وزن عنصر المفاجأة فى منظومة إدارة الأزمات: نظرة على الأزمات فى تركيا وإيران وإسرائيل

وزن عنصر المفاجأة فى منظومة إدارة الأزمات: نظرة على الأزمات فى تركيا وإيران وإسرائيل

تتعدد تعريفات الأزمة، وإن اتفقت جميعها على أن الأزمة حالة خارجة عن السيطرة. وعلى الرغم من أنه لا يوجد إجماع حول أفضل سبل إدارة الأزمات، هناك اتفاق على أن “النظام” إذا افتقر إلى خطة طوارئ مدروسة قد يتوقف عن العمل في غضون عامين من تعرضه لكارثة كبرى،[1] الأمر الذى يجعل تتبع أثر ومنهج الأزمات وإدارتها أمراً جديراً بالدراسة، لارتباطه بقدرة النظام ذاته على تلقى الصدمات والبقاء.

تقع الأزمة عادةً إذا اقترن الحدث بعنصر المفاجأة، فالأزمة هي حدث غير مخطط له تسبب فى اضطرابات تنظيمية كبيرة تثير مخاوف الأفراد وقد تهدد سلامتهم أو حياتهم. وتتسع أنواع الأزمات وتتسع مناهج تصنيفها. ويمكن القول إن أنواع الأزمات تشمل ما يلي: الطبيعي والتقنى، والأزمات الناجمة عن الأخطاء التنظيمية، والأزمات الناجمة عن عنف، الأزمات الناجمة عن شائعات، والأزمات الناجمة عن عوامل طبيعية.

خلال الفترة الأخيرة اندلعت أزمات اختلفت أسبابها كما اختلفت نتائجها ولكن اجتمعت جميعها فى حضور عنصر المفاجأة. إذ واجهت تركيا زلزالاً مدمراً ضرب مدينتها الأهم، اسطنبول، فى 27 يناير 2024، وواجهت إيران أزمة “متشابكة” بسقوط طائرة رئيس الجمهورية ومعه كبار المسئولين وعلى رأسهم وزير خارجيته، فى 19 مايو 2024. كما صدمت إسرائيل، إلى حد الارتباك، بعد الهجوم الذى شنته حركة حماس فى 7 أكتوبر 2023.[2]

فى هذا الإطار، يأتى هذا المقال لمحاولة دراسة أثر الأزمات المذكورة على قدرات الحكومات المصابة على المواجهة، متوقفاً عند أهم مناهج التعامل وكذلك جدوى المناهج التى تم اتباعها، محاولاً الإجابة على التساؤل: هل جاهزية الدولة وإجراءاتها الاستباقية كافية لاستيعاب مفاجأة الأزمة وتوفير تعامل أو إدارة ناجحة للأزمة عندما تقع؟

فى هذا السياق، سيتم أولاً استعراض الاقترابات النظرية التى تتناول إدارة الأزمة ليتم الانتقال بعدها إلى التعرف على الأزمات محل النقاش، مروراً بسياسات رد الفعل، وصولاً لجدوى أو فاعلية تلك الإجراءات.

أولا: الاقترابات النظرية المتعلقة بدراسة الأزمات
تتعدد الاقترابات النظرية، وجاء التعدد من حالة التعقد التى تجد الدول أنها فى حاجة للتعامل معها وقت الأزمة. جاء التعدد أيضاً نتيجة لخصوصية البيئة التى تواجه كل أزمة والتى قد تجعل عملية النقل أو النسخ غير مجدية أو على الأقل غير كافية لإنهاء الأزمات.

تزخر الأدبيات السابقة باقترابات ومناهج دراسة الأزمة وإدارتها، ولكن يبدو أن أياً منها لم يحظ بصفة الأفضل أو الأنجح بصورة مطلقة.[3] من بين تلك المناهج: نموذج إدارة الأزمات الاستباقي مقابل رد الفعل، ونموذج فينك للأزمات، نسبة لصاحبه ستيفن فينك[4]، ضمن مجموعة أخرى من النماذج.

