المالكي يخيّر الكاظمي بين إعادة قائد خلية الصقور أو الاستجواب البرلماني

المالكي يخيّر الكاظمي بين إعادة قائد خلية الصقور أو الاستجواب البرلماني

بغداد – قالت مصادر سياسية في بغداد إن أحزابا شيعية موالية لإيران هددت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالاستجواب النيابي والإقالة، إذا لم يتراجع عن إقرار استبدال قائد خلية الصقور السابق أبوعلي البصري.

وتسلل البصري إلى وزارة الداخلية منذ أعوام، دون الحاجة إلى أن يكون متخرجا من أي كلية أو حاملا لأي رتبة، فهو أحد قادة فيلق بدر الذي تأسس في إيران لقتال الجيش العراقي خلال ثمانينات القرن الماضي، وله علاقة وثيقة بالحرس الثوري الإيراني.

وبقي البصري بعيدا عن الأضواء طيلة أعوام، مع بعض الإعلانات المقتضبة والمتقطعة عن مشاركة خلية الصقور في عمليات استخبارية ضد تنظيمي القاعدة وداعش.

ولم يكن لدى وزراء الداخلية الذين تعاقبوا على إدارة هذه الحقيبة الأمنية الحساسة أيّ صلاحيات للتعاطي مع خلية الصقور، التي شكلها البصري من بعض الضباط الموالين له في وزارة الداخلية وتقلد رئاستها عدة سنوات، تحت لافتة مكافحة الإرهاب.

ويقول ساسة عراقيون واكبوا تغلغل البصري في مفاصل المؤسسة الأمنية العراقية، إن نفوذ هذا الرجل وصل إلى جهاز المخابرات، حيث قرب بعض ضباط هذا الجهاز، واستخدمهم في العديد من الأحيان.

وعندما قُتل أبومهدي المهندس، رئيس أركان قوات الحشد الشعبي في الغارة التي استهدفت قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد مطلع العام الماضي، برز اسم البصري مرشحا لخلافته.

وبالفعل، صوت مجلس الشورى الذي يدير الحشد الشعبي فعليا على تكليف البصري بخلافة المهندس، وسط تشجيع إيراني علني.

لكن الأمر لم يتم، بعدما تلقى العراق تلميحات إلى أن هذا القرار قد يضع الحشد الشعبي برمته على لائحة العقوبات الأميركية، كما حصل مع الحرس الثوري الإيراني.

وحتى مع وصول مصطفى الكاظمي إلى منصب رئيس الوزراء، بدا أن البصري شخصية غير قابلة للمساس، فهو أحد أكبر عرابي النفوذ الإيراني في الملف الأمني العراقي، ما يعني أنه على صلة بتنامي قوة الميليشيات الشيعية الموالية لعلي خامنئي، مرشد إيران الأعلى وحاكمها الفعلي.

ولكن البصري كان أحد أول أهداف الكاظمي، إذ أطاح به من منصبه بعد هجوم انتحاري ضرب ساحة الطيران وسط بغداد وخلف 32 قتيلا وأكثر من 110 جرحى.

وفوجئت الأوساط السياسية والأمنية والإعلامية بقرار الكاظمي، الذي اعتبر تحديا مباشرا للنفوذ الإيراني في العراق، ورسالة شديدة اللهجة للميليشيات الشيعية التابعة لطهران.

ويتحمل البصري الجانب الأكبر من المسؤولية عن الخرق الأمني في ساحة الطيران، وفقا لخارطة المهام وتسلسل المراجع، لأن خلية الصقور التي يترأسها تحكم قبضتها على الجهد الاستخباري في وزارة الداخلية في ما يتعلق بقضايا الإرهاب.

وقالت مصادر مطلعة إن الكاظمي لديه تقديرات بأن جهد البصري وخلية الصقور واستخبارات الداخلية، موجه لخدمة توسيع نفوذ الميليشيات العراقية التابعة لإيران وليس لتتبع الخلايا الإرهابية النائمة.

ولم يكتف الكاظمي بإبعاد البصري عن وزارة الداخلية، بل أمر بربط خلية الصقور بمكتب القائد العام للقوات المسلحة، ما يعني خضوعها لسلطات رئيس الوزراء كليا.

وكما كان متوقعا، قوبل قرار الكاظمي المتعلق بالبصري بحملة واسعة شنتها الأحزاب العراقية الشيعية الموالية لإيران ووسائل إعلامها ومنصاتها الإلكترونية، تتهم رئيس الوزراء بالنيل من شخصية قارعت الإرهاب، بهدف إرضاء السعودية والولايات المتحدة.

وتقول مصادر سياسية مواكبة إن زعيم منظمة بدر هادي العامري وزعيم حزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي طلبا من وسطاء إقناع الكاظمي بالتراجع عن قرار إعفاء البصري من مهامه الأمنية في وزارة الداخلية.

وتوضح المصادر أن العامري والمالكي ناقشا فعلا إمكانية التلويح بإقالة الكاظمي في حال لم تنجح الوساطة، وهو أمر يدعمه المجلس الأعلى بزعامة همام حمودي، ويؤيده جميع قادة الميليشيات الشيعية البارزة، مثل قيس الخزعلي زعيم حركة عصائب أهل الحق.

لكن الكاظمي يعتقد أن الأطراف الشيعية الموالية لإيران هي وحدها التي قد تمضي في مسار إقالته بسبب ملف البصري، ما يعني أن بإمكانه الاعتماد على قوى شيعية أخرى مثل عمار الحكيم وحيدر العبادي.

وما يعزز جبهة الكاظمي، أنه أقدم على استبدال جنرال كبير جرى تكليفه بقيادة الشرطة الاتحادية في أعقاب هجوم ساحة الطيران، بعدما أبدى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتراضه عليه.

ويقول مراقبون إن مسرح الأحداث على الساحة السياسية الشيعية يوحي حاليا بوجود فريقين متقابلين، لدى كل منهما تصور مختلف في ما يتعلق بالبصري وضرورة وجوده في وزارة الداخلية، الأول يضم الأحزاب والميليشيات الشيعية التابعة لإيران، والثاني يضم الأحزاب والتيارات الشيعية الباحثة عن نوع من الاستقلال في القرار الوطني الداخلي.

ويمكن لهذه المواجهة أن ترسم ملامح الصراع على النفوذ بين الفريقين الشيعيين في المرحلة القادمة، التي قد تسبق الانتخابات المقررة في أكتوبر المقبل، أو تتخللها، أو ربما تليها.

العرب