يقول إشان ثارور الكاتب في واشنطن بوست إن أسلوب الرئيس دونالد ترامب “الاستبدادي” يعزز المخاوف من تجاوز مبدأ الفصل بين السلطات، ويهدد الديمقراطية، ويرسخ العنصرية وثقافة البلطجة والتنمر وسط الشباب والفتيان.
وأوضح في مقال بالصحيفة أنه وخلال فترة رئاسته، كانت هناك تحذيرات لا تعد ولا تحصى حول الميول الاستبدادية لترامب. فقد عزز مخاوف منتقديه بتجاوزه نظام الضوابط والتوازنات العتيق للجمهورية، وبمساعدة من قوة يمينية تردد كل ما يقول، فقد رسّخ سردا يخلط بين المصلحة الوطنية ومكاسبه الشخصية، وبين الوطنية والولاء الثابت للرئيس.
وأضاف أنه في الوقت الذي شرع فيه ترامب في افتتاح حملة إعادة انتخابه فور تبرئته في محاكمة العزل بمجلس الشيوخ، بدأ يزيد من الضغوط على “الديمقراطية المستقطبة” في أميركا.
هجمات غير طبيعية
وقال الكاتب إن دعوات ترامب هذا الأسبوع -لمقاضاة أعدائه المتوهمين وهجماته العلنية على القضاة الاتحاديين والمدعين العامين المشاركين بالقضايا المرفوعة ضد حلفائه- كانت غير طبيعية لدرجة أنها أدت إلى انتقاد غير متوقع حتى من المدعي العام ويليام ب. بار وهو مسؤول بالإدارة ينظر إليه خصوم ترامب بأنه دائم التذلل لترامب.
وكان مراسلو واشنطن بوست بالبيت الأبيض قد وصفوا ترامب بأنه يجيش غضبا على الدوام ويحرص على الانتقام من الذين يشعر أنهم خذلوه، مضيفين بأنه على استعداد لوضع حكم القانون على المحك أكثر مما فعل، وأنه يرتاح لذلك لأنه يشعر بأنه لا يوجد أحد يمكنه المساس به.
هكذا تموت الديمقراطيات
وقالت المحامية السابقة جويس وايت فانس: إذا كان بإمكان الرئيس أن يتدخل في قضية جنائية لمساعدة صديق، فلا يوجد شيء يمنعه من التدخل لإلحاق الأذى بمن يعتقد أنه عدوه “وهذا يعني أن الرئيس فوق القانون تماما بل أخطر من ذلك، وهكذا تموت الديمقراطيات”.
وعاد ثارور ليقول إن الديماغوغية الخاصة بالرئيس تركت أثرا عميقا على المجتمع. فقد كشف تحقيق -أجراه صحفيون في واشنطن بوست عبر تصفح 28000 تقرير عن البلطجة والتنمر بالمدارس- عن وجود المئات من الحوادث التي استُخدم فيها الخطاب المستوحى من ترامب لمضايقة الأطفال، وخاصة ذوي الأصول الإسبانية أو السوداء أو الإسلامية.
وكتب هؤلاء الصحفيون أنه ومنذ صعود ترامب للرئاسة فإن لغته المثيرة للاشمئزاز -التي كثيرا ما تُدان باعتبارها عنصرية وداعية لكراهية الأجانب- قد تسربت إلى المدارس في جميع أنحاء البلاد. وأصبح كثير من الأطفال يستهدف الآن أطفالا آخرين بطريقة مختلفة عن المعتاد، حيث يقلد الصغار في سن ست سنوات إهانات الرئيس والطريقة القاسية التي يلقيها بها.
أزمة معرفية
ويقول ديفيد روبرتس من قناة فوكس إن الولايات المتحدة سقطت في أزمة “معرفية” وهي مشروع يميني استمر عقودا لإنشاء فقاعة إعلامية تعزز واقعا سياسيا مستقطبا لا تستطيع فيه القوى المتنافسة الاتفاق حتى على حقائق خلافاتها.
وأشار جاسون ستانلي أستاذ الفلسفة بجامعة ييل ومؤلف كتاب “كيف تعمل الفاشية؟” إلى أن الحزب الجمهوري يخون الديمقراطية ولا يهتم إلا بالسلطة وتعزيز القوة، واصفا الوقت الحالي بأنه تاريخي.
وقال الكاتب أوسيتا نوانيفو “الحزب الجمهوري أصبح الآن معارضا أكيدا للمساواة وقوة خبيثة في الحياة الأميركية وسرطانا داخل مريض ينكر طبيعة حالته وشدتها، وبالتالي لا تنبغي هزيمته فحسب، بل تدميره من خلال حملة صليبية أخلاقية”.
المصدر : واشنطن بوست