وهناك أيضاً الاقتراب العقلانى فى صناعة القرار ورسم السياسات عموماً، وهو أحد أهم الأطر النظرية الملائمة لتحليل الأزمات، حيث يتعين على الإدارة حلها في وقت محدود يحتاج اتخاذ قرارات حاسمة تتعامل مع التهديدات اللاحقة وفى ظل أوضاع غير واضحة ومتقلبة.[5]

يضاف إلى ما سبق الاقتراب أو النموذج الارتباطى لإدارة الأزمات الذى تم تقديمه في عام 2007 من خلال توني جاك، الذى رأى أن العمليات والأنشطة تحدث في وقت واحد، مثل منع الأزمات والتحضير لها، ولا تسير دائماً في اتجاه واحد. وعلى عكس نماذج دورة الحياة، يقترح النموذج الارتباطى ربط إدارة الأزمات ومجال إدارة القضايا بتخصصات متكاملة. تتضمن إدارة القضايا إنشاء أنظمة للتعامل مع المشكلات، في حين أن المشكلات أكثر روتينية من الأزمات، إلا أنها تتداخل لأن المشكلات يمكن أن تصبح مصدراً للأزمات إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح[6].

يتكون النموذج الارتباطى من أربعة عناصر أساسية هى الاستعداد للأزمات، ومنع الأزمات، وإدارة حوادث الأزمات، وإدارة ما بعد الأزمات، ولكل منها مجموعة من الأنشطة والعمليات. وخلص إلى أن فهم العلاقة بين هذه العناصر، ووضعها في سياق الإدارة التنظيمية الأكبر، يقلل من الخسائر المرتبطة بالأزمات.

ويوضح الشكل رقم (1) كيفية عمل الاقتراب الارتباطى فى اتخاذ القرارات وقت الأزمة والذى يأخذ شكلاً دائرياً فى إشارة إلى “ديمومة” عملية الإدارة وهى تبدأ قبل حدوث الأزمة فيما يعرف بإدارة ما قبل الأزمة ثم إدارة الأزمة ذاتها، ويفترض هنا قيام صانع القرار بإثنتى عشر مهمة فرعية من التخطيط إلى التنقيح مع وجود أربعة محاولات فى الخلفية كالاستعداد للأزمة ومنعها.

وقد قدمت بعض الدراسات الأخرى -بخلاف الاقترابات النظرية- استراتيجيات مقترحة لتعزيز وضع الدولة فى التعامل مع الأزمات. وهنا تجدر الإشارة إلى أن عدداً من تلك التحركات يبدأ قبل وقوع الأزمة كما يتطلب بعضها القيام بدراسة للاحتياجات وهو أساس لفعالية التعامل.[7] من تلك الاستراتيجيات: الاعتراف بالضعف وتطوير المرونة، القيام برسم سيناريوهات”ماذا لو؟”، التكيف مع احتياجات الموظفين، إنشاء فرق إدارة الأزمات، التعرف على المخاطر الأساسية التى تواجه الدولة، تحديد الأولويات بشكل واضح ومسبق على أن يكون التعامل مع الأزمات واضحاً بداخل ترتيبها، الاستعداد للتكيف مع الأمور غير المعلومة أو المفاجئة، إجراء التدريبات على إدارة الأزمات وتوثيق ذلك التدريب، التأكد من التواصل مع جميع فرق الأزمات وفعالية قنوات الاتصال، تحديد عوامل الفشل المحتملة ورسم سيناريوهات التعامل معها، الاعتراف الصريح بتحمل المسئولية عند وقوع الأزمات، اختيار استراتيجيات إدارة الأزمات وتطويرها.

وسيحاول المقال تطبيق الاقتراب الارتباطى فى اتخاذ القرارات وقت الأزمات المشار إليها والتى واجهتها إيران وتركيا وإسرائيل.

