العراقيون يخوضون معركة الجسور ملوّحين بالعصيان المدني

العراقيون يخوضون معركة الجسور ملوّحين بالعصيان المدني

نيويورك ـ أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أن التقارير الواردة لها تشير إلى استمرار استخدام الأمن العراقي للرصاص الحي ضد المتظاهرين.

ودعت في بيان لها، الأطراف العراقية إلى كبح العنف وإجراء تحقيق شفاف حول الأحداث الأخيرة. كما جددت مطالبتها بالحوار الجدي بين الحكومة العراقية والمتظاهرين.

وتأتي هذه المطالب في بيان أصدره الأمين العام، أنطونيو غوتيرس، الخميس، أعرب فيه عن قلقه العميق بشأن أعداد القتلى والجرحى بين المتظاهرين في العراق، وحول استخدام الذخيرة الحية ضدهم.

ونددت السفارة الأميركية في بغداد الأربعاء بالعنف ضد المحتجين العزل، وحثت زعماء البلاد على “التفاعل عاجلا وبجدية” مع المتظاهرين.

وقالت السفارة في بيان “نشجب قتل وخطف المحتجين العزل وتهديد حرية التعبير ودوامة العنف الدائر. يجب أن يكون العراقيون أحرارا لاتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن مستقبل بلدهم”.

من جهتها، دانت فرنسا الأربعاء “اعمال العنف الخطيرة” في العراق ودعت السلطات العراقية إلى فتح “حوار سلمي وديموقراطي”.

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول إن باريس “تدين أعمال العنف الخطيرة التي جرت في العراق في الأيام الأخيرة”، مذكرة “بحق العراقيين في التظاهر بشكل سلمي”.

وأضافت أن “فرنسا تعبر أيضا عن قلقها من عمليات الترهيب والتهديدات التي يواجهها الصحافيون في العراق”.

وتابعت فون دير مول “بعد سنوات من الحرب، يتطلب بناء ديموقراطية عادلة وشاملة فتح حوار سلمي وديموقراطي”، مؤكدة أن فرنسا تشجع السلطات العراقية إلى “إجراء هذا الحوار” و”تطبيق الإصلاحات التي أعلن عنها للاستجابة للتطلعات الشرعية للسكان”.

وكانت قوات الأمن العراقية قد أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي في الهواء لتفريق المحتجين في وسط بغداد الأربعاء مما أدى إلى سقوط قتيل مع اتساع نطاق أكبر موجة من المظاهرات المناهضة للحكومة في عقود لتشمل مختلف أنحاء بغداد.

وأفاد مراسلون بأن إطلاق النار وقع على جسور بغداد الثلاثة الرئيسية، وهي الأحرار والشهداء وباب المعظم، أو قريبا منها بعد أن تحولت إلى نقاط احتجاج محورية.

وقال مراسل إن حالة من الفوضى سادت بعد إطلاق الأعيرة النارية وقنابل الصوت مما دفع مجموعة من الشبان إلى الفرار من قوات الأمن. وسارعت عربات صغيرة (توك توك) بنقل المحتجين، وبينهم مصابون.

وسدت مركبات الشرطة المدرعة الطريق عليهم، دافعة معظمهم للفرار بعيدا. واجتذب رجال شرطة سائق توك توك وضربوه وراكبا معه قبل أن يعتقلوهما.

وذكرت مصادر أمنية وطبية أن القتيل طبيب لقي حتفه بطلق ناري قرب جسر الأحرار. وأصيب ما لا يقل عن 42 شخصا بإصابات ناجمة عن قنابل الغاز المسيل للدموع. وقالت مصادر أمنية أن 18 شخصا على الأقل اعتُقلوا.

ولقي أكثر من 260 عراقيا حتفهم في مظاهرات تخرج منذ بداية أكتوبر رفضا لطبقة سياسية يصفها المحتجون بالفاسدة والأسيرة للمصالح الأجنبية.

