الخرطوم – اتهم نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” من محاولات لزرع الفتنة بين بلاده وأفريقيا الوسطى جهات لم يسمها، بالتخطيط لتغيير النظام في جمهورية أفريقيا الوسطى انطلاقاً من الأراضي السودانية، فيما وقعت قبيلتا الداجو والرزيقات وثيقة لوقف العدائيات لإنهاء أعمال القتال في إقليم دارفور.
وتحدثت تقارير صحافية في نوفمبر الماضي، عن احتشاد آلاف المسلحين – بعضهم يرتدي زي قوات الدّعم السريع- في مناطق (أم دافوق، أبو جرادل، أم دخن) الحدودية مع دولة أفريقيا الوسطى، بنية التوغل في الجارة الغربية التي تعاني من نزاعات مسلحة بين القوات الحكومية والمعارضة.
وقال حميدتي لدى مُخاطبته فعالية التوقيع على وثيقة وقف العدائيات بين قبيلتي الداجو والرزيقات بمنطقة أموري بمحلية بليل بولاية جنوب دارفور، إن “تلك الجهات قامت بتجميع قوات من كل القبائل، إضافة إلى عسكريين سابقين، ووفرت لهم زيا رسمياً مكتملا من قوات الدعم السريع، وأدخلته إلى منطقة أم دافوق، لتنفيذ مخطط لتغيير النظام في أفريقيا الوسطى”.
وأوضح أنه كشف عن ما وصفه “المؤامرة ومن يقف خلفها”، والقبض على المتورطين، وإغلاق الحدود مع أفريقيا الوسطى درءاً للفتنة، وحفاظاً على حسن الجوار.
وأعلن أن الدعم السريع بصدد افتتاح معسكرات في أم دافوق، وأم دخن، لضبط وتأمين الحدود.
وأضاف “كاكي الدعم السريع متوفر في شركة بالداخل، لذلك كان من السهل عليهم الحصول عليه ونحن لا نريد مشاكل مع أي جهة”.
وفي التاسع من ديسمبر الماضي، أعلنت أسرة اللواء المتقاعد أحمد عبدالرحيم شكرت الله، اختفائه في ظروف غامضة وفقدان الاتصال معه.
ويعدّ شكرت الله الذي لم تعلن أي جهة اعتقاله، أحد أبرز ضباط الاستخبارات الذين أسسوا ما يعرف بقوات حرس الحدود التي أنشأها نظام الرئيس المعزول عمر البشير، لقتال الحركات المسلحة ويغلب على عناصرها القبائل العربية.
ولاحقت القوات التي التحق معظم منسوبيها بقوات الدعم السريع، اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في دارفور إبان سنوات الحرب.
وأشار “حميدتي” إلى ما وصفه بـ”المحاولات المتكررة لشيطنة قوات الدعم السريع، وتلفيق التهم ضدها”. واستدل في ذلك بحادثة مدينة الأبيض، وفض اعتصام القيادة العامة.
وسبق أن طرد والي شمال دارفور في النظام المعزول، أحمد هارون، قوات الدعم السريع من محيط مدينة الأبيض، بعد اتهامات طالت عناصرها بالضلوع في قتل أحد تجار المدينة.
وتتهم قوات الدعم السريع بالمشاركة في فض اعتصام القيادة العامة 3 يونيو 2019 الذي أطاح بالبشير، بالقوة المميتة، ما أدى لمقتل العشرات.
ولفت قائد الدعم السريع إلى أن محاولات شيطنة الدعم السريع، لن تتوقف، ولكنه قال إنهم لن يلتفتوا إليها. وأضاف “لن نلين نهائياً نسير إلى الأمام فقط ولن نترك البلد يتفكك”.
وأكد أنه يعرف الجهات والغرف التي تدير الشائعات ضد الدعم السريع، واستدل بما قال إنه محاولات التكسب من حديثه السابق حول إعادة بعض من ظهروا من القوات وهم يصورون فيديوهات أثناء أحداث بليل.
وأوضح “سلمناهم للعدالة، من أجل التحقيق معهم وقد انكشف أن أحدهم طابور يعمل على إشانة سمعة القوات”.
وأضاف “بالرغم من أن المقاطع وضحت عدم اشتراكهم في الأحداث واكتفاءهم بالمتابعة، ما يعد تقصيرا من جانبهم”.
وفي ديسمبر الماضي هاجم مسلحون قرى بمنطقة بليل مما قاد إلى مقتل 11 شخصًا بينهم عنصر من الشرطة وآخر من الدعم السريع، كما أدى إلى تشريد 16 ألف شخص بعد أن أُحرقت منازلهم.
وأطلق حميدتي تحذيرا شديد اللهجة لمن يطلقون نداء بما يتعارف عليه (المفازعة)، وهو نظام استغاثة قبلي لحشد المقاتلين بغرض تتبع أثر الجُناة في حالات جرائم القتل ونهب الماشية.