ثانياً: نظرة عامة على الأزمات الثلاث محل الدراسة
تشابهت الأزمات الثلاث فى الإطار الزمانى والمكانى. فجميعها وقعت خلال الفترة من النصف الثاني من عام 2023 إلى النصف الأول من عام 2024. وهى فى محيط العالم العربى أو الشرق الأوسط. ولكنها تباينت فى الأسباب والمقدمات، وبالتالى تباين وزن عنصر المفاجأة فى تطور الأزمة وكذلك منهج التعامل معها.

فالحالة التركية على الرغم من أن الأزمة محل الدراسة أزمة طبيعية بحتة ولكنها تخضع لسوابق عديدة وكذلك تقديرات أو تنبؤات، كذلك الحال بالنسبة لإسرائيل التى ترفع بصفة دائمة –أو هكذا تظن- درجات التأهب والاستعداد لأى هجوم من فصائل المقاومة. أما بالنسبة للأزمة الإيرانية فإن عنصر المفاجأة يسود المشهد بالكامل، فالمقدمات التى سبقت الأزمة لا توحى بوقوعها بل إن الترتيبات السابقة عليها (التأمينات المرتبطة بالمستوى الرئاسي) تؤدى لضمان تفادى وقوع أزمات.

قد ننظر للأزمات الثلاثة مجتمعة من منظور الأسباب أو العوامل التى أدت إليها وسنجد أنها عوامل خارجية خالصة فى الحالة الإسرائيلية وعوامل ذاتية خالصة فى الحالة التركية وعوامل متشابكة فى الحالة الإيرانية (خطأ فنى، أو مؤامرة أو ظروف حالة الطقس).

ويبدأ التعامل -وفقاً للاقتراب الارتباطى- مع الأزمة قبل حدوثها من خلال التأهب، وإذا نظرنا للحالة الإسرائيلية، سنجد أنه بالفعل اتجهت إسرائيل، منذ بداية القرن الحالى، لإنشاء مراكز إدارة الأزمات من خلال مظلات حكومية وغير حكومية داخلية ودولية، بهدف التعامل بشكل أفضل مع حالات الأزمات، واشتملت مجالات عملها على قضايا العنف وتغير المناخ، وغيرها من القضايا التى دفعت الحكومة إلى الاهتمام بوجود هيئات للتحرك وقت الأزمات وحالات الطوارئ، مثل ائتلاف الأزمات الإسرائيلي الذي تأسس عام 2001 بمبادرة أمريكية للاستعداد لحالات الطوارئ في إسرائيل وحول العالم.[8]والمركز الإسرائيلي لإدارة الأزمات، والموقع الالكترونى IsraelGives من المواقع الأكثر ثقة في إسرائيل للعمل الخيري منذ عام 2009، ويقبل التبرع لأي من المنظمات غير الربحية في إسرائيل البالغ عددها 50.000 مؤسسة، وتتمثل مهمته في تقديم الدعم للمهاجرين.[9]

وهناك أيضاً هيئة الطوارئ الوطنية المكلفة بتنسيق ودمج جميع المنظمات المسئولة عن الدفاع عن الجبهة الداخلية أثناء سيناريوهات الطوارئ. وقد جاء إنشاءها فى 2007 نتيجة للدروس المستفادة خلال حرب لبنان. وتعتبر أداة مهمة تمكن وزير الدفاع من إدارة وتنسيق الاستجابات لحالات الطوارئ في المجال المدني والحفاظ على المرونة الوطنية والاستمرارية الوظيفية خلال الأزمات وحالات الطوارئ.[10] إضافة إلى معهد الجليل الدولي للإدارة، والذي تأسس بهدف إنشاء شبكة عالمية لمواصلة تطوير التفاهم بين الثقافات بمجموعة واسعة من المجالات، بدءاً من الزراعة والصحة وإدارة الأزمات والأمن والتنمية الاقتصادية والنقل والتعليم العالي إلى بناء القدرات.[11]

