لم يتخذ “كابينت الحرب” قرار “مخطط الهدنة وتحرير مخربين مقابل جزء من المخطوفين” بسهولة. الترددات – التي انتهت بالمناسبة في 14 تشرين الثاني قبل أسبوع من اطلاع الجمهور على تفاصيل الصفقة – يمكن أن نقسمها إلى قسمين: مدة الهدنة نفسها، ومساء العودة إلى الحرب.
ستكون المعضلة الثانية على ما يبدو هي الأصعب. قال الجانب الإسرائيلي من قبل إن وقف النار قد يستمر لأكثر من خمسة أيام، بل وأعرب عن أمله في أن هذا ما سيحصل – على افتراض أن مجموعة أخرى من المخطوفين ستتحرر في كل يوم.
غير أن حماس أعربت منذ صباح الأربعاء، عن أمل في تحول المؤقت إلى دائم. بمعنى ألا يستأنف القتال على الإطلاق، بالضبط مثلما يتخوف كثيرون في إسرائيل. وبالطبع، للقتلة في غزة رافعة ضغط ربما تحشر إسرائيل في الزاوية، ألا وهي استمرار تنقيط المخطوفين. إذ ما الذي سنفعله إذا ما أعلنت حماس في نهاية اليوم العاشر بأنها ستحرر مجموعة أخرى من المخطوفين؟ هل سنستأنف النار – وأبناء عائلة المرشح للتحرر يستجدون في التلفزيون ألا نفعل هذا؟ بهذه الطريقة التهكمية والوحشية، يمكن لحماس أن تجر وقف النار أياماً، بل وأشهراً.
نتنياهو، وغالنت، وغانتس، وآيزنكوت، وديرمر، ودرعي وكل الشركاء في القرار، كانوا على وعي تام بمعضلة السجين التي سيقفون أمامها في نهاية الطريق. وفي الوقت نفسه، يعتقد المستوى المهني أن ليس لحماس فنياً القدرة على عقد اتصالات مع أكثر من 80 مخطوفاً. وليس واضحاً لماذا نصدق حماس بعد كل ما اجتزناه.
مهما يكن من أمر، فمن أجل إيجاد مخرج، وعد القادة باستمرار الحرب مهما يكن. وبالتالي، في أول جملة لنتنياهو إلى الحكومة، وصف الادعاء وقف الحرب بمثابة “ترهات”. مثله غانتس أيضاً، الذي أعلن: “حتى لو كانت هدنة لأجل إعادة مخطوفين، فسنعود ونضرب العدو بكل قوة”. ولتقييد أنفسهم أكثر، قال وزير الدفاع غالنت إن “المفاوضات مع حماس لن تكون الا تحت النار” لاحقاً.
كما أن الحكومة أرفقت بقرارها “حزامين”، بهدف ضمان استئناف القتال في كل حال. بمبادرة غالنت، قيل إن الحرب ستستمر لتحقيق الأهداف: عودة المخطوفين، وتصفية حماس وإعادة الأمن.
كما أنه -حسب اقتراح وزير المالية سموتريتش الذي انتقل في أثناء الجلسة من معارضة الصفقة إلى تأييدها- تقرر أن تمديد وقف النار لن يتم إلا بإذن من كل الحكومة وليس فقط من “كابينت الحرب”.
ومع ذلك، يعرف الكل بأن استئناف النار لن يكون بسيطاً. في أساس الأمر، السؤال هو بأي مسار تتقدم الحرب؟ فعندما أمر السنوار قوات النخبة فجر 7 أكتوبر اختطاف يهود، كان في عقله خطة حرب واضحة. فقد آمن بأننا سنجثو على ركبتينا لنوقف النار، نستجديه من أجل أناسنا، ونوافق على تحرير كل المخربين مقابل كل المخطوفين. هذه الخطة لم تنجح من ناحيته. فقد صعدت إسرائيل إلى مسار حرب الإبادة. لم تقع في فخ إرهابه المجنون، ولم توافق على تلطيف العملية العسكرية من أجل المخطوفين. كان هذا هو الوضع إلى أن قررت الحكومة الصفقة. من اللحظة التي أعرب معظم الوزراء عن تأييدهم، صعدنا عملياً الى مسار الذبح الذي أراده السنوار. وهذا، إذن، هو التردد رقم 2 الذي لا يزال على عتبتنا.