أقطاب سنة العراق يحشدون لمعركة الانتخابات المحلية

أقطاب سنة العراق يحشدون لمعركة الانتخابات المحلية

دفع الصعود السريع لنجم الشاب محمد الحلبوسي الذي يرأس البرلمان العراقي منافسيه في الوسط السني إلى إعادة النظر في خياراتهم السياسية، لاسيما مع اقتراب استحقاق انتخابي جديد ربما ينتج خلطة مختلفة من التكتّلات والتحالفات.

وشاع على نطاق واسع في الأوساط السياسية أن الحلبوسي يستخدم الإمكانات الهائلة التي يوفرها منصبه لتعزيز نفوذه. وخلال الأسابيع الأخيرة نجح الحلبوسي في استمالة آخر النواب الذين كان يريد ضمّهم إلى كتلته التي تقترب من أن تحجز 50 مقعدا في البرلمان لتضمن له بذلك التأثير في المشهد السياسي الحالي، والظهور بقوة خلال انتخابات مجالس المحافظات المقرّر إجراؤها في أبريل المقبل.

وتقول مصادر في بغداد إن الحلبوسي استثمر علاقاته ببعض أوساط القضاء العراقي ليحسم خصومات سياسية مع منافسين أرغمهم لاحقا على الدخول ضمن كتلته، وأرسل إلى منافسين آخرين في الوسط السني رسائل تثير الرعب.

وكثيرا ما يُنظر إلى الشخصيات العراقية التي تعرض نفسها كممثّلة للمكوّن السنّي في العملية السياسية في العراق باعتبارها مجرّد ديكور مكمّل في سلطة تقودها عمليا الأحزاب الشيعية وأنّ صراع الشخصيات السنّية الأساسي منصبّ على تحصيل المكاسب المادية والمعنوية لنفسها أكثر من خدمة المكوّن الذي تدّعي تمثيله.

ويقول محلّل سياسي عراقي إنّه “منذ عام 2003 وهو العام الذي أعلن فيه أن مصير العراق سياسيا سيكون مرتبطا بنظام محاصصة بين المكونات الاجتماعية، لم يحظ المكون السنّي ببروز زعامة بإمكانها أن تحظى بالإجماع بالرغم من أن المناصب قد تم تدويرها بين المتحاصصين عن طريق انتخابات كانت محل شك دائما. ذلك لأن اختيار الأشخاص ظل مرتبطا بالأحزاب التي أسندت لها مهمة المساهمة في مجلس الحكم الذي شكلته سلطة الاحتلال بزعامة الأميركي بول بريمر. ولذلك أخفق المكون السني في الخروج من مأزق التمثيل غير المنصف والبعيد كل البعد عن النزاهة”.

وتشير المصادر إلى أن رئيس البرلمان العراقي الحالي استخدم ضد منافسيه تهديدات تتعلق بتهم إرهاب وفساد عبر القضاء لإخضاعهم.

ويقول خصوم الحلبوسي إنّه يصفي خصومه السنّة ويبالغ في مسايرة حلفائه الشيعة سعيا للتحوّل إلى زعيم وحيد للساحة السياسية السنية في غضون أعوام.

وردا على تحركات الحلبوسي أعلن رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي عن تشكيل جبهة سياسية “للإنقاذ” ضم إليها بعض الوجوه السنية المعروفة كالسياسي المثير للجدل مشعان الجبوري ووزير التخطيط السابق سلمان الجميلي ووزير الكهرباء السابق قاسم الفهداوي والسياسي البارز أحمد المساري. ووفقا لمصادر مطلعة تحدثت لـ“العرب”، فإن “خطا من التواصل جرى فتحه خلال الأيام القليلة الماضية بين النجيفي وزعيم المشروع العربي خميس الخنجر”.

وسبق للخنجر أن انفصل عن النجيفي بعد خوض انتخابات 2018 في قائمة موحدة بسبب خلاف تحول إلى تراشق علني. لكن الخطورة التي يمثلها الحلبوسي، يبدو أنها تعيد التقريب بين المشروعين.

ويعتقد مراقبون أن التحاق الخنجر بمشروع النجيفي ربما يقود إلى تشكيل كتلة قادرة على مواجهة طموحات الحلبوسي.

الحلبوسي يصفي خصومه السنّة ويساير حلفاءه الشيعة سعيا للتحول إلى زعيم وحيد للساحة السياسية السنية

لكن السياسي الشيعي المقرب من الخنجر عزت الشابندر هاجم مشروع النجيفي بقوة، ووصفه بأنه “تجمع الهولوكوست الجديد”، مؤكدا أن جبهة الإنقاذ تضم ساسة “مفلسين” وتحظى بدعم دول إقليمية “لا تريد الخير للعراق”. وأضاف أن “فشل المشروع جاء بعد رفض القوى والشخصيات الوطنية الانخراط في هذا التجمع المشبوه”.

ويقول رئيس كتلة المشروع العربي في البرلمان أحمد الجربا إن “النجيفي والخنجر بينهما اختلاف في وجهات نظر وليس عداوة”، رافضا التعليق على أنباء التقارب الجديد بينهما.

وأضاف أن “التخبط السني سيستمر إذا استمر التنافس بين قادة المكون”، معترفا بأن “الصراع السياسي الذي تشهده الساحة السنية لا يتعلق بالبناء بل بالزعامة”، ومعتبرا أنّ “الزعامة السياسية بالمعنى الأبوي ليست موجودة في الساحة السنية، فكل زعيم يريد سحق الآخر”.

وبشأن الموقف من الحلبوسي قال الجربا إن المشروع العربي لا يدعمه ولا يقف ضده في الوقت عينه.

ويقول مراقبون إن “أسامة النجيفي ربما يلجأ إلى إحياء الخطاب الطائفي بهدف استنهاض مشاعر الجمهور السني الممتعض من أداء الطبقة السياسية التي تمثله”. لكن النجيفي يدافع عن مشروعه، نافيا عنه تهمة “الطائفية”.

ويقول إن جبهة الإنقاذ “غير طائفية بل هي مضادة بالكامل للنهج والتصرفات والإجراءات الطائفية، وأحد أهدافنا هو التصدي لأي منهج طائفي”، مضيفا أن “المشروع السياسي الجديد ذو رؤية وأهداف وهو يستفيد من تجربة المرحلة الماضية بكل إخفاقاتها، ذلك أن ما يحدث اليوم أمر غير مقبول ولا بد من الإصلاح والتغيير لصالح مجتمع متماسك تسوده الوحدة الوطنية”.

العرب