قناة الحرة تتحدى الحظر في تناول الممنوع من أخبار العراق

قناة الحرة تتحدى الحظر في تناول الممنوع من أخبار العراق

هدّد الأمين العام لميليشيات عصائب أهل الحق في العراق، قيس الخزعلي، قناة “الحرة”، معتبرا أنها تستهدف “المرجعية” و”الحشد” في إطار “مشروع أميركي إسرائيلي”.

وجاء حديث الخزعلي خلال دفن أحد قادة ميليشياته، وسام العلياوي، الذي يتهمه ناشطون بأنه شارك في قمع المظاهرات وقنص المحتجين خلال الاحتجاجات المستمرة، والتي شهدت مقتل العشرات، معظمهم قضى بالرصاص.

وكانت الحرة قد نشرت الأحد تقريرا عن العلياوي بعنوان، “ميليشياته فتكت بالعراقيين.. فيديو يوثق اللحظة الأخيرة لقيادي بالحشد”، الأمر الذي أثار غضب الخزعلي كما يبدو من تصريحاته.

ويعتبر إطلاق مثل هذه الاتهامات من قبل زعيم ميليشيا ضد قناة تلفزيونية، بمثابة إيذان لأتباعه باستهدافها والاعتداء على فريق العمل في القناة.

من جهتها، استنكرت إدارة “الحرة” اتهامات الخزعلي قائلة إنها “زائفة تحمل في طياتها دعوة للعنف”، وحمّلت الخزعلي، ومن يقف وراءه، المسؤولية الكاملة في حال تعرض أي من كوادرها للأذى في العراق وخارجه. وأكدت في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني “أنها انطلاقا من شعارها ‘الحقيقة أولا’، تعمل حصرا على نقل الحقائق، ويبدو أن صوت الحق أخاف البعض الذي لم يكتف بإطلاق التهديدات بل هاجم مقرات لوسائل إعلام محلية وعربية ودولية في محاولة للتعتيم على ما يشهده العراق”.

“الحرة” تعتبر اتهامات قيس الخزعلي زائفة تحمل في طياتها دعوة للعنف وحمّلته المسؤولية في حال تعرّض كوادرها للأذى

وبدأت القناة في لفت الأنظار بعد إعادة انطلاقتها العام الماضي، وعملية تغيير واسعة في طاقمها، حيث ظلت سابقا لسنوات محسوبة على التوافق الأميركي الإيراني حول ملفات العراق، وكانت متّهمة بأنها تدار من “حزب الله” عمليا، ما تسبب في تدني مستوى مشاهدتها وانعدام تأثيرها فعليا لدى الجمهور العربي عموما والعراقي خصوصا.

وفي الخامس من نوفمبر عام 2018 أعادت “الحرة” انطلاقتها بشكل جديد ووجوه جديدة في أكبر عملية تطوير شهدتها منذ تأسيسها عام 2004، رافقها هجوم حاد من منابر قطرية وإخوانية، وأخرى تابعة لإيران.

وازدادت الهجمات على القناة المموّلة من الإدارة الأميركية في الآونة الأخيرة بسبب تناولها مواضيع حساسة في العراق وبشكل خاص مسألة الفساد الديني، حيث بثت تحقيقا استقصائيا في سبتمبر الماضي بعنوان “أقانيم الفساد المقدس في العراق” تسبب بموجة غضب واسعة لدى هذه الفئة النافذة في البلاد.

وأصدرت هيئة الإعلام والاتصالات (تابعة للدولة)، قرارا بإغلاق مكاتب قناة الحرة في العراق، لثلاثة أشهر، وطالبت الهيئة “ببث اعتذار رسمي من مكتب إدارة قناة الحرة عراق في العراق لما تسببه البرنامج من ازدراء وإساءة لرموز وشخصيات المؤسسات الدينية والتي أضرت بسمعتها ومكانتها في نفوس الشعب العراقي”، وفق تعبير الهيئة.

وقال الصحافي الذي أنتج التحقيق، معن الجيزاني، عبر حسابه في فيسبوك، إنها “مؤسسات لا يجرؤ على مراقبتها أحد. تتحصّن خلف عقائد الناس، وتتسلح بالقباب والعمائم”.

ومع انطلاق التظاهرات العراقية بداية الشهر الحالي، تواجه وسائل الإعلام المحلية والأجنبية التي تغطي الحراك ضغوطا وتهديدات واعتداء على مقارّها من قبل أطراف مسلحة، إضافة إلى استهداف الصحافيين وترويعهم وإرهابهم لثنيهم عن نقل أحداث الشارع العراقي.

والأحد، قالت قناة “العربية” السعودية إنها وقناة “الحدث” التابعة لها تعرضتا إلى “وقف عملهما الإعلامي” من جانب الحكومة العراقية بالتزامن مع استمرار الاحتجاجات بالبلاد. وأصيب عدد من مراسلي القنوات الفضائية واعتُقل آخرون الإثنين أثناء تغطية التظاهرات في محافظة كربلاء.

وقال ممثل جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق “إن عددا من مراسلي وسائل الإعلام تعرضوا لإصابات نتيجة إطلاق القوات الأمنية قنابل الغاز المسيل للدموع على ساحات التظاهر، ومنهم هبه الماجد مراسلة قناة النجباء، وزينب العلي مراسلة قناة الطليعة ومنار قاسم مراسلة وكالة النبأ وحيدر هادي مراسل قناة آي نيوز”.

وأضاف “وبعد عدة ساعات توجه عدد من الزملاء إلى فلكة التربية لتغطية التظاهرات هناك، فقام عدد من عناصر مكافحة الشغب وبأمر من قائد العمليات باعتقال الزملاء حيدر هادي مراسل آي نيوز وطارق الطرفي مراسل قناة الراصد ومحمد الأسدي مصور قناة الاتجاه، دون مذكرات إلقاء قبض. واستمر اعتقال المراسلين والصحافيين لعدة ساعات تعرض خلالها طارق الطرفي للضرب وتم الإفراج عنهم بعد تدخل نقابة الصحافيين وعدد من القيادات في المحافظة”.

وفي هذا السياق، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلق واشنطن العميق إزاء “الإغلاق القسري لوسائل الإعلام والضغط لفرض الرقابة على التقارير المُعَدة عن الاحتجاجات”.

وأكدت الخارجية، في بيان الاثنين، “أن حرية الصحافة جزء لا يتجزأ من عملية الإصلاح الديمقراطي”، معلنة تأييدها لـ”الحق الأساسي في حرية التعبير الممنوح دستوريا لجميع المؤسسات الإعلامية وحق الصحافيين في ممارسة مهنتهم في أمان”.

العرب