شكلت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق جزءاً كبيراً من الشحن والتصعيد اللذين شهدتهما البلاد من أزمات وصراعات سياسية خلال الفترة الماضية، واحتلت هذه المواقع حيزاً رئيساً من التوتر الذي كان يراد به التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وأثارت تساؤلات حول مدى جدية السلطات العراقية بحظرها على خلفية الأحداث الأمنية الأخيرة والتصعيد السياسي.
نفي قطع الإنترنت
وقد نفت وزارة الاتصالات وجود أي نية لقطع خدمة الإنترنت في العراق، ودعت إلى عدم تداول الأخبار المضللة. وقالت في بيان، إن “عدداً من مواقع التواصل الاجتماعي نشرت خبراً مفاده وجود نية لقطع خدمة الإنترنت عن عدد من مناطق العاصمة بغداد، وإن هناك اجتماعاً عقد في مقر الشركة العامة للاتصالات، أحد تشكيلات وزارة الاتصالات، مع عدد من قيادات الحشد الشعبي لبحث هذا الطلب”، ونفت الوزارة “بشكل قاطع هذا الخبر، أو وجود أي نية لقطع خدمة الإنترنت عن أي محافظة أو منطقة في بلدنا الحبيب”، مبينة أنها “وجهت بالتنسيق مع هيئة الحشد الشعبي لتوفير خدمات الإنترنت والاتصالات لزوار أربعينية الإمام الحسين”.
ودعت الوزارة “المؤسسات الإعلامية المختلفة (المقروءة والمسموعة والمرئية)، والمواقع الإلكترونية، لاتباع الصفحة الموثقة للوزارة في نقل الأخبار التي تخص عمل الوزارة، وعدم تداول الأخبار المضللة التي تخالف توجهات الوزارة وتبخس حق جهود منتسبيها في الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية، الذين يبذلون قصارى جهودهم لتحسين جودة واستقرارية الخدمات المقدمة للمواطنين والمؤسسات الحكومية”.
انعكاسات سلبية
إلى ذلك، قال المحلل السياسي نبيل جبار العلي، إنه على الرغم من أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير على الرأي العام، فإن التجارب أثبتت عدم جدوى الخطوات الحكومية الخاصة بحظر هذه المواقع أو استخدام أداة قطع الإنترنت ما قد يتسبب بانعكاسات سلبية على الأزمات ولا يسهم في حلها، “رأي آخر جديد بدأ يناقش لدى السياسيين والمتخصصين عن حجم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً بعد أن تزايد الوعي الاجتماعي تجاه هذه المنصات التكنولوجية، وبدأ المستخدمون في تصنيف رواد المنصات تلك ومدونوها بتصنيفات سياسية”. وأشار العلي أيضاً إلى أن بعض الفضائح أو المواقف المتقلبة لدى بعض المدونين قد يأتي في سياق خدمة بعض الأجندات السياسية، إلا أن وعي المستخدمين مكنهم من التدقيق بالأفكار والمعلومات المتدفقة عبر هذه المنصات وتمحيصها وتبيان دقتها من عدمه.
نافذة الناس على العالم
لكن الباحث السياسي العراقي صالح لفتة، ذكر أن الحكومة العراقية تستطيع إيقاف خدمة الإنترنت بسهولة للحد من مقدار الاختلاف والتمزق في مواقع التواصل الاجتماعي في كل مسألة أو قضية أو رأي خصوصاً في أوقات الأزمات، موضحاً أن هناك تجارب سابقة للسلطات العراقية في حظر هذه المواقع للتقليل من التصعيد، لا سيما أثناء تظاهرات “تشرين”، إلا أنها لم تستمر طويلاً بسبب اعتراض واحتجاج المواطنين وعدد من المنظمات المعنية. وقال إن حظرها ليس الحل الأمثل لتهدئة الأوضاع، مضيفاً أن هذه المواقع هي المصدر الرئيس للأخبار والمعلومات ومنها يستقي الناس كل ما يريدون، وفي حال إيقافها يتم قطع نافذة الناس على العالم إذ ليس كل ما ينشر يدفع للتصعيد، وهناك منشورات نافعة وأخرى تدعو للتهدئة ونبذ العنف، مشدداً على أن الحل الأمثل هو معاقبة أو محاسبة من ينشر معلومات تحرض على العنف أو التصعيد أو حتى التهديد بالقتل في بعض الأحيان، وإنشاء محاكم خاصة تنظر في قضايا التحريض والدعوات على العنف والسب والقذف على هذه المواقع، والتعاون مع شركات متخصصة لتشديد الرقابة على المنشورات وإيقاف الصفحات أو المواقع الشاذة بما يتوافق مع خصوصية الشعب العراقي مع الحفاظ على الحرية الشخصية، وتكون الرقابة على ما ينشر وما يقال في داخل العراق، “وليس في دول مجاورة تحاول أن تفرض ما يناسبها أو بحسب أهدافها وسياساتها، وليس بالضرورة ما يناسبها يتوافق مع مصلحة البلاد التي لها خصوصية معينة والعكس بالعكس”.
اندبدت عربي