه للأفضل. ويعول ترامب على دعم الديمقراطيين حال انعقاد لقاء قمة مع روحاني من أجل الوصول إلى اتفاق جديد.

وعلى الرغم من أنباء عن انفتاح ترامب تجاه المقترح الفرنسي لفتح خط ائتمان بقيمة 15 مليار دولار للإيرانيين، فإن بروفيسورا إيرانيا يعمل بإحدى الجامعات الأميركية يشكك في عقد لقاء القمة.

وقال البروفيسور -الذي طلب عدم نشر اسمه- للجزيرة نت، “لا أعتقد بإمكانية عقد اللقاء لسببين، الأول قناعة زعماء إيران أن الرئيس ترامب ليست لديه رغبة في حل الخلاف، وإلا لما انسحب من الاتفاق النووي. أما السبب الثاني فهو موقف المتشددين داخل إيران الذين سيزيدون من عدائهم لروحاني إذا التقى ترامب”.

وأكد أن “الموقف الإيراني الرسمي يتمثل في رفض طلب عقد اللقاء الذي كرره عدة مرات الرئيس ترامب”.

أما الباحث ديفد أوتواي فيرى أن “احتمال توصل الطرفين لعقد قمة ما زال واردا بنسبة 50%، وهذا سيغضب السعوديين”.

الجزيرة