تمر الشعوب الحرة الكريمة بمنعطفات سياسية وأزمات داخلية وأوجه من الخلافات والصراعات الحزبية، وفي مرحلة من المراحل التي تفتقد الدولة فيها إلى رؤية وطنية صلبة وتعيش مخاضات عسيرة تمر بها وفي زمن المتناقضات تبرز القيادة الوطنية التي تحمل هموم شعبها وتجعل قضيته أساس أهدافها وغاياتها لتحقيق الآفاق المستقبلية والإرادة الوطنية المستقلة، وهي ما تجعل القائد الحقيقي عنوان للتغيير والإصلاح، فلا يتمكن من قيادة وحب الشعب إلا من احتوى قلبه فكر الشعب وقضيته العادلة.
هذه الأسس الرصينة التي حملت السيد الرئيس مسعود البارزاني لزيارة العاصمة ( بغداد) سعيًا لتفاهمات سياسية بعيدة عن المنافع الحزبية والمصالح الفئوية، متمسكًا بفكر ناضج ورؤية صادقة في تحديد مواقع التغيير الجاد نحو آفاق رحبة تحقق أماني وأهداف أبناء الشعب العراقي وتستوعب المرحلة التي يمر بها، مبتعدًا عن مناطق الاختلاف، قريباً من احتواء واستيعاب الآخر.
ان الزيارة التاريخية لبغداد تؤكد عمق العلاقة الإنسانية والآفق الصادق الذي يحمله السيد مسعود البارزاني وهو يحمل معاناة أبناء شعبه الكردي وقضيته في الحياة الكريمة وحقه في العيش بسلام وآمان مع اخوانه من أبناء الشعب العراقي بكافة قومياته وطوائفه، فحمل معه كل ما يعانيه شعبه من أزمات اقتصادية واجتماعية تعمقت بسبب الخلافات السياسية وافتقاره البعض لأوجه التعاون وصدق الحوار، جاء بقلب منفتح لمناقشة جميع الملفات المتعلقة بأمن وسيادة العراق ومعالجة الأوضاع الاقتصادية وإيجاد الحلول الجذرية لها في إقليم كردستان الذي احتضنه بمبادئه وقيمه وتاريخه النضالي في الحركة الكردية التحررية.
اتسمت الزيارة بالمكانة الحقيقية لقائد عراقي أصيل جعل العراق في حدقات عينه وسعى لوحدته الوطنية، وهذا ما تمثل في المكانة السياسية التي يتمتع بها والتي شهدتها أروقة الاجتماعات وقاعات الاستقبال والحفاوة الكبيرة التي لقيها من قبل السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي ساهم بشكل فعال في تحقيق هذه الزيارة مواقفه الوطنية من القضايا التي يعاني منها إقليم كردستان، وحضور القيادات السياسية والحزبية والعسكرية والأمنية من جميع المستويات في الدولة العراقية، وشهدت اللقاءات الودية حضور رسمي دولي واقليمي وعربي تمثل باستقبال السيد الرئيس البارزاني لسفراء ( الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين) وسفراء الأقطار العربية من ( مصر وقطر والكويت) التي تحظى بعلاقات متميزة مع القيادة الكردية التي رسخها السيد البارزاني طيلة حياته التي اتسمت بخدمة بلاده وشعبه،
و استقباله للسفير الإيراني لتأكيد الدور الفعال لإقليم كردستان العراق.
ان زيارة السيد البارزاني تشكل انعطافة سياسية كبيرة وتحول استراتيجي في العلاقة بين إقليم كردستان وبغداد وترسم ملامح قادمة لحوار وطني يأخذ بنظر الاعتبار الأهمية البالغة للعراق ودوره في السياسة الدولية والإقليمية والعربية واعطائه المجال الكبير في صيانة الحقوق الدستورية وتحقيق العدالة الاجتماعية واحترام إرادة الشعب وتعزيز روح الاخوة العربية الكردية وتمتين أواصر العلاقة بين جميع الاحزاب والقيادات السياسية وتحقيق الرؤية الصادقة في الحوار الجاد وتحقيق الأمن المجتمعي والحفاظ على مستقبل وأمن العراق.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة