أجمع الإيرانيون على أن العقوبات الأميركية لن تتمكن من إيقاف عجلة اقتصادهم الوطني، وأن طهران استثمرت العقوبات على قطاعي النفط والغاز للتخلص من بيع الخام تدريجيا وتحويله إلى مشتقات ذوات قيمة مضافة.
وافتتحت إيران الخميس الماضي مصفاة “بيد بلند” للغاز في مدينة بهبهان جنوب غربي البلاد، لتكون أكبر مصفاة للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، بتكلفة 3.4 مليارات دولار، وفق المدير التنفيذي للمصفاة محمود أمين نجاد الذي أوضح أن المنشأة قادرة على استقطاب جميع الغاز المصاحب للنفط الخام والحؤول دون احتراقه.
وتابع المسؤول الإيراني أثناء مراسم الافتتاح، التي أقيمت عبر الفيديو وحضرها الرئيس حسن روحاني ووزير النفط بيجن زنغنه، أن عمليات إنشاء المصفاة احتاجت إلى ما يزيد على ألف كیلومتر من أنابيب نقل الغاز في غضون 36 شهرا، وهو حاليا ثالث أكبر مشروع في العالم.
حجم الإنتاج
ويبلغ الإنتاج السنوي للمصفاة الجديدة نحو 10 ملايين و400 ألف طن من غاز الميثان للاستخدام المنزلي، و500 ألف طن من غاز البوتان، و600 ألف طن من متكثف الغاز الطبيعي، ومليون و500 ألف طن من غاز الإيثان، ومليون طن من غاز البروبان، و900 ألف طن من الغازات الأسيدية، وفق وكالة إرنا الرسمية.
من ناحيته توقع الوزير زنغنة أن تحقق مصفاة بيد بلند عائدات تبلغ 1.5 مليار دولار سنويا، موضحا أن وزارته تعهدت بإنجاز 17 مشروعا كيميائيا بقيمة استثمارية قدرها 11.4 مليار دولار، وسعة إنتاج تبلغ 25 مليون طن، بحلول العام الإيراني المقبل (يبدأ في 21 آذار/مارس 2021).
وفي حين أخذت كلمات المسؤولين الإيرانيين في مراسم الافتتاح طابعا سياسيا بعد ساعات فقط من مغادرة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب البيت الأبيض الذي كان فرض عقوبات خانقة على قطاعات النفط والغاز والبتروكيمياويات الإيرانية، فجّر المدير العام لمجموعة “خليج فارس” القابضة للبتروكيمياويات، جعفر ربيعي، مفاجأة بإعلان تصدير 5 شحنات من منتجات مصفاة بيد بلند بهبهان إلى الخارج حتى الآن فضلا عن تزويدها مجمع ماهشهر للبتروكيماويات ببعض المشتقات اللازمة داخل البلاد.
عقوبات وإنجازات
الرئيس حسن روحاني عدّ المشروع إنجازا كبيرا في ظل العقوبات الأميركية التي فرضت لمنع إيران من التقدم، مشيرا إلى أن تزامن تدشين مصفاة بيد بلند مع خسارة إدارة دونالد ترامب يؤكد أن “الذين تآمروا وخططوا لإطاحة إيران سقطوا اليوم أذلاء مفضوحين”، حسب تعبيره.
وعلى وقع انتقادات التيار المحافظ لحكومته بسبب الخسائر التي تكبّدتها البلاد جراء الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، كشف الرئيس روحاني عن أن الانفراجة الاقتصادية التي أعقبت التوقيع على الاتفاق النووي أثناء عامي (2016-2015) أسهمت إلى حد كبير في إنجاز هذا المشروع العملاق.
من جانبه رأى الباحث في الاقتصاد السياسي مهدي عزيزي أن تدشين منشأة بهبهان للغاز “إضافة نوعية للاقتصاد الإيراني” تزامنا مع مجيء الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، وتوقع أن تسلك الإدارة الأميركية سياسة مغايرة حيال إيران من شأنها تخفيف بعض القيود عن الاقتصاد الإيراني.
وأوضح -في حديث للجزيرة نت- أن مشروع مصفاة بيد بلند يثبت أن العقوبات الأميركية لم تستطع إيقاف عجلة التطور والتنمية في إيران، وأن طهران تمتلك طاقات كبيرة جدا لتصديرها إلى دول الجوار والإسهام في ازدهار المنطقة فضلا عن تنمية اقتصادها الوطني.
ضارة نافعة
ولدى إشارته إلى العقوبات الأميركية الرامية إلى تجفيف الموارد الإيرانية عبر صادرات النفط والغاز، أضاف عزيزي أن إدارة ترامب فشلت في “تثوير” الشارع الإيراني بالعقوبات التي استثمرتها طهران للتخلص تدريجيا من بيع النفط الخام وتحويله إلى منتجات بتروكيمياوية ذوات قيمة مضافة قبل تصديرها إلى الخارج.
وقال إن “طهران ستضاعف من صادراتها ولا سيما الغاز الطبيعي بعد عودة بايدن المحتملة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات الجائرة عن إيران”، مؤكدا أن منشأة بهبهان للغاز ليست سوى حلقة واحدة من مشروع اقتصادي ضخم سوف يعلن تدشين بعض حلقاته الأخرى الأشهر المقبلة، وستحدث تغييرا كبيرا في حجم صادرات إيران من مشتقات النفط والغاز.
وخلص إلى أن طهران تخطط لزيادة صادراتها من الوقود والمشتقات النفطية إلى بعض دول الجوار خاصة العراق وباكستان -عبر “أنبوب السلام” بعد اكتماله- والدول الواقعة شمال إيران، فضلا عن تعزيز علاقاتها التجارية مع دول شرق آسيا.
وتتطلع الجمهورية إلى تحقيق طفرة اقتصادية مع عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، إذ نشر “علي رضا معزي” معاون رئاسة الجمهورية الإيرانية للعلاقات والشؤون الإعلامية تغريدة على تويتر كتب فيها أن بلاده ستقطف ثمار صمودها أمام العقوبات رويدا رويدا مع رحيل ترامب عن السلطة.
المصدر : الجزيرة