بغداد تناور بلجان تحقيق للتملص من مسؤولية قتل العراقيين

بغداد تناور بلجان تحقيق للتملص من مسؤولية قتل العراقيين

بغداد – ضاعفت السلطات العراقية السبت تحت ضغط الشارع والقوى السياسية والدينية، تشكيل لجان للتحقيق في مقتل أكثر من مئة شخص غالبيتهم من المتظاهرين الذين سقطوا بالرصاص الحي.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، السبت، تشكيل لجنة تحقيق عليا في الأحداث الدامية التي شهدتها الاحتجاجات في بغداد وعدد من المحافظات الشهر الجاري.

وقال عبد المهدي في بيان: “استجابةً لخطبة المرجعية الدينية العليا واستكمالاً للتحقيقات الجارية، قامت الحكومة بتشكيل لجنة تحقيقية عليا تضم الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب ومفوضية حقوق الإنسان”.

وأوضح أن تشكيل اللجنة يهدف إلى “الوصول إلى نتائج موضوعية وأكيدة لإحالة المتسببين (بسقوط ضحايا) إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، وعدم التواني في ملاحقتهم واعتقالهم وتقديمهم إلى العدالة مهما كانت انتماءاتهم ومواقعهم”.

ويرى مراقبون أن خطوة عبدالمهدي تندرج في إطار تهدئة الشارع والرأي العام العراقي بشكل عام، ولطالما أنشأت السلطات العراقية العديد من لجان التحقيق في قضايا مست العراقيين، لكن التحقيقات غالبا ماتنتهي دون تحديد المسؤولية المباشرة.

والجمعة، حمّل المرجع الديني علي السيستاني، الحكومة، مسؤولية سقوط ضحايا من المحتجين وقوات الأمن خلال المظاهرات، وطالب الحكومة والقضاء بـ”إجراء تحقيقي يتسم بالمصداقية في كل ما وقع في التظاهرات، والكشف للرأي العام عن العناصر التي أطلقت النار على المتظاهرين وغيرهم”.

وبين الأول والسادس من أكتوبر، قتل 108 أشخاص على الأقل واصيب أكثر من ستة آلاف بجروح، بحسب مفوضية حقوق الإنسان الحكومية.

والغالبية الساحقة من هؤلاء القتلى كانوا من المحتجين الذين يطالبون بتوفير فرص عمل وخدمات عامة ومحاربة الفساد، وأصيبوا بالرصاص الحي الذي قالت السلطات إن “قناصين مجهولين” يقفون وراءه.

وبالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان وللعراقيين الذين يتمكنون من التعبير عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تطبيقات للالتفاف على حجب الانترنت في البلاد أو من الخارج، فإن الشرطة هي المسؤولة.

فإما أن القوات الأمنية أطلقت النار، بحسب هؤلاء، أو أنهم فشلوا في حماية المتظاهرين من نيران القناصة.

وسعى ائتلاف “النصر” الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في البرلمان الخميس، إلى جمع أصوات كافية تتيح مساءلة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، ولكن بلا جدوى.

وخلال صلاة الجمعة، صعد المرجع الشيعي الأعلى في البلاد آية الله العظمى السيد علي السيستاني خطابه.

فالأسبوع الماضي عندما كانت التظاهرات جارية، أعلن السيستاني تأييده لمطالب المتظاهرين بمكافحة الفساد، من دون سحب الثقة من الحكومة.

لكن في خطاب الجمعة، قال مباشرة إن “الحكومة وأجهزتها الأمنية مسؤولة عن الدماء الغزيرة التي أريقت في مظاهرات الأيام الماضية”.

واعتبر أن الحكومة مسؤولة “عندما تقوم عناصر مسلحة خارجة عن القانون، تحت أنظار قوى الأمن، باستهداف المتظاهرين وقنصهم، وتعتدي على وسائل إعلام معينة بهدف إرعاب العاملين فيها”، محدداً مهلة أسبوعين للسلطات كي تعلن نتائج تحقيقاتها.

واعترفت القيادة العسكريّة العراقيّة بحصول “استخدام مفرط للقوّة”، في مناسبتين فقط، خلال مواجهات مع محتجّين في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية بشرق بغداد، وبمقتل محتج على يد ضابط من شرطة مكافحة الشغب في بابل جنوب العاصمة.

وليل الجمعة السبت، أمرت السلطات بتشكيل لجنتي تحقيق جديدتين.

واللجنة الأولى برئاسة قيادة العمليات المشتركة ستحقق “بحالات الاستشهاد والإصابة في صفوف المتظاهرين ومنتسبي الأجهزة الأمنية والاعتداءات على المنشآت والبنى التحتية ووسائل الإعلام”.

أما اللجنة الثانية، فتضم الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية وممثلين عن القضاء والبرلمان ومفوضية حقوق الإنسان، للتحقيق مع العسكريين الذين ارتكبوا تجاوزات، وتقديمهم إلى العدالة.

وقالت رئاسة الوزراء إن اللجنة الأخيرة، جاءت “استجابة لخطبة المرجعية الدينية العليا”.

العرب