السياحة العربية تراقب بقلق تداعيات أزمة توماس كوك

السياحة العربية تراقب بقلق تداعيات أزمة توماس كوك

شكلت أزمة شركة توماس كوك صدمة كبيرة للأوساط السياحية في العديدة من البلدان العربية في ظل غموض موقف الحكومة البريطانية من إمكانية إنقاذها، بعد تراكم ديونها للفنادق والمتعاملين معها في دول كثيرة بينها تونس والمغرب ومصر.

لندن – اجتمع كبار مسؤولي شركة توماس كوك البريطانية للرحلات السياحية أمس مع المقرضين والدائنين لتحديد إمكانية استمرار عمل أقدم شركة سفر في العالم، والتي تواجه خطر الانهيار ونشر حالة من الفوضى في القطاع السياحي في بلدان عديدة.

وتدير الشركة فنادق ومنتجعات وشركات طيران وسفنا سياحية وهناك أكثر من 600 ألف شخص يمضون عطلات من خلالها حاليا، ما يعني أن الحكومات وشركات التأمين ستضطر إلى التدخل لإعادتهم إلى بلدانهم إذا أفلست الشركة.

واجتمع فريق الإدارة بقيادة بيتر فانكهاوزر مع البنوك وحملة السندات في مقر مكتب محاماة في لندن صباح أمس قبل اجتماع لمجلس إدارة الشركة، لمعرفة إمكانية استمرار نشاطاتها.

وأكد مصدر قريب من دوائر صنع القرار في الشركة لوكالة الصحافة الفرنسية “سنعرف بحلول يوم غد (الاثنين) ما إذا تم التوصل إلى اتفاق وما إذا كانت تلك الشركة الرائدة في مجال السياحة ستبقى على قيد الحياة”.

وأثارت أزمة توماس كوك قلق العديد من الدول في المنطقة العربية مثل تونس، التي كانت تؤمن سنويا لسوقها ما يقارب 600 ألف سائح من مختلف دول العالم. وكان من المتوقع أن ترتفع الأعداد بدرجة كبيرة هذا العام قبل تفجر الأزمة الجديدة.

وتتابع تونس عن طريق مكتب ديوان السياحة في لندن التطورات لمعرفة الخطوات الواجب اتباعها حتى تحصل الفنادق التونسية على مستحقاتها.

وتشير التقديرات شبه الرسمية إلى أن قيمة مستحقات الفنادق التونسية على توماس كوك تبلغ قرابة 70 مليون يورو.

وأكدت مصادر تونسية مطلعة أمس أن عددا من الفنادق التونسية المتعاقدة مع توماس كوك لم تتمكن من الحصول على مستحقاتها منذ نهاية يوليو الماضي.

وينتظر أن تحال قضية استرداد حقوق تلك الفنادق إلى القضاء الدولي وقد تستغرق إجراءات التحكيم أكثر من عام على الأرجح.

وكانت توماس كوك قد قررت العام الماضي زيادة عدد رحلاتها السياحية إلى تونس، في مؤشر جديد على الثقة التي يحظى بها القطاع، والذي يقود قاطرة النمو الاقتصادي للبلاد.

واستأنفت الشركة رحلاتها السياحية للبلاد في فبراير 2018، بعد توقف طويل نتيجة هجمات إرهابية، وبدأت بثلاث رحلات أسبوعية، ارتفعت تدريجيا لتصل إلى 9 رحلات سياحية.

وليست الفنادق التونسية فقط المعنية بأزمة توماس كوك، التي تمتد تداعياتها إلى العديد من الأسواق العربية وخاصة المغرب ومصر والأردن.

وأكد حسام الشاعر رئيس غرفة الشركات السياحية ووكيل توماس كوك في مصر في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن حركة السياحة البريطانية الوافدة لمصر عبر توماس كوك كانت قد ارتفعت بنسبة 40 بالمئة هذا العام بمقارنة سنوية.

وأشار إلى أن حجوزات توماس كوك كانت تشمل الكثير من المقاصد السياحية المصرية، في مقدمتها الغردقة ومرسى علم، لكنها لا تضم شرم الشيخ، التي لا تزال تعاني من حظر للطيران البريطاني.

واستفاد المغرب من الاضطرابات التي طالت تونس ومصر في السنوات الأخيرة، حيث استطاع استمالة الرحلات القادمة من أوروبا والتي تؤمنها توماس كوك.

ولم تعلق السلطات المغربية حتى الآن على التطورات الحاصلة لتوماس كوك، وما إذا كانت السياحة في البلاد ستتأثر من الأزمة، التي تعيشها أقدم شركة رحلات في العالم.

وتكافح الشركة، التي تأسست في عام 1841، للبقاء بعد أن هدد المقرضون بإلغاء صفقة إنقاذ يجري الإعداد لها منذ أشهر.

وتحتاج الشركة إلى نحو مبلغ 200 مليون جنيه إسترليني بعد حصولها في الشتاء الماضي على 900 مليون إسترليني لتستمر في العمل خلال فصل الشتاء حين يتعين عليها سداد مستحقات الفنادق.

وتضررت توماس كوك، التي يبلغ عدد زبائنها حول العام نحو 19 مليون شخص سنويا، جراء مستويات الدين المرتفعة والبالغة 1.7 مليار جنيه إسترليني، والمنافسة الإلكترونية والضبابية الجيوسياسية.

وسيتم تعيين موظفين، غالبا من مكاتب مراجعة الحسابات، ليعملوا على إيجاد مشترين وإعادة هيكلة ديون المجموعة أو بيع أنشطتها.

وفي حالة انهيار الشركة، التي تعمل في 16 دولة، فإن ذلك سيفضي إلى أكبر عملية إعادة أفراد إلى الوطن في وقت السلم في تاريخ بريطانيا.

وسعى وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب لطمأنة المصطافين بأنه لن تتقطع بهم السبل خارج بلادهم.

وقال لهيئة الإذاعة البريطانية “نأمل أن تتمكن (توماس كوك) من الاستمرار لكن على أي حال، وكما هو متوقع، لدينا خطط طوارئ تكفل لنا في أسوأ الأحوال أن ندعم جميع من قد تتقطع بهم السبل”.

وتنظم هيئة الطيران المدني عملية الإعادة، كما فعلت عند إفلاس شركة مونارك الجوية البريطانية في أكتوبر 2017.

ويفترض أن تكلف العملية مليارات الجنيهات، ضمنها 600 مليون جنيه في المملكة المتحدة وحدها.

وإذا عجزت الشركة عن الحصول على حزمة الإنقاذ، فإنه من المتوقع أن تعلن إفلاسها ووقف أنشطتها على الفور، وإغلاق وكالاتها للسفريات وتجميد طائراتها.

وسينجر عن هذه الخطوة فقدان نحو 22 ألف شخص لوظائفهم في الشركة، 9 آلاف منهم في المملكة المتحدة.

وقال مانويل كورتيس الأمين العام للنقابة، التي تمثل العاملين في قطاع السياحة ببريطانيا في رسالة إلى وزيرة الشركات والصناعة البريطانية أندريا ليدسوم السبت الماضي، “يجب إنقاذ الشركة مهما كلف الأمر. يجب ألا تسمح أي حكومة بريطانية جادة بفقدان هذا العدد من الوظائف”.

وكانت الشركة قد أعلنت في وقت سابق العام الحالي تسجيل خسائر بقيمة نحو 1.45 مليار إسترليني خلال الفترة الممتدة بين أكتوبر ومارس الماضيين، مقابل خسائر قيمتها 303 ملايين إسترلينية بمقارنة سنوية.

العرب