بعد احتجاجات دامية بالعراق.. قوات مكافحة الإرهاب تنتشر ببغداد والصدر يدعو السياسيين للاستقالة

بعد احتجاجات دامية بالعراق.. قوات مكافحة الإرهاب تنتشر ببغداد والصدر يدعو السياسيين للاستقالة

أمر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قوات مكافحة الإرهاب بالانتشار في شوارع العاصمة بغداد، كما انتشرت وحدات من القوات نفسها في مدينة الناصرية جنوب البلاد مساء السبت.

يأتي ذلك بعد احتجاجات دامية ومستمرة منذ يوم الجمعة خلفت 63 قتيلا ونحو 2600 جريح، بينما دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رئيس الحكومة العراقية والنخب السياسية إلى الاستقالة، أو مواجهة الإقالة إذا لم يتم إجراء إصلاحات لاحتواء أزمة المظاهرات المتصاعدة في العديد من محافظات البلاد، حيث تتركز مطالب المتظاهرين على تحسين الواقع المعيشي ورحيل الطبقة السياسية.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين عراقيين مساء السبت صدور مذكرة من عبد المهدي لقائد جهاز مكافحة الإرهاب، تبلغه بنشر قواته واستخدام كل الوسائل الضرورية لإنهاء الاحتجاجات ضد الحكومة.

كما نقلت رويترز عن مصادر في الشرطة المحلية وأخرى أمنية أن جهاز مكافحة الإرهاب العراقي انتشر أيضا في مدينة الناصرية جنوب البلاد، حيث اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن السبت، ففرق المظاهرات بضرب واعتقال العشرات.

وجاءت هذه التطورات بعدما عقد رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة اجتماعا للقادة الأمنيين السبت، لمتابعة الأوضاع في بغداد والمحافظات وسبل تعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع المواطنين، بحسب ما ذكر بيان للحكومة العراقية وزع مساء السبت.

كما تأتي التطورات بعدما أشارت خلية المتابعة في مكتب رئيس الوزراء العراقي إلى أن عدة لجان لتنسيقيات المظاهرات في المحافظات أعلنت تأجيل المظاهرات وانسحبت منها بسبب انحراف مسار المظاهرات السلمية.

ونقلت وسائل إعلام عراقية عن خلية المتابعة أن تأجيل المظاهرات جاء لكشف من وصفتهم التنسيقيات بالمندسين والانتهازيين الذين نفذوا عمليات قتل وتصفية حسابات.

مظاهرات وضحايا
ولا يزال آلاف من المتظاهرين يتجمعون في ساحة التحرير وعدد من المحافظات لليوم الثاني على التوالي، وبحسب شهود عيان نقلت عنهم وكالة الأنباء الألمانية فإن قوات حفظ النظام العراقية ما زالت تستخدم الغازات المدمعة لتفريق المتظاهرين.

وقال مراسل الجزيرة إن القوات الأمنية العراقية استخدمت مساء السبت قنابل الغاز المدمع في ساحة التحرير، في محاولة منها لتفريق جموع المتظاهرين.

وأشارت الشرطة ومصادر طبية إلى مقتل عشرة أشخاص على الأقل وإصابة العشرات في العراق السبت خلال اشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن في اليوم الثاني للاحتجاجات.

وتأتي مواجهات السبت بعد يوم من وقوع احتجاجات عنيفة يوم الجمعة شهدت مقتل 52 شخصا على الأقل في أنحاء العراق، وذلك في ظل شعور المحتجين بالإحباط من النخب السياسية التي يقولون إنها فشلت في تحسين أحوالهم المعيشية بعد سنوات من الصراع والمصاعب الاقتصادية.

وفي بغداد، أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز لتفريق المحتجين في ميدان التحرير. وذكرت مصادر أمنية وطبية أن أربعة أشخاص قتلوا بعدما أصيبوا بقنابل الغاز في رؤوسهم مباشرة، ويرقد شخصان في حالة حرجة جراء إصابات مماثلة.

وقتل أربعة محتجين وأصيب 17 آخرون في مدينة الناصرية جنوب البلاد، حيث خرج المتظاهرون بالآلاف رغم الوجود الأمني المكثف. ولقي شخصان آخران حتفهما خلال احتجاجات في الحلة.

وقد أعلنت مفوضية حقوق الإنسان في العراق مساء السبت أن حصيلة التظاهرات التي شهدها العراق السبت والجمعة بلغت 63 قتيلا من المتظاهرين، و2592 مصابا من المتظاهرين والقوات الأمنية.

وأشار بيان للمفوضية إلى أنه تم حرق وإلحاق الأضرار بـ83 مبنى حكوميا ومقرات أحزاب في محافظات الديوانية وميسان وواسط وذي قار والبصرة والمثنى وبابل وكربلاء.

وفي السياق، أضرم محتجون غاضبون النار السبت في خمسة مقار لفصائل بالحشد الشعبي في محافظة ميسان جنوبي العراق، حسبما أفاد مسؤول أمني محلي نقلت عنه وكالة الأناضول، وكان من المقار المستهدفة مقرات لفصائل: بدر، وكتائب الإمام علي، والنجباء، ومعسكر القدس، وأنصار الله الأوفياء.

تهديد الصدر
وإزاء التطورات الدامية في المظاهرات، أعلنت كتلة “سائرون” -أكبر كتل البرلمان العراقي ويتزعمها مقتدى الصدر- مساء السبت اعتصاما مفتوحا داخل مجلس النواب، إلى حين إقرار جميع الإصلاحات التي يطالب بها الشعب العراقي، وأعلنت تحولها إلى المعارضة.

وسبق هذا الإعلان دعوة مقتدى الصدر رئيسَ الحكومة العراقية والنخب السياسية إلى الاستقالة أو إجراء الإصلاح لاحتواء المظاهرات المتصاعدة في العديد من محافظات البلاد.

وتساءل الصدر -في بيان- مخاطبا رئيس الوزراء والأحزاب السياسية الحاكمة: “إذا لم تكن المظاهرات أو الاعتصامات أو الإضرابات في رأي البعض حلا، فهل التمسك بالسلطة حل؟”.

وأضاف الصدر مخاطبا السلطات الحاكمة “إذا أردتم من الشعب ألا يقتل ولا يحرق، فيا أيها الفاسدون كفوا أيديكم عنهم وكفاكم قمعا وظلما وتفريقا”.

ودعا زعيم التيار الصدري رئيس الوزراء إلى الوقوف مع المتظاهرين وهم يطالبون بتحقيق الإصلاح، وحذر من “انزلاق العراق في آتون الفتنة والحرب الأهلية إذا لم تتم الاستجابة لمطالب المتظاهرين”.

من جانبها، أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسكارت، عن أسفها وإدانتها للمزيد من الخسائر في الأرواح والإصابات التي رافقت المظاهرات في البلاد، واستنكرت المسؤولة الأممية -في بيان- تدمير الممتلكات العامة والخاصة.

كما أعربت عن قلقها إزاء ما وصفتها بمحاولة كيانات مسلحة عرقلة استقرار العراق ووحدته والنيل من حق الناس في التجمع السلمي.

تجدر الإشارة إلى أن هذه المظاهرات هي ثاني موجة احتجاجات دامية هذا الشهر، وخلفت سلسلة من المواجهات قبل أسبوعين بين المحتجين وقوات الأمن 157 قتيلا وما يربو على 6000 جريح.

المصدر : الجزيرة + وكالات