بعد كلام المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في برلين، عن تأييدها لقاءً رباعياً بمشاركة رؤساء تركيا وروسيا وفرنسا، أثار مراقبون للوضع حول سوريا سعي أنقرة منذ فترة للبدء بمرحلة رباعية جديدة، بالتعاون مع موسكو وباريس وبرلين، الأمر الذي ينبئ ببداية تشكل مسار جديد بعد مسار أستانة.
يأتي ذلك متزامناً مع صدور تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في الذكرى الثالثة لتدخل روسيا في الحرب السورية، التي منعت سقوط النظام، وثق مقتل 6239 مدنياً، بينهم 1804 أطفال، منذ تدخلها العسكري في سوريا، كما وثق ما لا يقل عن 321 مجزرة ارتكبتها القوات الروسية.
ومما لا شك فيه أن دخول ألمانيا وفرنسا في مسار قيد التشكل قد يؤدي لتغيير المسار الرسمي للمرحلة الجديدة، وهو ما يتلاقى مع رؤية الباحث في العلاقات الدولية د. باسل الحاج جاسم، الذي أشار في اتصال مع «القدس العربي» إلى سعي تركيا بعد الاتفاق حول إدلب لإدخال أطراف أخرى ذات ثقل اقتصادي كبير كألمانيا، وسياسي كفرنسا الدولة العضو الدائم في مجلس الأمن، إذ لا يخفى أن الدولتين تدعمان اتفاق إدلب الأخير والدور التركي فيه، الأمر الذي يدعم الموقف التركي، حيث أن الدولتين تتصدران اليوم مبادرات الاتحاد الأوروبي الدولية، «ولاسيما لجهة إبراز المخاوف فيما يخص تكرار موجات اللاجئين، أو عودة انتشار المتطرفين الذين تجمعوا من كل أصقاع الأرض أخيراً في الأراضي السورية، الأمر الذي يهدد دول الاتحاد الأوروبي في حال عودتهم إلى بلدانهم، ومعروف أن الآلاف منهم يحملون جنسيات أوروبية».
وأضاف الحاج جاسم أن دخول برلين وباريس بشكل رسمي في المراحل المقبلة للأزمة السورية وبمسار «إسطنبول» الرباعي المقترح على غرار مسار «أستانة» الثلاثي، يخدم جميع أطراف هذا المسار مع اختلاف أهدافهم وأسباب تجمعهم. وسيكون مسار «إسطنبول» وفق الحاج جاسم «ذا فاعلية كما كان حال مسار أستانة، مع الأخذ بعين الاعتبار بدء مرحلة جديدة في سوريا، سياسية في شق كبير منها، على اعتبار أن لكل من روسيا وتركيا اليوم أوراقاً كثيرة في سوريا وتجمعهم وحدة أراضيها، على عكس واشنطن التي تعمل عبر أداتها حزب العمال الكردستاني على خلق واقع جديد ديمغرافي بتهجير ملايين العرب وتمزيق سوريا».
وأعرب المتحدث عن ضرورة عدم إغفال التصريحات المتعلقة بشرقي الفرات بوجود المكون العسكري الكردي الحليف لواشنطن، والصادرة عن انقرة وموسكو معاً، والتحذير من الخطر الإرهابي هناك، فالواضح أن الشيء الذي لم تنفذه واشنطن بالتعاون مع تركيا، ستنفذه موسكو مع أنقرة لتكون مرحلة مفصلية في سوريا والمنطقة، حسب الحاج جاسم.
ونبقى في أجواء إدلب، حيث أكدت «الجبهة الوطنية للتحرير» التي تضم عدداً من الفصائل المقاتلة، الأحد، عدم سحب آليات ثقيلة من شمال سوريا.
وقال المتحدث باسم الجبهة ناجي مصطفى لوكالة فرانس برس «لم يتم سحب السلاح الثقيل من أي منطقة من مناطق أو أي جبهة من الجبهات.
ننفي ذلك بشكل قاطع»، بعد إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان صباحاً عن بدء أول عملية سحب آليات ثقيلة لمجموعات من فصيل «فيلق الشام». و«فيلق الشام» هو أحد فصائل «الجبهة الوطنية للتحرير».
من جهة أخرى أظهرت لقطات لوزيري خارجية سوريا وليد المعلم، والبحرين خالد آل خليفة، وهما يتصافحان بودٍ وحميمية ملموسة ممزوجة بابتسامة عريضة من كلا الوزيرين، يضاف إلى ذلك عناق لمرتين لحظتي اللقاء والوداع، لكن إعلام النظام السوري الرسمي والخاص لم يعرض أياً منها. لكن مراقبين يقدّرون أن مصافحة دافئة من هذا النوع بين وزيرين «عدوين» توحي بأن شيئاً ما تطبيعياً قد يحصل في المرحلة المقبلة على مستوى الملف السوري داخل الدائرة العربية، لا سيما الخليجية منها، فيما عرضت قنوات خليجية سعودية وإماراتية اللقاء بتكرار شديد، بينما خلت الصحف الرسمية البحرينية من الإشارة لهذا اللقاء.
القدس العربي