عون يكابد لامتصاص الغضب الشعبي باجتماع مع الحكومة

عون يكابد لامتصاص الغضب الشعبي باجتماع مع الحكومة

دفع الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس، لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد في لبنان ضد الطبقة السياسية في البلاد برمتها، وذلك في محاولة لخفت صوت الاحتجاجات المتمخضة عما يعرف بأزمة الدولار. واجتمع عون بطاقم حكومة سعد الحريري مبرقا رسائل حمالة لشعارات سياسية متعددة الأبعاد كانت موجهة للوزراء وللإعلام وكذلك للمتابعين، سعيا منه إلى تأكيد أن الرئاسة هي الهيكل الرئيسي والأعلى في هرم السلطة.

بيروت – نزلت الرئاسة اللبنانية الخميس، بقيادة ميشال عون بكامل ثقلها لامتصاص الغضب الشعبي الذي أفرزته، الأحد الماضي، احتجاجات الآلاف من اللبنانيين عقب اندلاع ما يسمى أزمة الدولار.

واستقبل ميشال عون، الخميس، كامل طاقم الحكومة وفي مقدمته رئيسها سعد الحريري للتباحث في مستجدات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

وأكد أن “حق التظاهر لا يعني حق الشتيمة، وحرية الإعلام لا تعني حرية إطلاق الشائعات المغرضة والمؤذية للوطن”. وشدد على أن “الوقت اليوم ليس للمزايدة، بل لحل المشاكل وخصوصا الاقتصادية منها وأولها إكمال الموازنة”.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية عن عون قوله “أنا رئيس الدولة وأمثل كرامة اللبنانيين وهيبة الدولة، ونحن جميعا نمثل السلطة الإجرائية وأي فشل لنا هو فشل لكل السلطة، لذلك ممنوع أن نفشل، ولن نفشل”.

ودعا عون إلى “أن يمارس كل مسؤول صلاحياته، وإذا أخطأ لا بد من محاسبته وفقا للأصول والقواعد القانونية”. وعلى الوزراء، حسب قوله، “تحمل مسؤولياتكم والدفاع عن الحكومة وشرح ما تقومون به للمواطنين ليكونوا على بينة ولا يستمعون للشائعات التي تطلق من هنا وهناك”، مشددا على أن “القوانين وضعت للتطبيق وليس للاطّلاع عليها فقط”.

واعتبر مراقبون أن الرئيس عون يسعى إلى بعث رسائل تعيد تأكيد دوره الأول على رأس الدولة بعد التصريحات التي أدلى بها إثر عودته من نيويورك، والتي حمل فيها حاكم مصرف لبنان ووزير المالية مسؤولية أزمة الدولار التي عرفتها البلاد.

وأضاف هؤلاء أن عون أراد من خلال كلامه داخل مجلس الوزراء إظهار دوره كمراقب وموجه لأعمال الحكومة دون أن يؤدي الأمر إلى الاصطدام بالحكومة ورئيسها على النحو الذي تم توقعه قبل ذلك.

ورأت مصادر حكومية أن عون لا يريد التصادم مع رئيس الحكومة، بعد تسريبات قالت إن الحريري اشتكى للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العراقيل التي يضعها فريق عون ووزير الخارجية جبران باسيل أمام تفعيل بعض الملفات لاسيما ملف الكهرباء، فيما تحدثت تسريبات أخرى أن عون اتّهم الحريري أثناء لقائه بماكرون في نيويورك بالكسل.

عون يبعث رسائل تعيد تأكيد دوره على رأس الدولة بعد التصريحات التي حمل فيها حاكم مصرف لبنان أزمة الدولار

ورأت مصادر برلمانية أن الحكومة المجتمعة برئاسة عون أرادت إظهار تضامن داخلي وإطلاق أجواء استيعابية تهدئ من غضب الشارع اللبناني الذي أطلق الإشارات الأولى لحراكه الأحد الماضي.

وأضافت أن الطبقة السياسية اللبنانية تتابع بقلق انفجار الشارع في العراق وما يمكن ما يسببه من عدوى في لبنان بسبب تقارب ظروف النظامين السياسيين، إن لجهة المحاصصة الطائفية أو لجهة النفوذ الذي تمتلكه إيران داخل البلدين.

والتقى الرئيس اللبناني قبل اجتماعه بالوزراء رئيس الحكومة سعد الحريري، وتباحث الطرفان في أهم البنود المدرجة على جدول الأعمال لخفت حدة الاحتجاجات.

وقال وزير الإعلام اللبناني عقب نهاية الاجتماع لقد “أكد رئيس الجمهورية في بداية الجلسة احترامه مبدأ الحريات وحرية الصحافة والتعبير من ضمن القانون والدستور، الذي ينص على المحافظة على الدولة وهيبتها ومقام الرئاسة والاستقرار النقدي والمالي وعدم الخوض في سجالات تفهم على أنها تقويض لمصلحة الدولة المالية والنقدية.

وأكد أن الوزراء أقروا بوجوب احترام الحريات، وأن هناك حدودا في المقابل صانها الدستور ونصت عليها القوانين التي ترعى التعاطي مع هذه الحريات، وخصوصا ما يتعلق منها بالمقامات، لاسيما مقام رئيس الجمهورية والوزراء.

وحاول عون، خلال الاجتماع، درء كل ما أشيع عن تصوراته لحل الأزمة، وعلى رأسها ما تناقلته وسائل الإعلام عن أن رحيل الحكومة الحالية هو الحل الأمثل لخفت صوت الاحتجاجات.

وعقدت في ما بعد جلسة لجنة الإصلاحات الاقتصادية والمالية بمقر الحكومة لاستكمال مناقشة ما تمت المباشرة به في موضوع الإصلاحات.

وأكد عون، بشأن إصرار “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، أنه لا موازنة إلا ضمن إصلاحات أن تأكيد القوات والتيار الوطني الحر بشكل خاص يؤكد ضرورة تضمين الموازنة إصلاحات جذرية تؤدي إلى استقرار اقتصادي ومالي. وهذا أصلا ما ينادي به كل الأفرقاء في المجلس، وهذا السبب الذي تجتمع من أجله لجنة الإصلاحات بشكل يومي واكثر من مرة احيانا”.

وأقر الرئيس اللبناني بأن الإعلام ينقل ما يقوله السياسيون ولا ذنب عليه في ذلك، لكن هناك أمرا آخر حيث يجتهد بعض الإعلاميين في تحليل الوضع الاقتصادي والمالي بما يؤثر سلبا على الوضع العام.

وأكد أن هؤلاء الإعلاميين ليسوا خبراء اقتصاديين أو ماليين، ويكتبون أمورا من شأنها إلحاق الضرر بالوضع النقدي والاقتصادي للبلد، إضافة إلى شتم المسؤولين من فخامة الرئيس أو دولة الرئيس وغيرهما. هذا أمر غير مقبول، وهناك علاقة تكاملية، ومهمة الإعلامي إيصال الواقع الحقيقي للناس”.

وأثناء تطرقه عن المخرجات، التي تدفع إلى حل الأزمة الاقتصادية، قال عون “لدى لبنان القدرة على تجاوز هذه الأزمة، الأمر يحتاج إلى بعض الهدوء، فنحن نملك إمكانات كبيرة للخروج من الأزمة.

وقال بشأن من يتهمون ببث الفوضى “لا علم لي، لكن المؤكد أنه ليس الإعلام، فهناك وزراء ونواب يدلون بتصريحات سلبية عن الأوضاع، وهذا أمر تم طرحه في مجلس الوزراء وقد أكده دولة الرئيس”.

العرب