وكان المحتجون قد بدأوا محاولة إغلاق الجسور في وقت سابق هذا الأسبوع في إطار مساع لشل الحركة في البلاد، مع انضمام الآلاف للمظاهرات المناهضة للحكومة في بغداد والمحافظات الجنوبية. وقتلت قوات الأمن ما لا يقل عن خمسة أشخاص يوم الاثنين خلال محاولة من هذا القبيل.

والأربعاء كانت معظم الشوارع المحيطة خاوية رغم ازدحامها عادة، وأغلقت معظم المحال التجارية أبوابها.

ويتجمع آلاف الأشخاص منذ أسابيع في ساحة التحرير بوسط بغداد. وتقع على نحو منتظم اشتباكات للسيطرة على جسرين آخرين قرب الساحة، مما يرفع عدد الجسور التي سدها المحتجون إلى خمسة.

وقال متحدث باسم رئيس الوزراء “قطع الطرق و الجسور هو نوع من أنواع التخريب الذي جرمه القضاء بقرار رسمي. هناك أوامر صارمة للقوات المسلحة بعدم استخدام الذخيرة الحية تجاه المتظاهرين والقوات المسلحة تلتزم بقواعد الاشتباك لكن هذا ممكن ان يتغير”.

وقتلت قوات الأمن 13 محتجا على الأقل بالرصاص خلال الساعات الأربع والعشرين حتى مساء الثلاثاء. ويتظاهر الآلاف أيضا في معقل الشيعة الفقير في الجنوب.

ينعم العراق بعامين من الاستقرار النسبي منذ ألحق الهزيمة بتنظيم داعش في 2017، لكن على الرغم من ثروة العراق النفطية، يعيش كثير من سكانه في فقر ولا سبيل لهم للحصول على المياه النظيفة أو الكهرباء أو الرعاية الصحية أو التعليم إلا على نحو محدود.

ويعود السبب الرئيسي لهذه الشكاوى إلى نظام اقتسام السلطة على أساس طائفي والذي اتبعه العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.

ويصعد المحتجون أساليبهم في الوقت الحالي، قائلين إن العصيان المدني بات مسارهم الوحيد ودعوا إلى إضرابات بينما لم تلب حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الممسكة بزمام السلطة منذ عام مطالب المحتجين.

وقالت مصادر أمنية ونفطية إن محتجين أغلقوا الأربعاء مدخل مصفاة نفط الناصرية بجنوب البلاد. وأضافت المصادر أن المحتجين منعوا شاحنات تنقل الوقود إلى محطات غاز من دخول المصفاة، مما تسبب في نقص الوقود.

وقالت مصادر أمنية إن قوات الأمن فرقت بالقوة خلال الليل اعتصاما نظمه المحتجون في البصرة، لكن لم ترد تقارير عن سقوط قتلى. وكان المحتجون معتصمين أمام مبنى المحافظة.

ويغلق آلاف المحتجين جميع الطرق المؤدية إلى ميناء أم قصر الرئيسي المطل على الخليج، قرب البصرة.

والعمليات في الميناء الذي يستقبل معظم واردات العراق من الحبوب والخضر والزيوت والسكر متوقفة تماما منذ أسبوع.

وقال متحدث باسم رئيس الوزراء إن إغلاق ميناء أم قصر كلف البلاد ما يزيد عن ستة مليارات دولار.

وذكر مرصد نتبلوكس لمراقبة انقطاع الإنترنت إن قيام الحكومة بقطع الإنترنت عن معظم أنحاء العراق شطب ما يزيد على مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي في أكتوبر.

ولا يزال الإنترنت مقطوعا في كثير من مناطق العراق الأربعاء، بعد أن كان محجوبا تماما مساء الاثنين قبل أن يعود للعمل لفترة وجيزة تقل عن أربع ساعات يوم الثلاثاء.

العرب