تركيا تنضم إلى قطر في مساعي إجهاض الانتفاضة العراقية

تركيا تنضم إلى قطر في مساعي إجهاض الانتفاضة العراقية

انضمت أنقرة إلى مؤازرة الحزام الإيراني للحكومة العراقية بعد أن كانت قطر أول من استجابت لإملاءات طهران وأعلنت مساندتها لرئيس الحكومة العراقية المأزوم عادل عبدالمهدي، الذي يطالب العراقيون بإسقاطه. وبعد أن فشل الحلّ الأمني والمبادرات السياسية إلى حد الآن في تقليص منسوب حماسة المحتجين، تبحث الحكومة العراقية المدعومة إيرانيا عن دعم خارجي لمحاصرة المحتجين وعزلهم إقليميا حتى تراجع زخمهم وهي خطوة قال مراقبون إنها ستزيد الأمور سوءا.

بغداد – أفاد بيان عراقي الأربعاء أن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كرس لبحث العلاقات بين البلدين والتعاون في الملفات المشتركة وفي مجال مكافحة المظاهرات الشعبية في العراق.

ويأتي هذا التشاور عقب أن كشفت مصادر دبلوماسية عراقية أن بغداد وطهران نسقتا خلال الأسابيع الماضية خطة للتحرك بهدف الحصول على دعم إقليمي وعربي لحكومة عبدالمهدي، التي تواجه تظاهرات حاشدة غير مسبوقة، تطالب بإسقاطها وتغيير النظام السياسي القائم.

ويستهدف هذا التحرك الحصول على دعم بعض الحلفاء في المنطقة من جهة، وتحذير دول أخرى مجاورة من مغبة وصول تداعيات الاحتجاجات العراقية إلى أراضيها من جهة أخرى.

وقال البيان إن عبدالمهدي قدم شرحا عن الأوضاع الجارية، خصوصا التظاهرات السلمية وأسلوب التعامل معها والتمييز بينها وبين مجاميع من المخربين الذين يستخدمون العنف ومهاجمة القوات الأمنية وتهديد وترهيب المواطنين والمدارس والدوائر وتعطيل المصالح وحرق البنايات.

وأكد “اعتزاز الحكومة بالعلاقات مع تركيا وبالرغبة المشتركة لتطويرها وأهمية التعاون المشترك لتحقيق الاستقرار وسعي الحكومة الجاد لتحقيق الإصلاحات التي يتطلع إليها الشعب العراقي”.

وأعرب الرئيس التركي عن دعمه “لوحدة العراق واستقراره ولتطوير العلاقات في المجالات كافة ولجهود الحكومة في الاستجابة لمطالب المتظاهرين”.

وأشاد أردوغان بـ“الحكمة والصبر في أسلوب الحكومة في التعامل مع هذه الأحداث وأهمية فرض النظام والقانون”، فيما تشير الإحصائيات إلى سقوط الآلاف من الجرحى والمئات من القتلى بعد استعمال القوات الأمنية والميليشيات التابعة للأحزاب الدينية الرصاص الحي ضد المتظاهرين السلميين.

وأشارت مصادر عراقية إلى أن بغداد وطهران عرضتا على أنقرة إعلانهما دعم عبدالمهدي، مقابل حزمة تسهيلات تجارية، مؤكدة أن تركيا تدرس العرض على أعلى المستويات.

وقلص العراق إلى حد كبير من وارداته عبر تركيا، ولاسيما الخضر والفواكه ودجاج الطبخ وبيض المائدة، بسبب الوصول إلى حد الاكتفاء الذاتي، ما أضر بشركات ومنتجين أتراك.

خطوات الحكومة ستؤدي إلى فرض عزلة تامة عن التظاهرات وهو ما قد يمهد للجوء مرة أخرى إلى ممارسة العنف بطريقة أشد ضراوة

ومنذ أواخر الصيف يحاول السفير التركي في بغداد فاتح يلدز إقناع الحكومة العراقية بتخفيف قيود الاستيراد على الدجاج وبيض المائدة، من دون جدوى، لكن توقعات تشير إلى إمكانية ربط هذا الملف سياسيا بقضية دعم الحكومة في مواجهة التظاهرات.

وكان العراق حصل قبل أسابيع على شحنة عاجلة من معدات مكافحة الشغب عن طريق تركيا، ما عد إشارة واضحة على اصطفاف أنقرة إلى جانب طهران خلال الأزمة التي يواجهها حليفها عبدالمهدي.

وبينما ينتظر العراق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للانتهاء من حساباته وتحديد موقفه، تقول المصادر إن بغداد وطهران تحركتا فعلا نحو الكويت، لفهم طبيعة موقفها من الاحتجاجات العراقية.

ولم يستبعد مراقب سياسي عراقي أن تلجأ الحكومة العراقية مدعومة من النظام الإيراني إلى استجداء الدعم الخارجي، وهو ما يعني أن نوعا من الحرب النفسية قد بدأ في سياق دفع المحتجين العراقيين إلى اليأس من إمكانية أن يلتفت العالم الخارجي وبالأخص المحيط الإقليمي إلى معاناتهم ومن ثم مؤازرتهم إعلاميا والضغط على الحكومة العراقية سياسيا من أجل الاستجابة لعدد من مطالبهم.

وقال المراقب في تصريح لـ”العرب” إن وجهة نظر الحكومة العراقية ستؤدي إلى فرض عزلة تامة عن التظاهرات وهو ما قد يمهد للجوء مرة أخرى إلى ممارسة العنف بطريقة أشد ضراوة.

وأضاف “غير أن ما فات الحكومة العراقية ورئيسها بالذات أن المحتجين حين رفعوا الشعارات المعادية للهيمنة الإيرانية لم يكن في ذهنهم أن تلك الشعارات ستجد صدى على المستوى الإقليمي ولم يفكروا في أن يمد لهم أي طرف إقليمي يد العون.

وقد أفشلوا عن طريق استمرارهم في التظاهر رغم عمليات القمع الاتهامات التي وجهت إليهم بالارتباط بأطراف إقليمية ودولية. لذلك يمكن القول إن الدعم الإقليمي لحكومة عبدالمهدي سيؤدي بالضرورة إلى منح المحتجين شرعية مضافة بعد أن تأكدت نزاهتهم وسلامة وعيهم الوطني”.

العرب