ويزدحم الداخل الإسرائيلى إذاً بآليات التعامل مع الأزمات. ومع ذلك، فإن هجوم 7 أكتوبر وصف بأنه الهجوم الأقوى الذي شهدته إسرائيل منذ عام 1948.[12] وزاد من صعوبة الأزمة عنصر المفاجأة، وأضاف تحديات فى التعامل معها. وفوراً، أعلنت إسرائيل حالة الحرب، وبالتالى كان رد الفعل الأوّلي يتعلق بالطرف الآخر وليس إجراءً مباشراً للتعامل مع الخسائر. وتم استدعاء ما يزيد عن 300 ألف إسرائيلي إلى الخدمة الاحتياطية، أى تم معالجة أزمة بخلق أزمة جديدة نتجت عن النقص الحاد في الموارد البشرية والاقتصادية الأساسية لقطاعات كثيرة.[13] كذلك قامت الجمعيات بتنشيط فريق الاستجابة للطوارئ الخاص بها لتوفير الدعم المنقذ للحياة للنازحين في إسرائيل وتوفير معلومات أمنية مهمة لطالبي اللجوء والعائلات النازحة..[14] أى لم تُظهِر الحكومة الإسرائيلية تحملها للمسئولية عن وقوع الأزمة.

وفي إيران، بدأت إدارة الأزمة من قبل بعض المسئولين الإيرانيين، بإلقاء المسئولية على الولايات المتحدة الأمريكية، لأن إيران لا تستطيع استيراد قطع الغيار اللازمة لصيانة الطائرات الأمريكية الصنع بسبب العقوبات.[15] وتأخر التلفزيون الإيراني الرسمي فى الإعلان عن أن المروحية التي تقل الرئيس تعرضت لما أسماه “الهبوط الصعب” أثناء طيرانها إلى تبريز وسط ضباب كثيف وأمطار. أى لم تُظهِر الحكومة الإيرانية كذلك تحملها للمسئولية عن وقوع الأزمة، خاصة وأن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية لم تذكر السبب الرئيسي للتحطم وأكدت أن “هناك حاجة إلى مزيد من الوقت للتوصل إلى نتيجة نهائية”.

وتختلف الأزمتان فى إيران وإسرائيل عن الأزمة فى تركيا، حيث تعتبر الأخيرة الأقل فيما يتعلق بعنصر المفاجأة، فمنذ عام واحد بالضبط، ضرب زلزالان بلغت قوتهما 7.8 و7.5 درجة جنوب وجنوب شرق تركيا، وتضرر ما مجموعه 9.1 مليون شخص من كارثة الزلزال.[16] ولذلك تصاعدت دعوات من المتخصصين بضرورة إنشاء هياكل صلبة في أماكن صالحة للبناء، ويلزم أيضاً زيادة التعليم والوعي حول الموضوع، ومن أجل التغلب على الخوف، يجب أن يكون هناك هيكل متين في مكان صلب. هذه هي الطريقة الصحيحة للتصدي للهزات الأرضية متكررة الحدوث.[17]

وعلى الرغم من غياب عنصر المفاجأة نسبياً، تراجعت إجراءات التأهب أو الاستعداد الفعال، لأسباب اقتصادية. وتعتبر المباني التي بنيت قبل عام 1999 – وهو العام الذي ضرب فيه زلزال قوي في شرق بحر مرمرة إسطنبول- مُعرَّضة للخطر، وتمثل ثلثي بناء المدينة، لكن الوضع الاقتصادى (معدل تضخم 65%) صعّب من عملية “إنقاذ المدينة من المأساة”. كان من الصعب إذاً الانتقال من مستوى التخطيط لمستوى التنفيذ، إما لعدم توافر التمويل أو عدم الحصول على الموافقات من الحكومة المركزية نتيجة لتنافسات حزبية.[18]

أضف إلى ذلك، غياب تحمل المسئولية، فى الحالات الثلاث. فقد ساد إلقاء اللوم كسياسة دافعت بها حكومات الدول المتأزمة عن ذاتها ربما بشكل أكبر من التعامل مع الأزمة ذاتها. إذ لامت الحكومة الإيرانية الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدة أنه تم تنفيذ جميع إجراءات السلامة اللازمة لضمان تأمين رحلة مروحية الرئيس، ولكن تهالك المروحية أدى لسقوطها.[19] ولامت إسرائيل حماس. يضاف إلى ذلك أن تلك الدول هرعت فى طلب “النجدة الخارجية”، فطلبت إيران من تركيا وروسيا طائرات هليكوبتر قادرة على الرؤية الليلية.[20] وتم تحديد أول أثر للمروحية بعد تحليق طائرة بدون طيار تركية من أجل البحث. فيما طلبت إسرائيل الدعم الأمريكى.

