أمضى مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أسابيع في صياغة خطة متعددة المراحل لما بعد الحرب على غزة، والتي تفترض سيطرة السلطة الفلسطينية في نهاية المطاف على قطاع غزة، بحسب ما كشفه موقع بوليتيكو الأميركي.
ووفق ما أورده الموقع، في تقرير، الاثنين، فإنّ المسؤولين الأميركيين ينظرون إلى ذلك بأنه “أفضل الخيارات السيئة المتوفرة” لمنطقة أدت الحرب فيها إلى تدمير البنية التحتية، واستشهاد الآلاف من الفلسطينيين وتشريد أكثر من 1.5 مليون آخرين، كما يمكن أن يضع الولايات المتحدة على مسار تصادمي مع الحكومة الإسرائيلية.
المسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض وخارجهما أوضحوا أجزاء من الاستراتيجية في عدة وثائق واجتماعات منذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، وفقاً لاثنين من المسؤولين الأميركيين تحدثا لـ”بوليتيكو”، هما مسؤول في وزارة الخارجية، ومسؤول في الإدارة مطلع على المناقشات.
“نحن في مأزق”
وعلى الرغم من أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وآخرين في الإدارة، أعلنوا أنّ السلطة الفلسطينية “المعاد تنشيطها” يجب أن تدير القطاع، إلا أنهم لم يكشفوا عن تفاصيل حول كيفية تنفيذ ذلك، وواجهوا بالفعل معارضة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي استبعد فعلياً أي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية في غزة.
وقال مسؤول وزارة الخارجية لـ”بوليتيكو”: “نحن في مأزق”، مضيفاً “هناك تفضيل سياسي قوي للسلطة الفلسطينية لتولي حكم غزة، لكن أمامها تحديات كبيرة على صعيد الشرعية والقدرات”.
وبحسب “بوليتيكو”، فإنّ الرؤية الواسعة التي انبثقت عن المحادثات الداخلية هي إعادة إعمار غزة على مراحل متعددة بمجرد انتهاء الحرب، وسط حاجة إلى قوة دولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة في أعقاب ذلك مباشرة، تليها سلطة فلسطينية متجددة تتولى الحكم على المدى الطويل.
ونقل الموقع عن مسؤول أميركي قوله إنّ الأجزاء الرئيسية من الخطة تتمثل في زيادة المساعدات إلى غزة، والسماح بدور أكبر لمنسق أمني أميركي بتقديم المشورة لقوات الأمن الفلسطينية.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: “في نهاية المطاف، نريد أن يكون لدينا هيكل أمني فلسطيني في غزة بعد الحرب”.
وطبقاً لمسؤولين أميركيين، فإنّ الأفكار المطروحة هي أفكار وليدة وتخضع للعديد من المتغيرات التي لا يمكن التنبؤ بها. ويتوقع المسؤولون الأميركيون أن تستمر الحرب على غزة لعدة أسابيع أخرى على الأقل.
وبحسب “بوليتيكو”، فإنّ أي استراتيجية تضعها الولايات المتحدة ستواجه عقبات عديدة، بما في ذلك المخاوف الإسرائيلية والإحباط العربي، على الرغم من أن اللاعبين والمحللين الإقليميين يتفقون بشكل عام على أن واشنطن ستحتاج إلى لعب دور حاسم في مرحلة ما بعد الحرب.
ويقود عملية التخطيط المسؤول في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك، ويساعده تيري وولف، وهو من المخضرمين في وزارتي الدفاع والخارجية ويعمل الآن في مجلس الأمن القومي. ومن ضمن الشخصيات الرئيسية الأخرى المشاركة باربرا ليف، ودان شابيرو، وهادي عمرو، الذين يشغلون مناصب رئيسية في وزارة الخارجية.
انفتاح عربي على إرسال قوات إلى غزة
ولعل التحدي المباشر الأكثر صعوبة هو معرفة من الذي سيلعب دوراً في تحقيق الاستقرار في غزة في المرحلة الانتقالية التي تلي الحرب على غزة.
وقال المسؤول الأميركي الثاني لـ”بوليتيكو” إنه في حين بدت الدول العربية مترددة أو غير راغبة تماماً في إرسال قوات إلى غزة، فقد بدا البعض في المحادثات الأخيرة أكثر انفتاحاً على الفكرة.
وقال المسؤول الأميركي الثاني إنّ الأمم المتحدة يمكن أن تلعب دوراً في غزة في مرحلة ما بعد الحرب على الأقل على الجبهة الإنسانية. ومع ذلك، فإن الأمم المتحدة لا تروق للحكومة الإسرائيلية، وتعتبرها متحيزة ضدها.
ومن المرجح أن تلعب مصر المجاورة دوراً رئيسياً في غزة ما بعد الحرب، بحسب الموقع، كاشفاً أنّ اقتراح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح مع وجود أمني دولي مؤقت، قد وجد أصداء في دوائر إدارة بايدن.
دي كرو، السيسي وسانشيز بالقاهرة، الجمعة الماضي (نيكولا ماترلينك/فرانس برس)
تقارير عربية
الدولة الفلسطينية “منزوعة السلاح”… حتى إسرائيل لم تعد تقبل بها
وقال المسؤول الكبير في إدارة بايدن: “الشيء الغامض إلى حد كبير هو بالضبط ما الذي سيتبقى من حماس في غزة”. وحتى لو كانت أعداد الجماعة منخفضة، فإن حصولهم على الأسلحة يمكن أن يغير بشكل كبير حسابات الدول التي تفكر في إرسال قوات إلى غزة.
واشنطن تريد إدانة العرب لحماس
والأمر الوحيد الذي تأمل الولايات المتحدة بأن تراه هو إدانات أكثر وضوحاً لحركة حماس من قبل الحكام العرب، الذين يكره الكثير منهم سرّاً الحركة، ويرون أنها تشكّل تهديداً محتملاً لحكوماتهم، وفق “بوليتيكو”، مشيراً إلى أنّ الأمر الأساسي في إقناع العديد من الزعماء العرب بالتخطيط الجاد لمرحلة ما بعد الحرب، هو إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
ولا تحظى السلطة الفلسطينية الحالية بشعبية لدى العديد من الفلسطينيين، الذين ينظرون إليها على أنها فاسدة وبعيدة عن الواقع وضعيفة، وفق الموقع.
ولم يتسن الاتصال بمتحدث باسم السلطة الفلسطينية للتعليق، لكن الرئيس محمود عباس قال، في وقت سابق، إنّ السلطة الفلسطينية لن تسيطر على غزة على ظهر الدبابات الإسرائيلية، ما يعني أنها لا تريد أن يُنظر إليها على أنها دمية.
وعلى الرغم من أنّ المسؤولين الأميركيين – بما في ذلك بايدن نفسه – يستخدمون كلمة “أعيد تنشيطها” لوصف آمالهم في وجود سلطة فلسطينية مستقبلية تدير قطاع غزة، إلا أن كلمات مثل “الإصلاح” أو “التجديد” أو “إعادة الهيكلة” ربما تكون أكثر قابلية للتطبيق.
ورداً على طلب للتعليق من الحكومة الإسرائيلية، قال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن نفسه لمناقشة قضية لا تزال قيد المراجعة، إن “الفجوة بين الولايات المتحدة وإسرائيل أقل بكثير مما يمكن تصوره”. وقال المسؤول: “تتفق الحكومتان على أن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي لا يمكنها أن تحكم غزة”.
ومع ذلك، ليس من الواضح ما هو مستوى التغيير في السلطة الفلسطينية الذي قد يرضي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو حلفائه السياسيين.