لوحت إسرائيل بعد أيام قليلة من إطلاقها الحرب على قطاع غزة بتنفيذ عملية عسكرية برية في داخل القطاع للمرة الأولى منذ عام 2014.
وتحرص إسرائيل على سرية توقيت هذه العملية ومع ذلك فإنه بمرور 17 يوما على بدء الحرب فإن تساؤلات بدأت تبرز عن دوافع تأجيلها.
ولا يملك المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري، في مؤتمراته الصحفية، إجابة محددة على موعد العملية مكتفيا بالإشارة الى أن الجيش ينتظر قرار المستوى السياسي في إسرائيل.
غير أن باروخ باديد، المحلل في القناة 14 الإسرائيلية، أشار أن “العملية البرية ليست مسألة إذا ما كانت ستجري ولكن متى ستجري، أعتقد أنها مؤكدة وستجري على الأرجح خلال الأيام القادمة”.
باروخ باديد: العملية البرية ليست مسألة إذا ما كانت ستجري ولكن متى ستجري، أعتقد أنها مؤكدة وستجري على الأرجح خلال الأيام القادمة
وقال: “لدينا تأكيدات بأن الولايات المتحدة الأمريكية طلبت من الحكومة الإسرائيلية تأجيل العملية البرية لمحاولة بذل المزيد من الجهود الدبلوماسية للإفراج عن الرهائن وعلى رأسهم حملة الجنسية الأمريكية”.
ويشير ياديد إلى أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابينت” أعطى الإذن قبل يومين للجيش بالدخول البري الى قطاع غزة.
وقال: “عندما كان يقول الجيش الإسرائيلي إنه بانتظار قرار المستوى السياسي فإنه على حق وقد حصل على الضوء الأخضر قبل يومين”.
واستدرك: “من المؤكد إن الطلب الأمريكي هو الذي أجل العملية البرية ولكن هذا لا يعني أن واشنطن تعارضها، على العكس هي تؤيدها ولكن طلبت تأجيلها لاعتبارات لها علاقة بمحاولة إيجاد حل سياسي لقضية الرهائن”.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات بالجيش، عاموس مالكا لهيئة البث الإسرائيلية، الإثنين، حول التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل تأجيل الدخول البري: “إن ما حدث بين إسرائيل والولايات المتحدة في الأسبوعين الماضيين غير مسبوق، من حيث الإيجابيات والسلبيات. هناك توقع بالتنسيق، ولا أرى أن إسرائيل تتصرف بشكل مخالف للرأي الأميركي، إذا لم يكن هناك تناقض جوهري”.
وكانت “حماس” أطلقت، الجمعة، أسيرتين تحملان الجنسية الأمريكية إثر تدخل قطري وسط تقديرات بإمكانية إطلاق نحو 50 خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأعلن هاغاري، الإثنين، أنه تم إبلاغ 222 عائلة بأن أبناء لها محتجزين في قطاع غزة.
ولم يتضح عدد حملة الجنسيات الأجنبية من بين الأسرى في غزة وإن كانت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، أعلنت منذ أكثر من أسبوع أنهم “ضيوف” في قطاع غزة.
وثمة من يرى في إسرائيل أنه من الأفضل التريث ومواصلة الضربات الجوية على قطاع غزة وبخاصة شمالي قطاع غزة قبل الاجتياح البري.
وقال الوزير من حزب “الليكود” يواف كيش لهيئة البث، الإثنين: “لا داعي للإسراع في بدء المناورة البرية داخل قطاع غزة”.
وأضاف: “علينا الاستمرار في دك قطاع غزة من الجو وهناك دعم دولي لإسرائيل”.
الوزير من حزب “الليكود” يواف كيش: علينا الاستمرار في دك قطاع غزة من الجو وهناك دعم دولي لإسرائيل
ويقول ياديد: “هناك من يرى إن ثمة أهمية بالغة لاستمرار الضرب الجوي على قطاع غزة وخاصة شمالي القطاع”.
وأضاف: “البعض يرى إن الضرب الجوي الهائل على شمالي قطاع من شأنه أن يسهل على الجيش الإسرائيلي المهمة في العملية البرية”.
ويخشى الجيش الإسرائيلي من المقاومة التي سيجدها من مسلحين فلسطينيين لدى الشروع في العملية البرية.
