انطلقت اليوم الاثنين أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي -المعروف بمنتدى دافوس- لكن نسخة هذا العام جاءت افتراضية عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بسبب جائحة كورونا.
وفرضت الجائحة نفسها على جدول أعمال المنتدى في أيامه الخمسة، حيث خصصت أغلب الجلسات لمناقشة سبل التعافي اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا وصحيا من تبعات الوباء.
وفي مستهل المنتدى، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ المشاركين إلى الوقوف صفا واحدا في مواجهة الوباء، محذرا من “حرب باردة جديدة”، ومشددا على العمل متعدد الأطراف.
ومن دون أن يسمي الولايات المتحدة، دافع شي عن التعددية والعولمة، مثلما فعل أمام المنتدى قبل 4 سنوات.
وبعد أقل من أسبوع على انتهاء ولاية دونالد ترامب، الذي اختار المواجهة المفتوحة مع الصين، وتنصيب جو بايدن رئيسا جديدا للولايات المتحدة؛ قال الرئيس الصيني إن “تشكيل تكتلات صغيرة أو بدء حرب باردة جديدة ونبذ الآخرين أو تهديدهم أو ترهيبهم وفرض انقسامات أو عقوبات أو تعطيل شبكات التموين بهدف العزل؛ لن يسهم سوى في دفع العالم إلى الانقسام وحتى المواجهة”.
وأشار شي إلى أن التعافي العالمي من جائحة كورونا مهتز نوعا ما، وأن الآفاق لا تزال غير مؤكدة. كما طالب بتعزيز دور مجموعة العشرين باعتبارها المنتدى الرئيسي لإدارة الاقتصاد العالمي، وحث دول العالم على المشاركة في تنسيق أوثق لسياسة الاقتصاد الكلي.
وينتظر أن تحدد إدارة بايدن -الذي لن يشارك في هذه الجلسات- سياستها في مواجهة توسع الصين اقتصاديا وتكنولوجيا.
أحكام الجائحة
ويعقد المنتدى عادة في منتجع دافوس الواقع في جبال الألب السويسرية، إلا أن جائحة كوفيد-19 حكمت بغير ذلك.
ويشارك في الجلسات الافتراضية هذا العام أكثر من 1500 شخصية من قادة الدول والحكومات ورجال الأعمال والمفكرين، الذين يمثلون نحو 70 دولة.
ومكافحة الوباء الذي يواصل حصد الأرواح في مختلف أنحاء العالم تعد المسألة الرئيسية التي تهم المشاركين في النسخة 51 من المنتدى، إذ لم يعد التفاؤل الذي ساد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي -حين ظهرت اللقاحات- سيد الموقف؛ فقد ظهرت بعد ذلك نسخ متحورة من الفيروس، وفرضت قيودا جديدة، وتأخر تسليم جرعات اللقاح.
وقال مؤسس المنتدى ورئيسه التنفيذي البروفيسور الألماني كلاوس شواب إن إعادة بناء الثقة وزيادة التعاون العالمي أمران حاسمان لوقف الجائحة وتحقيق انتعاش قوي.
وإلى جانب حضور الصين القوي في المنتدى -رغم نشأة الفيروس في أراضيها قبل عام- تؤكد أوروبا حضورها من خلال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
ويأتي هذا بعد وضع الاتحاد الأوروبي حجر الأساس للاتفاق المثير للجدل بشأن تشجيع الاستثمارات المتبادلة مع الصين في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.
من ناحية أخرى، نقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث باسم الكرملين قوله إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلقي كلمة في المنتدى يوم الأربعاء.
ومن المتوقع أن يكون ظهور بوتين في المنتدى مثيرا للجدل، في وقت يدرس فيه الغرب عقوبات جديدة محتملة على روسيا بسبب طريقة تعامل الكرملين مع المعارض أليكسي نافالني.
وذكرت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أن بوتين لم يشارك في حدث مماثل منذ عام 2009 عندما كان رئيسا لوزراء روسيا.
إلى سنغافورة
وبعد الجلسات الافتراضية، سينتقل منتدى دافوس في مايو/أيار المقبل إلى سنغافورة، بعيدا عن المنتجع الشتوي السويسري الفخم حيث استمر انعقاده منذ أسسه البروفيسور شواب عام 1971.
والسبب المعلن وراء نقله يتعلق بالمخاوف الصحية؛ إذ تعتبر سنغافورة -التي سجلت فيها 29 وفاة فقط جراء الجائحة- أكثر أمانا من سويسرا.
ويعكس هذا التركيز على آسيا من جانب منظمي المنتدى الاقتصادي العالمي المعطيات الاقتصادية التي تؤكد صعود آسيا المتنامي، لا سيما الصين.
وأظهر تقرير للأمم المتحدة نشر الأحد أنه في عام 2020 أصبحت الصين الوجهة الأولى في العالم للاستثمار الأجنبي المباشر؛ متفوقة على الولايات المتحدة.
من جهة أخرى، قالت منظمة العمل الدولية اليوم إن جائحة كوفيد-19 تسببت في محو ما يعادل 255 مليون وظيفة في 2020، أي 4 أضعاف ما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2009.
من جانبها، دعت منظمة أوكسفام الخيرية في تقريرها السنوي -الذي نشر اليوم- إلى فرض ضرائب على الفئات الأكثر ثراء لمحاربة ما سمته “فيروس انعدام المساواة”، مشيرة إلى أن أصحاب المليارات شهدوا زيادة ثرواتهم بمقدار 3.9 تريليونات دولار بين 18 مارس/آذار و31 ديسمبر/كانون الأول 2020.
المصدر : الجزيرة + وكالات