صعاب تواجه إيران مع بدء موجة كورونا الثالثة

صعاب تواجه إيران مع بدء موجة كورونا الثالثة

حين أُعلن في فبراير (شباط) 2020 تسجيل حالات إصابة بكورونا في إيران تحولت البلاد إلى أول نقطة ساخنة في العالم للفيروس خارج الصين، وهو ما كشف وجهاً آخر لتداعيات علاقة طهران الوثيقة ببكين، إذ لم تمنع السفر من الصين إليها، في ظل وجود طلاب وعمال صينيين بها. لكن، ما جعل إيران تصل إلى هذه المرتبة المتقدمة في عدد الإصابات هو عدم رغبة قادة البلاد في الاعتراف بأن لديهم مشكلة، واتخاذ إجراءات صارمة لاحتواء الجائحة، ما أدى إلى تفاقم الأمور.

الآن، ومنذ تفشي كورونا بالعالم، تواجه طهران احتمالات انتشار موجة ثالثة من الفيروس بأنحاء البلاد، بعد فشلها في مواجهة الموجتين الأولى والثانية، وربما تكون الموجة الثالثة جارية الآن مع الخريف. وحسب بيانات جامعة جون هوبكنز فإن عدد الإصابات بلغ 393.425 والوفيات 22.669، واعترف التلفزيون الرسمي بأن فيروس كورونا يقتل شخصاً واحداً كل سبع دقائق.

وكان تعامل الحكومة مع ملف كورونا غير كفء، إذ طبقت إيران إغلاقاً على مستوى البلاد، مع استثناء الخدمات الأساسية فقط، لكن سرعان ما خففت التدابير تدريجياً في أبريل (نيسان)، بسبب الضغوط الاقتصادية للإغلاق المستمر، وارتفعت حالات الإصابة بالفيروس والوفيات مرة أخرى فترة من الوقت في يوليو (تموز)، وعادت إلى الانخفاض خلال الأسابيع القليلة الماضية.

لكن، مع اقتراب فتح المدارس تزداد توقعات ارتفاع الأعداد مرة أخرى، مع رفع السلطات تدريجياً الضوابط المفروضة على المتاجر والمساجد والمدارس والمكاتب والسفر، فضلاً عن فتح الحدود مع تركيا أمام حركة النقل. لذا تواجه الحكومة الآن معضلة حول ما إذا كانت ستعيد فرض الضوابط مرة أخرى، وهي خطوة لن تحظى بشعبية، وتضر بالاقتصاد الذي أضعفته العقوبات الأميركية، إذ انخفض دخل الفرد 34 في المئة على مدى السنوات الثلاث الماضية، كما أن ما يقرب من 60 في المئة من الموظفين غير مشمولين بالتأمين الاجتماعي.

وهدد كورونا اقتصاد البلاد الهش، فهبط الريال الإيراني إلى مستويات منخفضة مقابل الدولار الأميركي في الأيام الأخيرة، بسبب الإغلاق الاقتصادي المؤقت وإغلاق الحدود وتوقف الصادرات غير النفطية، وامتنعت طهران عن فرض إغلاق إلزامي على الناس لوقف انتشار الفيروس، لكنها دعت إلى جعل ارتداء الأقنعة إلزامياً.

في ظل هذه الضغوط قال روحاني إن إيران “قد تضطر” إلى إعداد نفسها لمضاعفة عدد مرات دخول المستشفى التي خضعت لها في الأشهر الخمسة الماضية، فحتى الآن لم تحقق طهران بعدُ مناعة القطيع، وأضاف مستشهداً بنتائج دراسة لوزارة الصحة “علينا النظر في احتمال تعرض 30 إلى 35 مليوناً للعدوى”.

إن عام 2020 لم يكن بأي حال أفضل ما مر على إيران، بل الأسوأ، فالعام بدأ بمقتل قاسم سليماني الوجه العسكري للسياسة الإيرانية، ثم فيروس كورونا في ظل عدم كفاءة الأداء الحكومي، فضلاً عن الظروف الاقتصادية بفعل العقوبات الأميركية، ثم تعرض برنامجها النووي لضربة في يوليو (تموز)، على إثر انفجار هائل في موقع نطنز النووي، المنشأة الإيرانية النووية الرئيسة، وألقت الحكومة باللوم على إسرائيل في الهجوم، قبل أن تقر بأن الانفجار أدى إلى انتكاسة لبرنامج إيران النووي لأشهر.

والآن، توجد تحولات جديدة تحدث في الشرق الأوسط، جزء منها موجه إلى ردع السلوك الإيراني، وسينتهي العام بالانتخابات الأميركية، التي لن تنفصل تداعياتها بأي حال عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة في 2021، التي بناء عليها سيجري تحديد وجه السياسة الخارجية للبلاد الذي قد يمثله أحد المتشددين، وإن كان هذا غير مؤثر، أخذاً بالاعتبار البراغماتية التي تتمتع بها سياسة طهران.

لذا، في ظل المعطيات السابقة وخلال لقاء الرئيس الإيراني وزير الخارجية السويسري للاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، طالب روحاني بـ”تفعيل الآلية المالية السويسرية”، التي أطلقت رسمياً في يناير (كانون الثاني) الماضي، بهدف تسهيل المدفوعات الإيرانية للواردات الغذائية والطبية.

ومن المعروف أن الحكومة السويسرية هي التي تحمي المصالح الإيرانية والأميركية على أراضي إيران والولايات المتحدة في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما، لذا لا يستبعد أن تكون الزيارة غرضها بدء عملية وساطة بين طهران وواشنطن، لا سيما مع اقتراب الانتخابات الأميركية التي نتيجتها قد تنذر بأربعة أعوام أخرى من الظروف الاقتصادية الخانقة على إيران.

هدى رؤوف

اندبندت عربي