أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن الحزب منفتح على مناقشة الاقتراح الفرنسي بشأن التوصل إلى “عقد سياسي جديد” في لبنان شرط أن يكون “بإرادة ورضا مختلف الفئات اللبنانية”.
وقال نصرالله في خطاب “سمعنا دعوة من الرئيس الفرنسي في زيارته الأخيرة للبنان إلى عقد سياسي جديد”. وأضاف “نحن منفتحون على أي نقاش هادف في هذا المجال لكن لدينا شرط أن يكون هذا النقاش وهذا الحوار اللبناني بإرادة ورضا مختلف الفئات اللبنانية”.
وأوضح أنه “لا أحد في لبنان يمكنه أن يدعي أنه يعبر عن إرادة الشعب اللبناني”، مؤكدا تأييده لإنجاز الإصلاحات والذهاب بها إلى أبعد مدى ممكن.
وأردف “هناك قبولا لمبادرات خارجية دون أخرى لو قدمت إيران أو سوريا مبادرة فإن الأمر سيمثل مشكلة، ولكن إذا جاءت دعوة من رئيس آخر مثل الرئيس الفرنسي فذلك أمر طبيعي”.
وتهدف الزيارة الثانية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ممارسة الضغط لتشكيل حكومة محددة قادرة على الإصلاح بعد الانفجار الذي زلزل العاصمة اللبنانية.
ووضع الرئيس الفرنسي خارطة طريق إلى السياسيين اللبنانيين تتناول إصلاحات سياسية واقتصادية ضرورية من أجل السماح بتدفق المساعدات الأجنبية وإنقاذ البلد من أزمات عديدة منها الانهيار الاقتصادي.
ولكن أوساط سياسية لبنانية لاحظت أن خارطة الطريق تتجاهل كلّيا سلاح حزب الله الذي تعتبر دوائر سياسية أنّه يلعب دورا أساسيا في وصول لبنان إلى الانهيار بسبب تعطيله كلّ مؤسسات الدولة اللبنانية في ظل مخاوف من ألا يوفر الدور الفرنسي أي ضمانات لمنع هيمنة حزب الله على الدعم الخارجي.
وتجنب الرئيس الفرنسي مجرّد الإشارة إلى إيران وذراعها في لبنان في تصريحات الجمعة قال فيها “إذا تخلّينا عن لبنان في المنطقة وإذا تركناه بطريقة ما في أيدي قوى إقليمية فاسدة، فستندلع حرب أهلية” وسيؤدي ذلك إلى “تقويض الهوية اللبنانية”.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون، قد زار بيروت بعد انفجار مرفئها، بداية آب الحالي، وطالب الفرقاء السياسيين بعقد اجتماعي وسياسي جديد.
وحول انفجار المرفأ، أفاد نصر الله، بضرورة المتابعة القضائية، “حيث لا يجوز أن تضعف مع الوقت وعلى المسؤولين القضائيين متابعة هذا الموضوع دون مجاملات”.
وختم بالقول: “ندعو الجهات المختصة وخاصة الجيش إلى الإعلان عن نتائج التحقيق التقني والفني ليحسم النقاش والافتراءات الموجودة في البلد”.
وتأتي تصريحات نصر الله في وقت شددت فيه الإدارة الأميركية من ضغوطها حيث وضعت الجماعة على لائحتها السوداء وصنفتها تنظيما إرهابيا.
اللبنانيون ضاقوا ذرعا بسياسات حزب الله
اللبنانيون ضاقوا ذرعا بسياسات حزب الله
ولجأ الأمين العام لحزب الله حسن نصر إلى استخدام أسلوب الدعاية لتحسين صورته وصورة حزبه في الداخل اللبناني بصفة خاصة في وقت تصاعدت فيه نقمة اللبنانيين وغضبهم على الطبقة السياسية وأطيافها لما آل عليه وضع لبنان المتردي على جميع الأصعدة.
وبدا نصر الله يسوق بشكل واضح لحزبه الذي يشهد على غرار تراجع شعبيته بشكل متسارع عزلة كبيرة مع تفاقم الضغوط التي تحاصره واتساع دائرة العقوبات الأميركية والدولية المصوبة نحوه.
وكان نصر الله بدأ حملة استعراضية في كلمته، خلال مجلس عاشورائي أعلن فيها أن الولايات المتحدة عرضت على الجماعة صفقة، تتضمن أموالا وسلطة، لكنها رفضتها.
وقال إن “الأميركيين سعوا إلى فتح قنوات اتصال مع الحزب منذ عام 2000 وبعدها”، و”عُرضت علينا أموال وسلطة وتطوير النظام السياسي لصالحنا، مقابل التخلي عن قضيتنا، ولم نفعل ولن نفعل.”
وسبق أن أعلن “نصر الله”، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سعت لفتح قنوات اتصال مع “حزب الله”، لكنه لم يفصح سابقا عن طبيعة ما عرضته واشنطن ولا موقف الجماعة منه.
كما تصنف العديد من الدول حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري تنظيما إرهابيا، ويتهم الحزب بتأجيج الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية في لبنان نتيجة لسياساته المرتبطة بإيران، وبأنه حوّل لبنان إلى “دولة في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة”.
وجماعة “حزب الله” هي حليفة النظام السوري وإيران، التي تعتبرها الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ألد أعدائها. وتعتبر طهران و”حزب الله” إسرائيل العدو الأول لهما.
ويرفض اللبنانيون استخدام طهران لـ”حزب الله” في ملفات خارجية، منها الحرب في سوريا، ويطالبون بنزع سلاح حزب الله وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية وغربية على حد سواء. وعدم الزج بلبنان في صراعات مرتبطة بإيران.
ومنذ أشهر، دعا البطريرك اللبناني الماروني، الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، إلى تحقيق “حياد لبنان”، والعمل على “فك الحصار” عن الشرعية وعن “القرار الوطني الحر”.
وتتهم دول إقليمية وغربية، في مقدمتها السعودية والولايات المتحدة، الحكومة اللبنانية الحالية بالخضوع لسيطرة “حزب الله”، ولذا امتنعت تلك الدول عن تقديم مساعدات مالية للبنان، الذي يعاني منذ أشهر من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث.
ورأى “نصر الله” أن “حزب الله يتعرض لحملة لا سابق لها على مدى أربعين أو خمسين سنة”.
وساءت علاقات لبنان مع دول عديدة في ظل تدخل “حزب الله” في حروب إقليميّة، على خلفية ولائه لإيران، المتهمة من جهات دولية بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في شؤون دول عربية، منها لبنان وسوريا واليمن والعراق، وهو ما تنفيه طهران.
وانزلق لبنان إلى أزمة عميقة منذ اندلاع المظاهرات الاحتجاجية ضد النخبة الحاكمة وتأجج غضب المحتجين بسبب ما يرونه فسادا بين الساسة الطائفيين الذين يحكمون لبنان منذ عقود.
وبعد أيام من انفجار ضخم ضرب مرفأ العاصمة بيروت، قدمت حكومة حسان التي يهمين عليها حزب الله دياب استقالتها وسط ضغوط إقليمية ودولية لتشكيل حكومة يتوفر فيها توازن بين القوى اللبنانية.
صحيفة العرب