وقد أشار الاقتراب الارتباطى إلى أهمية الأدلة الاسترشادية. والواقع أن تأخر وصول المعلومة أدى لتعثر عمليات الإنقاذ وغياب المعلومة أدى إلى حالة ارتباك كبرى فى إسرائيل. وبالنسبة لتركيا، فإن غياب المعلومات الخاصة بقدرة المنازل فى المدينة على امتصاص هزات أرضية صعّب أيضاً من إجراءات التأهب.

ختاماً، تعبر الأزمة عن حالة شديدة التعقيد والتشابك. وتتطور الأزمة بين مجموعة عوامل يمكن أن تسهل عملها (عوامل دفع) كالخبرات الدولية السابقة للدولة المتضررة، أو عوامل تزيد أداء مهامها صعوبة (عوامل عرقلة) كأن تكون الدولة المتضررة تعانى بالفعل من تراجع فى الأداء السياسي والاجتماعى، وغيرهما من العوامل التى تم توضيحها من خلال الشكل رقم (2) فى نهاية المقال. ولا تعنى محدودية الموارد بالضرورة محدودية الدخل القومى للدولة ولكن محدودية ما يتم تخصيصه فى “الأوقات العادية” لإدارة الأزمات أو بمعنى أصح للتأهب أو الوقاية.

بتطبيق الاقتراب الارتباطى على الأزمات الثلاث، فربما لم نجد تطبيقاً حرفياً للاقتراب الذى وضع إطاراً متكاملاً لعوامل إدارة الأزمة الناجحة تبدأ قبلها خلال مرحلة التأهب، وربما لا يصلح هذا الاقتراب على الرغم من شموليته مع جميع الحالات خاصة إذا كنا نتحدث عن دول تواجه صعوبات اقتصادية كإيران التى تعانى من عقوبات اقتصادية عرقلت عملية تطويرها لقدراتها المختلفة أو تركيا التى تمر حالياً بصعوبات اقتصادية بالغة من ارتفاع فى معدلات التضخم وما لذلك من أثر فى إجراء مراجعة شاملة لسلامة الأبنية فى المدن الكبرى كاسطنبول.

وسنجد، فى المقابل، إذا رتبنا العوامل الأساسية التى أثرت على إدارة الدول الثلاث لأزماتها سيحل طلب الدعم الخارجى كأهم المعايير، كما رأينا إيران تطلب الدعم من تركيا، وإسرائيل تطلب الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن حالة الارتباك التى سادت الدول الثلاث تدل على الأثر الشديد الذى حمله عنصر المفاجأة فيما يتعلق بقدرة الحكومة على امتصاص الصدمات، أو حتى الاستفادة من الخبرات السابقة أو المشابهة، لكنها بالعكس جعلت المشهد أكثر تعقيداً فى ظل حالة الاستدعاء على مستوى المواطنين لمواقف مشابهة ما أدى إلى انتشار حالة من الذعر (خاصة إسرائيل وتركيا).

فى السياق ذاته، تشابه أيضاً رد الفعل الحكومى فور وقوع الأزمات، متمثلاً فى إلقاء اللوم على طرف آخر، كما فعلت إسرائيل تجاه الفلسطينيين وإيران تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك قبل أن تطلب الدعم أيضاً من أطراف خارجية (الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا على الترتيب)، وبالتالى لن يكون مستغرباً أن تؤدى تلك الأزمات إلى تراجع فى معدلات الثقة فى تلك الحكومات من قبل مواطنيها، وهو الأمر الذى يمكن أن يرفع تكلفة هذه الأزمات سياسياً، بخلاف تكلفتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية التى بدت الحكومات “المتأزمة” غير قادرة على تحملها بالفعل.