عادل عبدالمهدي يقصي متشددي الحشد لعبور عاصفة الغضب الدولي

عادل عبدالمهدي يقصي متشددي الحشد لعبور عاصفة الغضب الدولي

بغداد – كشفت مصادر حكومية عراقية لـ”العرب” أن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي يضغط على قادة الحشد الشعبي لتجنب التصعيد مع الولايات المتحدة في هذا التوقيت، الذي يشهد مراجعة تشارك فيها أطراف دولية لتحديد الجهات المتورطة في الهجوم على منشآت نفط سعودية الأسبوع الماضي.

وقال مسؤولون في بغداد إن “عبدالمهدي، يقود ترتيبات تساعد العراق في عبور عاصفة الغضب الإقليمي والدولي بعد استهداف المنشآت السعودية، بما يشمل إقصاء القيادات المتشددة في الحشد الشعبي”.

وكشفت وثيقة مسربة، اطلعت عليها “العرب”، عن إقرار هيكلية جديدة للحشد الشعبي العراقي، تسمح بأن يلعب فالح الفياض، دورا كبيرا فيه، على حساب أبومهدي المهندس المقرب من قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.

وتنصّ الوثيقة الجديدة على إلغاء منصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، الذي كان يشغله المهندس، لصالح تشكيل “أمانة للسر” تقع تحت السلطة المباشرة للفياض، الذي يشغل أيضا منصب رئيس هيئة الحشد الشعبي في الهيكلية الجديدة.

ووفقا للترتيبات الجديدة التي تتضمنها الهيكلية المسربة، فإن المهندس تحول من “نائب لرئيس هيئة الحشد الشعبي”، إلى “رئيس للأركان”، ما يعني تجريده من صلاحيات واسعة كانت تسمح له باتخاذ قرارات كبيرة، على غرار تشكيل قوة جوية خاصة بالحشد الشعبي، وتعيين مقاتلين جدد وصرف أموال.

وتشير المصادر إلى أن الحكومة العراقية تسعى إلى الاستجابة لضغوط ومطالب من أطراف داخلية، بينها قيادات سياسية كردية وسنية، وإقليمية بينها السعودية، ودولية بينها الولايات المتحدة، لضبط تصريحات قادة الحشد الشعبي المقربين من إيران، فضلا عن تحركاتهم.

واعتبر واثق الهاشمي، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية (خاصة)، أن قرار إعادة هيكلة الحشد الشعبي، “أتى في وقت يحتاجه العراق في ظل إشكاليات وتقاطعات داخل الهيئة”.

وأضاف الهاشمي أن “القرار عموما هو رسالة تطمين للخارج بأن هذه المؤسسة تعمل ضمن الدولة العراقية، ولن تعمل خارجها، ولن تذهب إلى خارج الحدود دون علم الدولة”.

وقال “بالنسبة للداخل العراقي فإن من يشعر بالقلق ويعتقد أن الحشد يشكل خطرا عليه فهي رسالة تطمين له أيضا”.

وتؤكد مصادر مقربة من الحشد الشعبي أن عبدالمهدي أطلع أطرافا إيرانية معنية بالملف العراقي على خططه بشأن الهيكلية الجديدة، التي تستهدف في الأساس تجنيب أطراف عراقية مخاطر التعرض إلى إجراءات عقابية على خلفية الهجمات التي طالت منشآت النفط السعودية.

إلا أن بعض المراقبين اعتبروا قرار هيكلة الحشد طلبا إيرانيا في هذا الوقت بالذات كي يصبح جزءا متكاملا مع الدولة العراقية فلا يمكن التفريق بينهما مثله مثل الحرس الثوري في إيران.

وعزوا ذلك إلى أن الحشد تجاوز الآن الصفات الفردانية لأبومهدي المهندس وأشباهه بعد انتهاء دورهم، ويعملون الآن على جعله مؤسسة تعكس شخصيات عراقية الاسم، من دون أن تخفي ولاءها إلى إيران.

ويبدو أن ترتيبات عبدالمهدي آتت أكلها سريعا، إذ نسب لها مراقبون الفضل في صدور إعلان رسمي من هيئة الحشد الشعبي ينفي تعرض أي من مقراتها في البلاد إلى غارات جوية، الأحد الماضي، بعد أنباء عن استهداف موقعين عسكريين داخل الأراضي العراقية بصواريخ أو طائرات مسيرة مجهولة المصدر.

وكان قادة الحشد الشعبي خلال الأسابيع الماضية يستثمرون أي أنباء عن تعرض مقراتهم العسكرية إلى ضربات، لمهاجمة الولايات المتحدة، التي يتهمونها بمساعدة إسرائيل على تنفيذ هجمات داخل العراق.

وقرأ مراقبون في نفي الحشد توجها نحو التهدئة، بعد أسابيع من تصعيد ضد الولايات المتحدة جاء عبر بيانات نارية يصدرها المهندس ضد الوجود الأميركي العسكري في العراق.

وتقول المصادر إن الأطراف الإيرانية التي تواصل معها عبدالمهدي بشأن هيكلية الحشد الجديدة، طلبت مراعاة “المواقف الجهادية لأبومهدي المهندس”.

واضطر الحشد الشعبي إلى توزيع تنويه لوسائل الإعلام ردا على تداول أنباء بشأن إقصاء المهندس تماما من مراكز القيادة في هذه القوة.

وقال الحشد الشعبي إن أنباء إقصاء المهندس عارية من الصحة، لكنه لم يعلق على حذف منصبه من الهيكلية الجديدة.

ويعتقد الأمين العام لحزب الله العراقي، كريم ماهود، أن المهندس لا يفضل الأعمال الإدارية، بل “الجهادية”، وعلى ذلك جرى تعيينه رئيسا للأركان كي يضمن حضورا مستمرا في الميدان.

لكن تقلص المهام الميدانية التي يضطلع بها الحشد الشعبي بعد القضاء على تنظيم داعش في العراق، ربما يكون سببا في دفع المهندس إلى الانزواء بعيدا، بشكل مؤقت على الأقل، في هذا الظرف الحساس.

وحتى في حال نجحت ترتيبات عبدالمهدي في تحجيم المهندس مؤقتا، فإن لدى إيران ممثلين آخرين بارزين في الحشد الشعبي، في مقدمتهم زعيم منظمة بدر هادي العامري وزعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، وزعيم حركة النجباء أكرم الكعبي.

ويعتقد مراقبون أن العامري والخزعلي لديهما ما يخسرانه، في حال اندلعت مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران وكان الحشد الشعبي طرفا مساندا لطهران فيها، فالامتيازات الكبيرة التي وفرتها مشاركة “بدر” و”العصائب” في العملية السياسية، كبيرة، إلى درجة ربما تجعلهما أقل اندفاعا من المهندس، المحاصر والمعزول، والذي لا يمكنه التحرك إلا سرا، خشية الملاحقة أو الاستهداف، بسبب وجود اسمه على لائحة المطلوبين الدوليين لتورطه في تفجير سفارات غربية في الخليج.

العرب