وقال المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” آفي ايسسخاروف: “لا خيار أمام الحكومة إلا القيام بعملية برية ولكنها لن تكون سهلة”.
وأضاف: “ستكون هناك اشتباكات عنيفة بين الجيش الإسرائيلي والمسلحين”.
بدورها قالت هيئة البث، الإثنين: “يتدرب جنود وحدات خاصة في الجيش منذ أيام، على كيفية اقتحام الانفاق وذلك استعدادا للعملية البرية في غزة والتي تتضمن مواجهات ومطاردة لعناصر حماس في ما يعرف بتسمية “المترو” وهي شبكة أنفاق تحت الأرض في المدينة والمتوقع ان تدور فيها أشرس المواجهات”.
وأضافت: “ويستعين جنود الجيش في مهمتهم على وسائل تكنولوجية متقدمة للكشف عن أماكن تواجد عناصر حماس في هذه الأنفاق، وكذلك أماكن وجود هذه الأنفاق لتدميرها على من يختبئ فيها”.
هيئة البث الإسرائيلية: يستعين جنود الجيش في مهمتهم على وسائل تكنولوجية متقدمة للكشف عن أماكن تواجد عناصر حماس في هذه الأنفاق، وكذلك أماكن وجود هذه الأنفاق لتدميرها على من يختبئ فيها
غير أن ثمة عامل اخر يؤثر على القرار الإسرائيلي بإطلاق العملية البرية وهو موقف منظمة حزب الله اللبنانية وما إذا كانت إسرائيل سترى مفاجأة في جبهة سوريا.
وقال ياديد: “هناك اهتمام إسرائيلي بما يجري على جبهة الشمال، فالتقدير حتى الآن هو أن حزب الله يبدي مظاهر الدعم للفلسطينيين من خلال إطلاق صاروخ هنا وصاروخ هناك على المنطقة الحدودية”.
وأضاف: “التقديرات في إسرائيل هي ان حزب الله لا يريد المشاركة الفعلية بالحرب وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل ولكن الاحتمالات تبقى مفتوحة إذا ما تم إطلاق العملية البرية في قطاع غزة ولا أحد يعرف ماذا سيكون الموقف عندها”.
وتابع ياديد: “كما ان هناك اهتمام إسرائيلي كبير بجبهة سوريا، إذ أن إيران قد لا ترغب بتوريط حزب الله مباشرة بالحرب من لبنان لتفادي ضربة إسرائيلية للبنان، وبالتالي قد تلجأ لضرب إسرائيل من الأراضي السورية”. واعتبر ياديد إن “كل الاحتمالات واردة”.
وقال موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري الإسرائيلي، الإثنين: “يعتقد الجيش الإسرائيلي أنه من أجل تحقيق أهداف الحرب ضد حماس، التي حددها المسؤولون الحكوميون، يجب على الجيش أن يبدأ هجومه البري في قطاع غزة عاجلا وليس آجلا”.
وأضاف: “بعد 17 يومًا من الغارات الجوية، يقول الجيش الإسرائيلي إنه مستعد تمامًا لهجوم بري في قطاع غزة، ويعتقد أنه قادر على تحقيق الأهداف المحددة له، حتى مع المخاطرة بوقوع خسائر فادحة، ووسط هجمات متكررة من قبل حزب الله في الشمال”.
وأشار إلى أنه “قام الجيش الإسرائيلي بالفعل بتعزيز الحدود اللبنانية بشكل كبير، لكن معظم القوات لا تزال بالقرب من غزة قبل الهجوم البري”.
وقال: “فيما يتعلق بالرهائن الـ 222 المؤكدين الذين تحتجزهم حماس وفصائل مسلحة أخرى في قطاع غزة، يستعد الجيش لاحتمال القيام بعمليات إنقاذ وسط الهجوم البري”.
وأضاف: “يخشى الجيش من أن يؤدي إطلاق سراح المزيد من الرهائن من قبل حماس إلى دفع القيادة السياسية إلى تأخير التوغل البري أو حتى وقفه في منتصف الطريق، ويعتقد الجيش أن الهجوم البري قد يضغط بالفعل على حماس لإطلاق سراح المزيد من الرهائن”.
(الأناضول)