وأعلن تجنيد قوات خاصة تحت إشرافه المباشر، لمنع الاحتكاكات بين القبائل.
وحذر الإدارات الأهلية من خدمة الأجندة الحزبية، باعتبار أنهم قيادات مجتمعية، ينبغي أن تكون محايدة.
وأكد حميدتي بتورط جهات –لم يسمها- في المشاركة بجرائم حرق القرى، لتشريد أهلها إلى المعسكرات، بهدف المتاجرة الرخيصة بقضاياهم.
وقال “هناك من يحرّض، ويريد للناس أن تذهب لمعسكر كلمة، وعلى أهل المنطقة طرد هذه الجراثيم من ديارهم”.
واستهجن ما وصفه بمحاولات بعض المتاجرين لتسويق إدعاءات كاذبة، باتهام بعض القبائل، بالعمل على تهجير بعض المكونات قسراً.
وقال “هذه الأكاذيب ليست صحيحة، وقضية الأرض والحواكير حسمتها اتفاقية جوبا للسلام”.
وتعهد بترحيل كل من يثبت أنه مقيم في أرض ليست ملكاً له، داعياً أصحاب الادعاءات، بإثبات تهمة الاستحواذ على الأرض ضد أي شخص وهو سيتولى ترحيل المستحوذ.
وجه حميدتي انتقادات لاذعة لقبيلة الرزيقات التي ينحدر منها بسبب الاتهامات التي طالتها بشأن التورط في الصراع مع قبيلة الداجو.
وقال إن عمليات القبض التي طالت المجرمين المتورطين في أحداث قرى محلية بليل، سجلت مشاركة أشخاص من خمس قبائل أخرى، بخلاف الرزيقات.
وقادت قبيلة الرزيقات خلال الثلاث أعوام الماضية حروب قبلية دامية في ولايات غرب وشمال وجنوب دارفور، ولاحقتها اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة طالت قبائل المساليت والقِمر والفلاتة والفور والتُنجر.
وتعهد حميدتي بتوفير الأمن والخدمات الضرورية ومواد الإيواء والغذاء، لجميع المواطنين المتضررين من أحداث محلية بليل بولاية جنوب دارفور.
وشدد خلال مخاطبته، لتوقيع وثيقة وقف العدائيات بين قبيلتي الداجو والرزيقات، بمنطقة أموري بمحلية بليل، على ضرورة استكمال عملية التحقيق وتقديم الجناة للعدالة، وإعادة الأموال المنهوبة، وتقديم المتورطين في الأحداث للعدالة.
ودعا قادة لقبيلتين، إلى الالتزام بمقررات وثيقة وقف العدائيات، بفتح الطرق والأسواق ومحاربة المنفلتين، والتعاون مع اللجنة القانونية، التي تتولى التحقيق.
ووقعت قبيلتا الرزيقات والداجو وثيقة وقف العدائيات، وذلك في أعقاب اندلاع أعمال عنف قبلي في مناطق شرق محلية بليل أسفرت عن مقتل عدد من المواطنين وحرق قرى وممتلكات ما استدعى إعلان الطوارئ. ووفق وكالة الأنباء السودانية
وأكد الطرفان الالتزام بتنفيذ بنود الوثيقة وكذلك فتح صفحة جديدة من التسامح والعفو، وعودة العلاقات بين القبيلتين إلى طبيعتها وسابق عهدها، مشيدين بالدور الكبير لقوات الدعم السريع في التصدي للاعتداء الذي تعرض له أهل المنطقة، داعين إلى العمل على بناء ما دمرته الحرب وتقديم الخدمات للمتضررين وإنشاء ارتكازات أمنية وشرطية لحماية أهالي محلية بليل.
وتضمنت الوثيقة عدة بنود أهمها تعزيز فرص السلام وتحقيق التعايش وبناء النسيج الاجتماعي، وبناء أواصر الأخوة بين المكونات المحلية وفتح الأسواق وموارد المياه والطرق العابرة، ونبذ الصراعات والكراهية ونشر ثقافة السلام. وتحدث الاتفاق عن محاربة المجرمين والخارجين عن القانون وعدم توفير الحماية لهم، إضافة إلى العمل على فرض هيبة الدولة ومنع حمل السلاح في الأماكن العامة، فضلا عن مساعدة لجنة التحقيق والأجهزة الأمنية في إنفاذ قانون الطوارئ.
وتشجع الدولة توقيع اتفاقيات صلح بين القبائل المتقاتلة، لكنه سرعان ما ينهار لعدم تعزيزه بتوقيف المتورطين في أعمال العنف ومحاسبتهم قضائيًا.
وكثيرا ما تندلع أعمال العنف القبلي في السودان، بسبب الصراع حول الأرض التي لا يُنظر إليها كفائدة اقتصادية تتمثل في الزراعة والرعي فقط، بل كذلك كمساحة نفوذ سياسي يتعلق بالسُّلطة المحلية.
العرب