استهداف أرامكو: التصنيع والتوجيه إيراني

استهداف أرامكو: التصنيع والتوجيه إيراني

اتهام السعودية لإيران بالضلوع في الهجوم على منشآت تابعة لشركة أرامكو يثير تطلّع المراقبين إلى إمكانيات وسبل الردّ على هذا التصرّف الإيراني الخطير، وخصوصا من قبل الولايات المتحدة الحليف الأكبر للسعودية والتي تقول إنّها معنية بأمن إمدادات الطاقة العالمية، وتظهر في نفس الوقت تردّدا في مواجهة إيران وميلا إلى عدم تجاوز سياسة تسليط الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية عليها.

الرياض – وجّهت المملكة العربية السعودية، الأربعاء، أصابع الاتّهام إلى إيران بالضلوع مباشرة في الهجوم الأخير على منشآت نفط سعودية، عارضة أدلّة تقنية على ذلك.

وجاء ذلك بينما انصبّ الجهد الدبلوماسي السعودي بشكل واضح على وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في حماية مصادر إمدادات الطاقة وحماية خطوط نقلها نحو الأسواق العالمية، وذلك في وقت أظهرت فيه الولايات المتحدة الحليف الأول للرياض تردّدا في التعامل مع السلوكات الإيرانية في ظلّ ميل من إدارة ترامب إلى مواصلة سياسة تسليط أقصى الضغوط على طهران بدل الحسم ضدّها.

وقام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الأربعاء، بزيارة إلى السعودية لمناقشة الردّ على الهجمات على المنشآت النفطية السعودية، بحسب ما جاء على لسان مايك بنس نائب الرئيس الأميركي.

واستبق نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، زيارة بومبيو بتغريدات على تويتر أثنى فيها على جهود إدارة ترامب، في مواجهة النظام الإيراني وعدوان الجماعات الإرهابية.

وقال في تغريداته “نقدر التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها في المنطقة”، مضيفا “نشكر ترامب على دعمه وسنواصل التعاون مع الولايات المتحدة ضد قوى الشر والعدوان”.

وقال تركي المالكي، المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودية، الأربعاء، إن الهجمات التي استهدفت منشأتي شركة أرامكو عملاق النفط السعودي جاءت من الشمال، بدعم من إيران.

وتم خلال مؤتمر صحافي عقده المالكي في الرياض عرض صور لبقايا صواريخ استهدفت معملي أرامكو في البقيق وهجرة خريص. وقال الناطق باسم الوزارة إن “لدينا أدلة على تورط إيران في أعمال تخريب في المنطقة عبر وكلائها”.

وأوضح أنّ المنشآت المستهدفة تقع خارج نطاق الطائرات المسيرة من مناطق ميليشيات الحوثي التي ادّعت مسؤوليتها عن الهجوم، مضيفا “شاركنا نتائج التحقيقات في الهجوم على معملي أرامكو مع حلفائنا”، ومعتبرا الهجوم على بقيق وخريص امتدادا لهجمات سابقة تقف خلفها إيران.

وأكّد خلال العرض أن طائرات مسيرة إيرانية الصنع من طراز “دلتا ونج” شاركت في الهجوم على أرامكو. وعرض مقطعا يظهر أن الطائرات المسيرة التي نفذت الهجوم كانت تحلق من الشمال إلى الجنوب.

كما أكد أنه تم استخدام صواريخ كروز دقيقة من طراز “يا علي” في الهجوم وأن الطائرات المسيرة التي هاجمت المنشأتين استخدمت نظام تموضع متقدما، مشيرا إلى أن الحرس الثوري الإيراني أعلن في فبراير الماضي امتلاكه طرازا متقدما من تلك الصواريخ.

وعرض المالكي صورا للصواريخ التي تم فحصها وعلى بقاياها كتابات تثبت أنّ مصدرها إيراني. وقال إنه تم استخدام خمس وعشرين طائرة مسيرة وصاروخ كروز للهجوم على المنشأتين في السعودية، مشيرا إلى أن ثلاثة صواريخ لم تصب أهدافها في الهجوم.

وتعمل السعودية التي أظهر الهجوم على منشآتها النفطية قصورا كبيرا في منظومتها الدفاعية ونقصا في قدرتها على حماية منشآتها الحيوية، على خلق رأي عام مضادّ للسلوكات الإيرانية، على أساس وجود مصلحة دولية كبرى في حماية أمن السعودية كأكبر مصدّر للنفط في العالم.

وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن الهجوم على المنشآت النفطية لبلاده “اختبار حقيقي للإرادة الدولية في مواجهة الأعمال التخريبية المهددة للأمن والاستقرار الدوليين”.

وأجرى الأمير محمد، الأربعاء، اتصالا هاتفيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تطرق خلاله للمستجدات السياسية والأمنية بعد الهجوم الأخير على المنشآت النفطية التابعة لشركة أرامكو، بحسب ما ذكرته وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء.

وفي ذات سياق التحرّكات الدبلوماسية السعودية، ضدّ إيران، قال مكتب الرئاسة في كوريا الجنوبية إنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان طلب من سول، الأربعاء، المساعدة في تعزيز نظام الدفاع الجوي للمملكة بعد الهجمات على منشأتي النفط السعوديتين.

وذكر مكتب الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن أن الطلب جاء خلال مكالمة هاتفية مع مون الذي عبر عن مواساته للمملكة على الأضرار الناجمة عن الهجمات ودعمه لحرب عالمية على الإرهاب.

وكوريا الجنوبية هي خامس أكبر مستورد للنفط الخام في العالم وتحصل على نحو 30 بالمئة من احتياجاتها من السعودية.

وقال مكتب مون إن الرئيس عرض المساعدة في جهود الترميم وإن ولي العهد أشار إلى ترميم ثلثي المنشأتين قائلا إن الإنتاج سيعود إلى مساره مئة في المئة في غضون عشرة أيام.

وفي إطار مساعي تأمين إمدادات النفط نحو الأسواق العالمية، أعلنت السعودية، الأربعاء، الانضمام إلى التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية.

وجاء ذلك حسب تصريحات لمصدر مسؤول بوزارة الدفاع السعودية، نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، دون أن تسميه.

وأوضح المصدر أن التحالف يهدف إلى “حماية السفن التجارية بتوفير الإبحار الآمن لضمان حرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية، وحماية لمصالح الدول المشاركة في التحالف، بما يعزز الأمن وسلامة السفن التجارية العابرة للممرات”.

وأشار إلى أنّ “منطقة عمليات التحالف الدولي لأمن الملاحة في الخليج، تغطي مضيق هرمز وباب المندب وبحر عمان والخليج العربي”.

وأرجع انضمام المملكة إلى التحالف لـ“مساندة الجهود الإقليمية والدولية لردع ومواجهة تهديدات الملاحة البحرية والتجارة العالمية، وضمان أمن الطاقة العالمي واستمرار تدفق إمدادات الطاقة للاقتصاد العالمي والإسهام في حفظ السلم والأمن الدوليين”.

وظهرت فكرة تشكيل تحالف أمني عسكري لحماية أمن الملاحة البحرية في مضيقي هرمز وباب المندب يوليو الماضي لأول مرة على لسان رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال جوزيف دانفورد، بعد سلسلة من الهجمات على ست ناقلات نفط، وإسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية طائرة استطلاع أميركية، قرب مضيق هرمز.

وتتواصل واشنطن على مستويات مختلفة، مع مسؤولين من 62 دولة، لمناقشة تشكيل تحالف عسكري أمني لتأمين حرية الملاحة الدولية في الخليج العربي وبحر عمان والبحر الأحمر.

العرب