أعلنت وزارة النفط بحكومة تصريف الأعمال في بغداد، أمس الخميس، عن إبرام اتفاق مع حكومة إقليم كردستان (شمال العراق) يقضي بأن تقوم الأخيرة بتسليم شركة النفط العراقية “سومو”، 250 ألف برميل من حقول الإقليم اعتبارا من مطلع العام المقبل، ضمن اتفاق لتمرير موازنة العام المقبل، يقابله التزام الحكومة الاتحادية في بغداد، بتسليم حصة إقليم كردستان المالية مع دفع مرتبات الموظفين.
الاتفاق الذي أعلن عنه، يأتي وسط شكوك متزايدة في عدم إمكانية تمرير موازنة العام المقبل، بعد تحول حكومة عادل عبد المهدي إلى تصريف أعمال لا يجيز لها الدستور تمرير المشاريع والقوانين الرئيسة مثل الموازنات المالية. كما أن الجدل داخل البرلمان حول تعديل قانون الانتخابات ولجنة تعديل الدستور وتسمية مرشح جديد لرئاسة الحكومة يجعل من المستبعد أن يتم إنجاز الموازنة هذا الشهر على أقل تقدير.
وقال نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة وزير النفط، ثامر الغضبان، في تصريحات نقلتها صحيفة الصباح الرسمية العراقية، أمس، إن الجانبين حددا التزامات الإقليم تجاه الحكومة الاتحادية والموازنة، لاسيما أن إنتاج الإقليم من النفط الخام حاليا يصل إلى حدود 450 ألف برميل يوميا ومعظمه يذهب للتصدير”.
وأكد الغضبان، أن الاتفاق الذي تم بين الحكومة الاتحادية والإقليم يقضي بأن يقوم الأخير اعتبارا من أول يناير/ كانون الثاني المقبل بتسليم الحكومة الاتحادية، 250 ألف برميل يوميا من النفط الخام المنتج، كاشفا عن أن الاتفاق تم على أن أساس سقف الإنتاج في الإقليم بحدود 450 ألف برميل يوميا لأن ذلك يؤثر في حصة العراق بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).
يأتي ذلك بعد ساعات من صدور بيانات لوزارة النفط، قالت فيها إن إنتاج العراق النفطي يبلغ حاليا 4 ملايين و500 ألف برميل يوميا، مؤكدة أن حجم التصدير المخطط له يبلغ 3 ملايين و880 ألف برميل بضمنها تلك المتفق على تسليمها من أربيل.
الاتفاق المعلن يأتي بالتزامن مع تشكيك لنواب في البرلمان العراقي ومراقبين في إمكانية إقرار الموازنة هذا الشهر ما يجعل الاتفاق الحالي بمثابة المجمد.
وقال مسؤول عراقي في بغداد لـ”العربي الجديد”، إن الأمر منوط بالتوافقات الحالية في بغداد فيمكن أن يصار إلى تنفيذه حتى بدون إقرار الموازنة على اعتبار ما سيكون مستقبلا.
وأضاف: “بكل الأحوال بغداد ستواصل دفع مستحقات الإقليم المالية كباقي محافظات العراق، لذا هذا الاتفاق يجب أن تبني عليه أي حكومة مقبلة كمنجز جاهز”.
وحول الموازنة أوضح المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن هناك خلافات حول بنود عدة وأيضا إضافات وتعديلات وخفض نفقات وإلغاء أخرى بسبب حزم الإصلاحات الأخيرة وقانون التقاعد المنجز قبل أسابيع وأيضا إضافة عشرات الآلاف من الدرجات الوظيفية”، مقرا بأن تمريرها هذا الشهر سيكون مستحيلا، وسيكون الخيار هو موازنة طوارئ عن طريق الاقتراض من البنك المركزي لصرف مرتبات الموظفين والجوانب المهمة الأخرى في البلاد.
بالمقابل، رجحت اللجنة المالية في البرلمان العراقي أنّ يدخل العراق عام 2020 بـ “موازنة مؤقتة”، بسبب تأخر إرسالها من قبل حكومة تصريف الأعمال الحالية لوجود إشكالين قانوني وفني.
وقال عضو اللجنة أحمد الصفار، إن المقرر كان إرسال الموازنة إلى البرلمان الأسبوع الماضي، إلا أننا فوجئنا باعتذار رئيس الوزراء عن إرسالها بداعي تحول حكومته إلى تصريف للأعمال”.
وأضاف، أن “مجلس النواب استفسر عن ذلك وظهر أن بإمكان رئيس الوزراء إرسال مشاريع القوانين المهمة الى المجلس في أول أسبوع من حكومة تصريف الأعمال.
الخبير الاقتصادي والمالي العراقي، أحمد الصافي، قال بدوره لـ”العربي الجديد”، إن اتفاق النفط مع أربيل لا يمكن اعتباره نهائيا لأنه لم يتطرق إلى عمليات تصدير وتهريب نفط ثانوية تتم من حقول نفط الإقليم الى إيران وتركيا، ويمكن اعتبارها هدرا بالثروة الوطنية النفطية، فضلا عن ملف المنافذ الحدودية العراقية مع أنقرة وطهران، وذهاب وارداتها لأربيل بوقت يجب أن تكون تحت تصرف بغداد.
وأشار إلى أن الاتفاق بالمجمل يمكن أن يكون وقتيا أيضا لحين إقرار قانون النفط والغاز في العراق أو إجراء تعديل في الدستور الحالي يضع كل مصادر الطاقة في العراق بقبضة الحكومة الاتحادية في بغداد على عكس الدستور الحالي الذي ترك فخاخا وعبارات فضفاضة لصالح الإقليم منها ما يخص الحقول المكتشفة قبل عام 2003 وتلك المكتشفة بعد ذلك وكذلك إدارة الموارد النفطية والمالية وغيرها.
العربي الجديد